الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من قبل الصحابة في التعامل معهم؛ لأن ما ينطبق على فئة قد لا ينطبق على الأخرى، بالإضافة إلى أن وضع المدعو قد يكون عاملاً مساعداً للداعي، وقد يكون العكس فيكون عقبة في طريق الدعوة.
وفي هذا المطلب سوف نقوم بتقسيم المدعوين المشركين ممن قام الصحابة رضي الله عنهم بدعوتهم إلى ثلاث فئات رئيسة؛ وذلك لأن حال المدعوين من المشركين لا يخرج من هذه الفئات وهي:
1 -
ذوو القربى.
2 -
الملأ.
3 -
العامة.
وسوف نبين تفصيل كل فئة، وكيف كان منهج الصحابة في التعامل مع كل منها عند دعوتهم، ومدى أثر ذلك فيهم.
أولاً: المدعوون من ذوي القربى:
كان من دعوة الصحابة رضي الله عنهم دعوتهم لذوي القربى، وذلك بناءً على الانتماء الأسري والترابط العائلي الذي يجعل الداعي والمدعو قريبين من بعضهما، كما أنه يدخل ضمن الحماية والنصرة؛ لأن الأقارب يعطون الداعي حصانة ضد من يحاول التعدي عليه، فكان لدعوتهم أولوية عن دعوة الأباعد.
ولأن عامل القرابة هو من العوامل المهمة في استجابة المدعو، فقد كان للرسل دور في ذلك، فهذا نوح عليه السلام يدعو ابنه، قال تعالى:{وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ}
(1)
، وهذا إبراهيم عليه السلام يدعو والده، قال تعالى:{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (42) يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (43) يَاأَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا (44) يَاأَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا}
(2)
، ولرسولنا صلى الله عليه وسلم مثال في دعوة أهله، قال تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}
(3)
، وقد حاول صلى الله عليه وسلم في عمه أبي طالب أن يدخل الإسلام، وأول من آمن به زوجته خديجة رضي الله عنها، وفي ذلك كله دليل على أهمية دعوة ذوي القربى، وأنهم أولى بالخير من غيرهم، كما أن رابط القرابة يوجب على الداعي دعوتهم، وجعل هذا الرابط لنشر الإسلام ونصرة الدين.
وقد سلك الصحابة رضي الله عنهم مسلك الرسول صلى الله عليه وسلم والأنبياء عليهم السلام من قبله في دعوة الأقارب، واتخاذ نهج خاص بهم، فالمدعو من ذوي القربى يختلف عن المدعو من غيرهم، فرابط العاطفة والمصير المتقارب، واللقاء شبه المستمر، والمصالح الواحدة، كل ذلك يجعل الصحابة يحرصون على دعوة أهليهم بدافع حمايتهم
(1)
سورة هود، الآية:42.
(2)
سورة مريم، الآيات: 42 - 45.
(3)
سورة الشعراء، الآية:214.