الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي مَن عاداه وعذبه، فيقول لها: يا أمَّه، إني لك ناصح وعليك شفيق فاشهدي أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. وهذا طليب بن عمير رضي الله عنه يحرص على إسلام أمه أروى بنت عبدالمطلب ويدعوها ويرغِّبها حتى أسلمت. كما أن في دعوتهم رضي الله عنهم أهلهم أيضاً تذكيراً بصلة الرحم، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم اتصف بها، فعندما لحقت أم حكيم بزوجها عكرمة لتؤمِّنه وتدعوه كان مما قالت له:"يا ابن عم، جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس"، فذكرت الوصل في رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبين أن نبي هذا الدين هو نبي صلة الرحم. وعندما دعا عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه قومه كان فيما قال:"إني رسول رسول الله إليكم أدعوكم إلى الإسلام وآمركم بحقن الدماء وصلة الأرحام". وكم من المواقف التي وصل الصحابة فيها رحمهم دعوة للإسلام، ودعوا إليها رضي الله عنهم.
5 - دعوة الصحابة رضي الله عنهم إلى المروءة:
"يقول الليث: المروءة: كمال الرجولة، وقيل للأحنف: ما المروءة؟ قال: العفة والحرفة"
(1)
، ويقول الفيومي:"إن المروءة هي آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات"
(2)
، وبما أن المروءة هي ما ذكرنا تعريفه آنفاً فإن الصحابة رضي الله عنهم اتصفوا بها وتواصوا عليها وذلك اتباعاً للرسول صلى الله عليه وسلم في الحث على كثير من أمور المروءة ومكارم الأخلاق، قال صلى الله عليه وسلم:"إن الله كريم يحب الكرم ومعالي الأخلاق ويبغض سفاسفها"
(3)
.
(1)
تهذيب اللغة، الأزهري، كتاب الراء، أبواب الثلاث المعتل، باب الراء والميم، 15/ 286 - 287.
(2)
المصباح المنير، الفيومي، كتاب الميم، ص 294.
(3)
المستدرك على الصحيحين، الحاكم، كتاب الأيمان، رقم 151، 1/ 146. حديث صحيح (الألباني، سلسلة الأحاديث الصحيحة، رقم 1378، 3/ 366).
وقد جعل الصحابة رضي الله عنهم للمروءة ومعالي الأخلاق نصيباً في دعوتهم، ففي دعوة عمرو بن مرة الجهني لقومه التي ذكرنا بعضها في الفقرة السابقة، دعوة إلى المروءة وتجنب سفاسف الأمور، فيقول لقومه:"يا معشر جهينة، إن الله جعلكم خيار من أنتم منه، وبغَّض إليكم في جاهليتكم ما حبَّب إلى غيركم من الرفق؛ لأنهم كانوا يجمعون بين الأختين، ويخلف الرجل على امرأة أبيه، والترات في الشهر الحرام، فأجيبوا هذا النبي المرسل من بني لؤي بن غالب تنالوا شرف الدنيا وكرامة الآخرة"، فقد بين أنهم من خيار العرب بسبب المروءات التي يتحلون بها وهي ما يدعو الإسلام إليها.
وفي دعوة العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه للمنذر بن ساوى أيضاً دعوة إلى المروءة ومعالي الأخلاق، ومن ذلك قوله عن الرسول صلى الله عليه وسلم:"هل ينبغي لمن لا يكذب أن لا تصدِّقه، ولمن لا يخون أن لا تأمنه، ولمن لا يخلف أن لا تثق به؟ " فعدَّد العلاء رضي الله عنه أمور المروءة من الصدق والأمانة والثقة وأنها من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به من عند ربه، فحري بكل من لديه مروءة أن يصدق ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.