الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه الشروط هي الحد الأدنى الواجب توافرها في الداعية المختص، والذي وفقه الله لهذه المهمة ليكون كما قال الله تعالى عنه:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}
(1)
.
ثانياً: استثمار الجوانب الإيجابية لدى الداعي إلى الله:
لكل أمر من الأمور جوانب عدة منها الإيجابي ومنها السلبي، وكل شخص لديه أيضاً نقاط ضعف ونقاط قوة، وقد تكون هي ما يميز كل شخص عن الآخر، فهذه الميزات، إما أن تكون في التكوين الخَلقي للشخص: كالجسم والصوت والشكل والهيئة، أو تكون في خُلقه: كاللطف والعاطفة والشجاعة والكرم، وقد تكون هذه الميزة خارجة عن ذات الشخص فتكون في البيئة المرتبطة به: كالزعامة والمكانة والخصومة وقوة القبيلة وكثرة المال والأعوان
…
إلخ. ومن هنا نجد أن كل داعٍ لديه ميزة أو أكثر يستطيع استثمارها في الدعوة إلى الله، وهو ما قام به صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من استثمار لهذه الجوانب والميزات التي وهبهم الله إياها، كل حسب استطاعته، وذلك من أجل نشر هذا الدين وتبليغ رسالة الله سبحانه وتعالى، وإكمالاً لرسالة النبي صلى الله عليه وسلم. ومن هذه الجوانب التي اعتنى بها الصحابة في دعوتهم ما يأتي:
أ) مكانة الداعي:
لمكانة الشخص ومنزلته بين العرب وضع خاص، وميزة لكل من يتبوؤها، فنجد أن العرب تنظر إلى زعماء القبائل ووجهائها نظرة إجلال وتقدير، وأنه
(1)
سورة فصلت، الآية:33.
ما وصل إلى هذه المكانة إلا بأمور منها رجاحة العقل، والتي يترتب عليها أمور كثيرة في قبيلته، فهو من يقرر الحرب والسلم، وذو رأي ومشورة وشجاعة وكرم، فمتى اجتمعت هذه الأمور لدى أحد منهم تبعوه وأسلموا له رأيهم، يقول لقيط بن معمر الأيادي يخاطب قبيلته وينصحهم باختيار قائد لهم
(1)
:
وقلدوا أمركم لله دركم
…
رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفاً إن رخاء العيش ساعده
…
ولا إذا عض مكروه به خشعا
ما زال يحلب در الدهر أشطره
…
يكون مُتّبِعَاً طوراً ومُتَّبَعَا
حتى استمرت على شزر مريرته
…
مستحكم السن لا قحماً ولا ضرعا
ومن هنا نجد أن المكانة عند العرب لها مقاييس خاصة ومعايير محددة متى ما توافرت في شخص ما رفعته وأعلت مكانته بين قومه، وهذه الميزة توافرت في عدد من الصحابة، وكان لها الأثر في دعوتهم لأقوامهم، ومن هؤلاء الصحابي سعد بن معاذ رضي الله عنه، عندما عاد إلى قومه من عند مصعب بن عمير رضي الله عنه وقد أسلم، فلما وقف عليهم قال: يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا: سيدنا وأفضلنا رأياً وأيمننا نقيبة، قال: فإن كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تؤمنوا بالله وبرسوله، قالا
(2)
: فوالله ما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلماً أو مسلمة.
(1)
الشعر والشعراء، ابن قتيبة، 1/ 196 - 197.
(2)
أي مصعب بن عمير وأسعد بن زرارة رضي الله عنهما.