الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحْتَمَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِقَطْعِهِ لِلتَّنَفُّسِ، أَوِ الِاسْتِرَاحَةِ عَلَى كَوْنِهَا رَضْعَةً وَاحِدَةً. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ أَلْيَقُ بِكَوْنِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْأُولَى وَاحِدَةً مِنْ كَوْنِ الثَّانِيَةِ رَضْعَةً مُسْتَقِلَّةً، فَتَأَمَّلْهُ.
وَأَمَّا قِيَاسُ الشَّيْخِ لَهُ عَلَى يَسِيرِ السَّعُوطِ وَالْوَجُورِ، فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَقِلٌّ لَيْسَ تَابِعًا لِرَضْعَةٍ قَبْلَهُ، وَلَا هُوَ مِنْ تَمَامِهَا، فَيُقَالُ: رَضْعَةٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تَابِعَةٌ لِلْأُولَى، وَهِيَ مِنْ تَمَامِهَا فَافْتَرَقَا.
[فصل زَمَنُ الرَّضَاعِ الْمُحَرَّمِ]
فَصْلٌ وَالْحُكْمُ الرَّابِعُ: أَنَّ الرَّضَاعَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ مَا كَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ فِي زَمَنِ الِارْتِضَاعِ الْمُعْتَادِ، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وأحمد، وأبو يوسف، ومحمد: هُوَ مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَلَا يُحَرِّمُ مَا كَانَ بَعْدَهُمَا، وَصَحَّ ذَلِكَ عَنْ عمر، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَالشَّعْبِيِّ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ، وَهُوَ قَوْلُ سفيان، وإسحاق، وأبي عبيد، وَابْنِ حَزْمٍ، وابن المنذر، وداود، وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الرَّضَاعُ الْمُحَرِّمُ مَا كَانَ قَبْلَ الْفِطَامِ، وَلَمْ يَحُدُّوهُ بِزَمَنٍ، صَحَّ ذَلِكَ عَنْ أم سلمة، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَرُوِيَ عَنْ علي، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، والحسن، وقتادة، وعكرمة، وَالْأَوْزَاعِيِّ.
قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إِنْ فُطِمَ وَلَهُ عَامٌ وَاحِدٌ وَاسْتَمَرَّ فِطَامُهُ، ثُمَّ رَضَعَ فِي الْحَوْلَيْنِ، لَمْ يُحَرِّمْ هَذَا الرَّضَاعُ شَيْئًا، فَإِنْ تَمَادَى رَضَاعُهُ وَلَمْ يُفْطَمْ، فَمَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ. وَمَا كَانَ بَعْدَهُمَا، فَإِنَّهُ لَا يُحَرِّمُ وَإِنْ تَمَادَى الرَّضَاعُ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الرَّضَاعُ الْمُحَرِّمُ مَا كَانَ فِي الصِّغَرِ، وَلَمْ يُوَقِّتْهُ هَؤُلَاءِ بِوَقْتِ، وَرُوِيَ هَذَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَلَا عائشة رضي الله عنها. وَقَالَ أبو حنيفة وزفر: ثَلَاثُونَ شَهْرًا، وَعَنْ أبي حنيفة رِوَايَةٌ أُخْرَى، كَقَوْلِ أبي يوسف ومحمد.
وَقَالَ مالك فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِ: يُحَرِّمُ فِي الْحَوْلَيْنِ، وَمَا قَارَبَهُمَا، وَلَا حُرْمَةَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. ثُمَّ رُوِيَ عَنْهُ