الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكة، بل أيضاً من أهل الطائف، فكما يذكر ابن هشام في "السيرة النبوية" أنه عندما نزل صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة من أشرافهم ودعاهم لم يستجيبوا له، بل أغروا سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به
(1)
.
ومما واجه الصحابة رضي الله عنهم من الملأ من المشركين وصدهم عن الدعوة والإسلام تعذيبهم لهم؛ فقد عذب أبو جهل عمار بن ياسر رضي الله عنه، وعذب أمية بلال بن رباح رضي الله عنه، وعُذِّب من ليس له حامٍ يحميه في مكة حتى هاجروا إلى الحبشة فراراً بدينهم، بل إن الملأ من قريش أرسلوا من يعيدهم من الحبشة.
كما أن الملأ من المشركين أيضاً في كل مكان كانوا حجر عثرة في دعوة الصحابة؛ فقد قتلوا عروة بن مسعود في الطائف عندما دعاهم إلى الإسلام، ومنع ملأ فارس أقوامهم من الدخول إلى الإسلام بالسلم، واختاروا الحرب على ذلك، وبذلك كان للملأ من المشركين دور كبير في الصد عن الإسلام؛ لأن الناس مولعون بالملأ ومتعلقون بهم، فإنهم يتأثرون بهم ويتبعونهم على الحق والباطل، فالصغير مولع بالكبير، والمغلوب تابع للغالب، والمرؤوس مبهور بالرئيس، فهذه طبيعة البشر، فإن اهتدى الملأ اهتدى الناس، وإن ضلوا ضل الناس تبعاً لهم إلا من رحم الله.
ب) دور الملأ في نصرة الدعوة:
كما أن الملأ عامل صد قوي عن الإسلام، فهم أيضاً عامل نصرة وتمكين
(1)
انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، 1/ 383.
للدعوة، كما ذكرنا أن دعم أبي طالب لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان له أثر كبير في نشر الدعوة بين الناس لما في ذلك من تأمين له وحماية من الأذى.
ولعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دعوة الملأ وإسلامهم فيه نصرة للدين، فقد حرص على ذلك، فكان يتردد على مجالسهم ويكلمهم ويدعوهم، ومن دلائل عزة الإسلام وقوته بإسلام الملأ إسلام حمزة بن عبدالمطلب وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما؛ حيث أصبح للمسلمين قوة وعزيمة وارتفعت معنوياتهم حتى علموا أن الإسلام قد نُصر وعز، وفي ذلك إشارة لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم عن إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال: (اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك، بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب (
(1)
، وذلك دليل على أن الملأ هم نصرة للدين، وعز للإسلام إذا أسلموا.
وقد كان لإسلام كثير من الملأ تأثير في دعوة قومهم واستجابتهم للدعوة بدون تردد، ومن هؤلاء سعد بن معاذ، والطفيل بن عمرو الدوسي، وضمام بن ثعلبة، وعمرو بن مرة الجهني رضي الله عنهم، فعندما أسلموا أسلم معهم قومهم.
كما كان من نصرة ملأ المشركين للمسلمين مما ساعد على دعوتهم، إجارة بعضهم لبعض المسلمين، كإجارة ابن الدغنة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه
(2)
، وإجارة الوليد بن المغيرة لعثمان بن مظعون رضي الله عنه، وأبو سلمة رضي الله عنه في جوار أبي طالب
(3)
.
(1)
جامع الترمذي، أبواب المناقب، باب مناقب أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه، رقم 3681، ص 838. حديث حسن صحيح (الألباني، المشكاة، رقم 6045، 3/ 1704).
(2)
انظر: السيرة النبوية، ابن هشام، 1/ 343.
(3)
انظر: المرجع السابق، ص 341.