الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَمْرَيْنِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مُعَارِضٌ فَصَدْرُهُ هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ: ( «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ» ) وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ أسماء، وَعَجُزُهُ: ثُمَّ سَأَلُوهُ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ:( «ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ» ) وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ أبي سعيد: ( «كَذَبَتْ يَهُودُ» )، وَقَدْ يُقَالُ إِنَّ قَوْلَهُ:( «لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا» ) نَهْيٌ أَنْ يَتَسَبَّبَ إِلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ شَبَّهَ الْغَيْلَ بِقَتْلِ الْوَلَدِ، وَلَيْسَ بِقَتْلٍ حَقِيقَةً، وَإِلَّا كَانَ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَكَانَ قَرِينَ الْإِشْرَاكِ بِاللَّهِ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ وَطْءَ الْمَرَاضِعِ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَيَتَعَذُّرُ عَلَى الرَّجُلِ الصَّبْرُ عَنِ امْرَأَتِهِ مُدَّةَ الرَّضَاعِ، وَلَوْ كَانَ وَطْؤُهُنَّ حَرَامًا لَكَانَ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ، وَكَانَ بَيَانُهُ مِنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ، وَلَمْ تُهْمِلْهُ الْأُمَّةُ وَخَيْرُ الْقُرُونِ، وَلَا يُصَرِّحُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِتَحْرِيمِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ حَدِيثَ أسماء عَلَى وَجْهِ الْإِرْشَادِ وَالِاحْتِيَاطِ لِلْوَلَدِ، وَأَنْ لَا يُعَرِّضَهُ لِفَسَادِ اللَّبَنِ بِالْحَمْلِ الطَّارِئِ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ عَادَةُ الْعَرَبِ أَنْ يَسْتَرْضِعُوا لِأَوْلَادِهِمْ غَيْرَ أُمَّهَاتِهِمْ، وَالْمَنْعُ مِنْهُ غَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ سَدِّ الذَّرَائِعِ الَّتِي قَدْ تُفْضِي إِلَى الْإِضْرَارِ بِالْوَلَدِ، وَقَاعِدَةُ بَابِ سَدِّ الذَّرَائِعِ إِذَا عَارَضَهُ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مِرَارًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فِي حُكْمِهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَسْمِ الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ]
ثَبَتَ فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": عَنْ أنس رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: «مِنَ السُّنَّةِ إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ، أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَقَسَمَ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ، أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَسَمَ» . قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: وَلَوْ شِئْتُ لَقُلْتُ إِنَّ أنسا رَفَعَهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو قِلَابَةَ، قَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ عَنْ أنس، كَمَا رَوَاهُ البزار فِي " مُسْنَدِهِ " مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أبي قلابة عَنْ أنس رضي الله عنه أَنَّ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: ( «جَعَلَ لِلْبِكْرِ سَبْعًا وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثًا» ) .
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ أيوب وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ كِلَاهُمَا عَنْ أبي قلابة عَنْ أنس، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:( «إِذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا» ) .
وَفِي " صَحِيحِ مسلم ": عَنْ ( «أم سلمة رضي الله عنها لَمَّا تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: " إِنَّهُ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ إِنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي» )، وَلَهُ فِي لَفْظٍ " لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ فَقَالَ:( «إِنْ شِئْتِ زِدْتُكِ وَحَاسَبْتُكِ بِهِ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثٌ» ) .
وَفِي " السُّنَنِ ": عَنْ عائشة رضي الله عنها كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ وَيَقُولُ: ( «اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» ) يَعْنِي الْقَلْبَ.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم: ( «كَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ» ) .
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ( «أَنَّ سودة وَهَبَتْ يَوْمَهَا لعائشة رضي الله عنها وَكَانَ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لعائشة يَوْمَهَا وَيَوْمَ سودة» ) .
وَفِي " صَحِيحِ مسلم ": ( «إِنَّهُنَّ كُنَّ يَجْتَمِعْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي بَيْتِ الَّتِي يَأْتِيهَا» ) .
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ ": عَنْ (عائشة رضي الله عنها فِي قَوْلِهِ: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا} [النساء: 128] أُنْزِلَتْ فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ عِنْدَ الرَّجُلِ فَتَطُولُ صُحْبَتُهَا فَيُرِيدُ طَلَاقَهَا، فَتَقُولُ: لَا تُطَلِّقْنِي وَأَمْسِكْنِي، وَأَنْتَ فِي حِلٍّ مِنَ النَّفَقَةِ عَلَيَّ وَالْقَسْمِ لِي، فَذَلِكَ قَوْلُهُ {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128] ) .
وَقَضَى خَلِيفَتُهُ الرَّاشِدُ وَابْنُ عَمِّهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَلَى الْأَمَةِ قَسَمَ لِلْأَمَةِ لَيْلَةً، وَلِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ.
وَقَضَاءُ خُلَفَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسَاوِيًا لِقَضَائِهِ، فَهُوَ كَقَضَائِهِ فِي وُجُوبِهِ عَلَى الْأَمَةِ، وَقَدِ احْتَجَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِهَذَا الْقَضَاءِ عَنْ علي رضي الله عنه، وَقَدْ ضَعَّفَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ بالمنهال بن عمرو، وبابن أبي ليلى، وَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا، فَإِنَّهُمَا ثِقَتَانِ حَافِظَانِ جَلِيلَانِ، وَلَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَحْتَجُّونَ بابن أبي ليلى عَلَى شَيْءٍ مَا فِي حِفْظِهِ يُتَّقَى مِنْهُ مَا خَالَفَ فِيهِ
الْأَثْبَاتَ وَمَا تَفَرَّدَ بِهِ عَنِ النَّاسِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ مَدْفُوعٍ عَنِ الْأَمَانَةِ وَالصَّدْقِ فَتَضَمَّنَ هَذَا الْقَضَاءُ أُمُورًا.
مِنْهَا وُجُوبُ قَسْمِ الِابْتِدَاءِ وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا تَزَوَّجَ بِكْرًا عَلَى ثَيِّبٍ، أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا ثُمَّ سَوَّى بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا خَيَّرَهَا بَيْنَ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا سَبْعًا، ثُمَّ يَقْضِيهَا لِلْبَوَاقِي وَبَيْنَ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا وَلَا يُحَاسِبُهَا، هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَخَالَفَ فِيهِ إِمَامُ أَهْلِ الرَّأْيِ وَإِمَامُ أَهْلِ الظَّاهِرِ، وَقَالُوا: لَا حَقَّ لِلْجَدِيدَةِ غَيْرَ مَا تَسْتَحِقُّهُ الَّتِي عِنْدَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا.
وَمِنْهَا. أَنَّ الثَّيِّبَ إِذَا اخْتَارَتِ السَّبْعَ قَضَاهُنَّ لِلْبَوَاقِي، وَاحْتَسَبَ عَلَيْهَا بِالثَّلَاثِ، وَلَوِ اخْتَارَتِ الثَّلَاثَ لَمْ يَحْتَسِبْ عَلَيْهَا بِهَا، وَعَلَى هَذَا مَنْ سُومِحَ بِثَلَاثٍ دُونَ مَا فَوْقَهَا فَفَعَلَ أَكْثَرَ مِنْهَا، دَخَلَتِ الثَّلَاثُ فِي الَّذِي لَمْ يُسَامِحْ بِهِ بِحَيْثُ لَوْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إِثْمٌ، أَثِمَ عَلَى الْجَمِيعِ وَهَذَا كَمَا رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يُقِيمَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا. فَلَوْ أَقَامَ أَبَدًا ذُمَّ عَلَى الْإِقَامَةِ كُلِّهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ النِّسَاءِ فِي الْمَحَبَّةِ فَإِنَّهَا لَا، تُمْلَكُ وَكَانَتْ عائشة رضي الله عنها أَحَبَّ نِسَائِهِ إِلَيْهِ. وَأُخِذَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُنَّ فِي الْوَطْءِ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْمَحَبَّةِ وَالْمَيْلِ وَهِيَ بِيَدِ مُقَلِّبِ الْقُلُوبِ.
وَفِي هَذَا تَفْصِيلٌ: وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ تَرَكَهُ لِعَدَمِ الدَّاعِي إِلَيْهِ وَعَدَمِ الِانْتِشَارِ فَهُوَ مَعْذُورٌ، وَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ الدَّاعِي إِلَيْهِ، وَلَكِنَّ دَاعِيَهُ إِلَى الضَّرَّةِ أَقْوَى، فَهَذَا مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ قُدْرَتِهِ وَمِلْكِهِ فَإِنْ أَدَّى الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْهُ، لَمْ يَبْقَ لَهَا حَقٌّ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ التَّسْوِيَةُ، وَإِنْ تَرَكَ الْوَاجِبَ مِنْهُ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ.
وَمِنْهَا: إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِإِحْدَاهُنَّ إِلَّا بِقُرْعَةٍ.
وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَا يَقْضِي لِلْبَوَاقِي إِذَا قَدِمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَقْضِي لِلْبَوَاقِي.
وَفِي هَذَا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَقْضِي سَوَاءٌ أَقْرَعَ أَوْ لَمْ يُقْرِعْ، وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة ومالك.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَقْضِي لِلْبَوَاقِي أَقْرَعَ أَوْ لَمْ يُقْرِعْ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ إِنْ أَقْرَعَ لَمْ يَقْضِ، وَإِنْ لَمْ يُقْرِعْ قَضَى، وَهَذَا قَوْلُ أحمد وَالشَّافِعِيِّ.
وَمِنْهَا: أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَهَبَ لَيْلَتَهَا لِضَرَّتِهَا، فَلَا يَجُوزُ لَهُ جَعْلُهَا لِغَيْرِ الْمَوْهُوبَةِ، وَإِنْ وَهَبَتْهَا لِلزَّوْجِ، فَلَهُ جَعْلُهَا لِمَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ اللَّيْلَةَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ فَإِذَا أَسَقَطَتْهَا وَجَعَلَتْهَا لِضَرَّتِهَا تَعَيَّنَتْ لَهَا، وَإِذَا جَعَلَتْهَا لِلزَّوْجِ جَعَلَهَا لِمَنْ شَاءَ مِنْ نِسَائِهِ، فَإِذَا اتَّفَقَ أَنْ تَكُونَ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ تَلِي لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ، قَسَمَ لَهَا لَيْلَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَلِيهَا فَهَلْ لَهُ نَقْلُهَا إِلَى مُجَاوَرَتِهَا فَيَجْعَلُ اللَّيْلَتَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْفُقَهَاءِ وَهُمَا فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الرَّجُلَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ فِي يَوْمِ إِحْدَاهُنَّ، وَلَكِنْ لَا يَطَؤُهَا فِي غَيْرِ نَوْبَتِهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ لِنِسَائِهِ كُلِّهِنَّ أَنْ يَجْتَمِعْنَ فِي بَيْتِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ يَتَحَدَّثْنَ إِلَى أَنْ يَجِيءَ وَقْتُ النَّوْمِ، فَتَؤُوبَ كُلُّ وَاحِدَةٍ إِلَى مَنْزِلِهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَضَى وَطَرًا مِنَ امْرَأَتِهِ، وَكَرِهَتْهَا نَفْسُهُ، أَوْ عَجَزَ عَنْ حُقُوقِهَا، فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا، وَلَهُ أَنْ يُخَيِّرَهَا إِنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ عِنْدَهُ، وَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْقَسْمِ وَالْوَطْءِ وَالنَّفَقَةِ، أَوْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَصْطَلِحَانِ عَلَيْهِ، فَإِذَا رَضِيَتْ بِذَلِكَ، لَزِمَ، وَلَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ بَعْدَ الرِّضَى.
هَذَا مُوجَبُ السُّنَّةِ وَمُقْتَضَاهَا وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَسُوغُ غَيْرُهُ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ حَقَّهَا يَتَجَدَّدُ، فَلَهَا الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ مَتَى شَاءَتْ فَاسِدٌ، فَإِنَّ هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْمُعَاوَضَةِ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى صُلْحًا، فَيَلْزَمُ كَمَا يَلْزَمُ مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مِنْ