الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قِيلَ أَمَّا خَبَرُ الغازي بن جبلة فَفِيهِ ثَلَاثُ عِلَلٍ: إِحْدَاهَا: ضَعْفُ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، وَالثَّانِيَةُ: لِينُ الغازي بن جبلة، وَالثَّالِثَةُ: تَدْلِيسُ بَقِيَّةَ الرَّاوِي عَنْهُ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ قَالَ أبو محمد ابن حزم: وَهَذَا خَبَرٌ فِي غَايَةِ السُّقُوطِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: (كُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ) فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عطاء بن عجلان، وَضَعْفُهُ مَشْهُورٌ، وَقَدْ رُمِيَ بِالْكَذِبِ. قَالَ أبو محمد ابن حزم: وَهَذَا الْخَبَرُ شَرٌّ مِنَ الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا أَثَرُ عمر فَالصَّحِيحُ عَنْهُ خِلَافُهُ، كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يُعْلَمُ مُعَاصَرَةُ المعافري لعمر وفرج بن فضالة فِيهِ ضَعْفٌ.
وَأَمَّا أَثَرُ علي، فَالَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ النَّاسُ أَنَّهُ كَانَ لَا يُجِيزُ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حميد عَنِ الحسن أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: كَانَ لَا يُجِيزُ طَلَاقَ الْمُكْرَهِ. فَإِنْ صَحَّ عَنْهُ مَا ذَكَرْتُمْ فَهُوَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِهَذَا.
[فَصْلٌ طَلَاقُ السَّكْرَانِ]
فَصْلٌ وَأَمَّا طَلَاقُ السَّكْرَانِ فَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: 43][النِّسَاءِ: 43] فَجَعَلَ سُبْحَانَهُ قَوْلَ السَّكْرَانِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا يَقُولُ وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِالْمُقِرِّ بِالزِّنَى أَنْ يُسْتَنْكَهَ لِيُعْتَبَرَ قَوْلُهُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ أَوْ يُلْغَى.
وَفِي " صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ " فِي «قِصَّةِ حمزة لَمَّا عَقَرَ بَعِيرَيْ علي فَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَقَفَ عَلَيْهِ يَلُومُهُ فَصَعَّدَ فِيهِ النَّظَرَ وَصَوَّبَهُ وَهُوَ سَكْرَانُ ثُمَّ قَالَ: هَلْ >
أَنْتُمْ إِلَّا عَبِيدٌ لِأَبِي، فَنَكَصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَقِبَيْهِ» . وَهَذَا الْقَوْلُ لَوْ قَالَهُ غَيْرُ سَكْرَانَ، لَكَانَ رِدَّةً وَكُفْرًا، وَلَمْ يُؤَاخَذْ بِذَلِكَ حمزة.
وَصَحَّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: (لَيْسَ لِمَجْنُونٍ، وَلَا سَكْرَانَ طَلَاقٌ) ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ.
وَقَالَ عطاء: (طَلَاقُ السَّكْرَانِ لَا يَجُوزُ)، وَقَالَ ابن طاووس عَنْ أَبِيهِ:(طَلَاقُ السَّكْرَانِ لَا يَجُوزُ) . وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: لَا يَجُوزُ طَلَاقُهُ.
وَصَحَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ أُتِيَ بِسَكْرَانَ طَلَّقَ، فَاسْتَحْلَفَهُ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: لَقَدْ طَلَّقَهَا وَهُوَ لَا يَعْقِلُ، فَحَلَفَ، فَرَدَّ إِلَيْهِ امْرَأَتَهُ، وَضَرَبَهُ الْحَدَّ.
وَهُوَ مَذْهَبُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وحميد بن عبد الرحمن، وربيعة، وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وعبد الله بن الحسن، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَالشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ المزني وَغَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَذْهَبُ أحمد فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْهُ، وَهِيَ الَّتِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهَا مَذْهَبُهُ، وَصَرَّحَ بِرُجُوعِهِ إِلَيْهَا، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ أبي طالب: الَّذِي لَا يَأْمُرُ بِالطَّلَاقِ، إِنَّمَا أَتَى خَصْلَةً وَاحِدَةً، وَالَّذِي يَأْمُرُ بِالطَّلَاقِ فَقَدْ أَتَى خَصْلَتَيْنِ؛ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ، وَأَحَلَّهَا لِغَيْرِهِ، فَهَذَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا، وَأَنَا أَتَّقِي جَمِيعًا. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الميموني: قَدْ كُنْتُ أَقُولُ إِنَّ طَلَاقَ السَّكْرَانِ يَجُوزُ حَتَّى تَبَيَّنْتُهُ، فَغَلَبَ عَلَيَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ، لَمْ يَلْزَمْهُ، وَلَوْ بَاعَ لَمْ
يَجُزْ بَيْعُهُ، قَالَ: وَأَلْزَمَهُ الْجِنَايَةَ، وَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا يَلْزَمُهُ. قَالَ أبو بكر عبد العزيز: وَبِهَذَا أَقُولُ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ كُلِّهِمْ، وَاخْتَارَهُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ.
وَالَّذِينَ أَوْقَعُوهُ لَهُمْ سَبْعَةُ مَآخِذَ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُكَلَّفٌ، وَلِهَذَا يُؤَاخَذُ بِجِنَايَاتِهِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ إِيقَاعَ الطَّلَاقِ عُقُوبَةٌ لَهُ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّ تَرَتُّبَ الطَّلَاقِ عَلَى التَّطْلِيقِ مِنْ بَابِ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِأَسْبَابِهَا، فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ السُّكْرُ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ أَقَامُوهُ مَقَامَ الصَّاحِي فِي كَلَامِهِ، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَحَدُّ الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ.
وَالْخَامِسُ: حَدِيثُ: ( «لَا قَيْلُولَةَ فِي الطَّلَاقِ» ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
السَّادِسُ: حَدِيثُ: ( «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ» ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَالسَّابِعُ: أَنَّ الصَّحَابَةَ أَوْقَعُوا عَلَيْهِ الطَّلَاقَ، فَرَوَاهُ أبو عبيد عَنْ عمر، ومعاوية، وَرَوَاهُ غَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ أبو عبيد: حَدَّثْنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ الزبير بن الحارث، عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ سَكْرَانُ، فَرُفِعَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ فَفَرَّقَ عمر بَيْنَهُمَا.
قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ نافع بن يزيد، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، أَنَّ معاوية أَجَازَ طَلَاقَ السَّكْرَانِ. هَذَا جَمِيعُ مَا احْتَجُّوا بِهِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ حُجَّةٌ أَصْلًا.
فَأَمَّا الْمَأْخَذُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ، فَبَاطِلٌ، إِذِ الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ الْعَقْلُ، وَمَنْ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ فَلَيْسَ بِمُكَلَّفٍ.
وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ مُكَلَّفًا، لَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ طَلَاقُهُ إِذَا كَانَ مُكْرَهًا عَلَى شُرْبِهَا، أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا خَمْرٌ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ.
وَأَمَّا خِطَابُهُ، فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الَّذِي يَعْقِلُ الْخِطَابَ، أَوْ عَلَى الصَّاحِي، وَأَنَّهُ نُهِيَ عَنِ السُّكْرِ إِذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَعْقِلُ فَلَا يُؤْمَرُ وَلَا يُنْهَى.
وَأَمَّا إِلْزَامُهُ بِجِنَايَاتِهِ، فَمَحَلُّ نِزَاعٍ لَا مَحَلُّ وِفَاقٍ، فَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتَّيُّ: لَا يَلْزَمُهُ عَقْدٌ وَلَا بَيْعٌ وَلَا حَدٌّ، إِلَّا حَدَّ الْخَمْرِ فَقَطْ، وَهَذَا إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي كُلِّ فِعْلٍ يُعْتَبَرُ لَهُ الْعَقْلُ.
وَالَّذِينَ اعْتَبَرُوا أَفْعَالَهُ دُونَ أَقْوَالِهِ، فَرَّقُوا بِفَرْقَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ إِسْقَاطَ أَفْعَالِهِ ذَرِيعَةٌ إِلَى تَعْطِيلِ الْقِصَاصِ، إِذْ كُلُّ مَنْ أَرَادَ قَتْلَ غَيْرِهِ أَوِ الزِّنَى أَوِ السَّرِقَةَ أَوِ الْحِرَابَ، سَكِرَ وَفَعَلَ ذَلِكَ، فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إِذَا أَتَى جُرْمًا وَاحِدًا، فَإِذَا تَضَاعَفَ جُرْمُهُ بِالسُّكْرِ كَيْفَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ؟ هَذَا مِمَّا تَأْبَاهُ قَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ وَأُصُولُهَا، وَقَالَ أحمد مُنْكِرًا عَلَى مَنْ قَالَ ذَلِكَ: وَبَعْضُ مَنْ يَرَى طَلَاقَ السَّكْرَانِ لَيْسَ بِجَائِزٍ يَزْعُمُ أَنَّ السَّكْرَانَ لَوْ جَنَى جِنَايَةً، أَوْ أَتَى حَدًّا، أَوْ تَرَكَ الصِّيَامَ أَوِ الصَّلَاةَ، كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَرْسَمِ وَالْمَجْنُونِ، هَذَا كَلَامُ سُوءٍ.
وَالْفَرْقُ الثَّانِي: أَنَّ إِلْغَاءَ أَقْوَالِهِ لَا يَتَضَمَّنُ مَفْسَدَةً؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ الْمُجَرَّدَ مِنْ غَيْرِ الْعَاقِلِ لَا مَفْسَدَةَ فِيهِ بِخِلَافِ الْأَفْعَالِ، فَإِنَّ مَفَاسِدَهَا لَا يُمْكِنُ إِلْغَاؤُهَا إِذَا وَقَعَتْ، فَإِلْغَاءُ أَفْعَالِهِ ضَرَرٌ مَحْضٌ، وَفَسَادٌ مُنْتَشِرٌ بِخِلَافِ أَقْوَالِهِ، فَإِنْ صَحَّ هَذَانِ الْفَرْقَانِ، بَطَلَ الْإِلْحَاقُ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّا كَانَتِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ مُتَعَيِّنَةً.
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ الثَّانِي - وَهُوَ أَنَّ إِيقَاعَ الطَّلَاقِ بِهِ عُقُوبَةٌ لَهُ - فَفِي غَايَةِ الضَّعْفِ، فَإِنَّ الْحَدَّ يَكْفِيهِ عُقُوبَةً، وَقَدْ حَصَلَ رِضَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنْ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ
بِالْحَدِّ، وَلَا عَهْدَ لَنَا فِي الشَّرِيعَةِ بِالْعُقُوبَةِ بِالطَّلَاقِ، وَالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ.
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ الثَّالِثُ: أَنَّ إِيقَاعَ الطَّلَاقِ بِهِ مِنْ رَبْطِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ، فَفِي غَايَةِ الْفَسَادِ وَالسُّقُوطِ، فَإِنَّ هَذَا يُوجِبُ إِيقَاعَ الطَّلَاقِ مِمَّنْ سَكِرَ مُكْرَهًا، أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهَا خَمْرٌ، وَبِالْمَجْنُونِ وَالْمُبَرْسَمِ، بَلْ وَبِالنَّائِمِ، ثُمَّ يُقَالُ: وَهَلْ ثَبَتَ لَكُمْ أَنَّ طَلَاقَ السَّكْرَانِ سَبَبٌ حَتَّى يُرْبَطَ الْحُكْمُ بِهِ، وَهَلِ النِّزَاعُ إِلَّا فِي ذَلِكَ؟ .
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ جَعَلُوهُ كَالصَّاحِي فِي قَوْلِهِمْ: إِذَا شَرِبَ سَكِرَ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى. فَهُوَ خَبَرٌ لَا يَصِحُّ الْبَتَّةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ: وَهُوَ خَبَرٌ مَكْذُوبٌ قَدْ نَزَّهَ اللَّهُ عليا وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ مِنْهُ، وَفِيهِ مِنَ الْمُنَاقَضَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِهِ، فَإِنَّ فِيهِ إِيجَابَ الْحَدِّ عَلَى مَنْ هَذَى وَالْهَاذِي لَا حَدَّ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ الْخَامِسُ وَهُوَ حَدِيثُ: ( «لَا قَيْلُولَةَ فِي الطَّلَاقِ» ) ، فَخَبَرٌ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ صَحَّ لَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى طَلَاقِ مُكَلَّفٍ يَعْقِلُ دُونَ مَنْ لَا يَعْقِلُ، وَلِهَذَا لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ طَلَاقُ الْمَجْنُونِ وَالْمُبَرْسَمِ وَالصَّبِيِّ.
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ السَّادِسُ، وَهُوَ خَبَرُ:( «كُلُّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ» ) ، فَمِثْلُهُ سَوَاءٌ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ فِي الْمُكَلَّفِ، وَجَوَابٌ ثَالِثٌ: أَنَّ السَّكْرَانَ الَّذِي لَا يَعْقِلُ إِمَّا مَعْتُوهٌ، وَإِمَّا مُلْحَقٌ بِهِ، وَقَدِ ادَّعَتْ طَائِفَةٌ أَنَّهُ مَعْتُوهٌ. قَالُوا: الْمَعْتُوهُ فِي اللُّغَةِ: الَّذِي لَا عَقْلَ لَهُ، وَلَا يَدْرِي مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ.
وَأَمَّا الْمَأْخَذُ السَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَوْقَعُوا عَلَيْهِ الطَّلَاقَ، فَالصَّحَابَةُ