الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خصائص الحلم في دعوة الصحابة رضي الله عنهم للمشركين:
1 -
استشعار أن هذه الصفة من صفات الله ـ.
2 -
فيه بيان لمقدرة الصحابة؛ لأنه لا يكون إلا مع القدرة.
3 -
دليل على كمال العقل والأخلاق لدى الصحابة.
4 -
بيان أخلاق الإسلام.
5 -
فيه كسب لقلوب المدعوين والتأثير عليها.
ثالثاً: العفو:
قال الفراهيدي: "العفو: تركك إنساناً استوجب عقوبة فعفوت عنه"
(1)
، وقال الكفوي:"العفو: ترك ما يستحق الذنب من العقوبة، ومحو الذنب، والإعراض عن المؤاخذة"
(2)
، والله سبحانه وتعالى هو العفوُّ، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ}
(3)
، وقال تعالى:{إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا}
(4)
، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم اسم الله العفوّ في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله، أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال:"قولي: اللهم إنك عفوّ كريم تحب العفو فاعف عني"
(5)
، كما أمر
(1)
العين، الفراهيدي، باب العين والفاء و (واي) معهما، 2/ 258.
(2)
الكليات، الكفوي، فصل العين، 3/ 240.
(3)
سورة الحج، الآية:60.
(4)
سورة النساء، الآية:149.
(5)
جامع الترمذي، كتاب الدعوات، باب في فضل سؤال العافية والمعافاة، رقم 3513، ص 801. حديث صحيح (الألباني، المشكاة، رقم 2091، 1/ 646).
الله الرسول صلى الله عليه وسلم بالعفو، قال تعالى:{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}
(1)
، وقال تعالى:{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
(2)
، وقد بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم فضل العفو فقال صلى الله عليه وسلم:"ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله"
(3)
.
وقد عفا الرسول صلى الله عليه وسلم عمن أساء في مواضع عدة، منها ما كان منه صلى الله عليه وسلم مع ثمامة بن أثال رضي الله عنه عندما أسرته سرية من سرايا الرسول صلى الله عليه وسلم وأتت به إلى المدينة فربط في المسجد فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر عليه فيقول له:"ما عندك يا ثمامة؟ " فيقول: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت، فيتركه الرسول صلى الله عليه وسلم ويعود عليه من الغد ويسأله ويرد بمثل قوله، ولما كان بعد غد سأله صلى الله عليه وسلم ورد بمثل قوله الأول، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم:"أطلقوا ثمامة"، فانطلق واغتسل وأسلم
(4)
؛ فكان لعفو الرسول صلى الله عليه وسلم أثر في إسلام ثمامة رضي الله عنه، كما أن عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أهل مكة بعد الفتح كان له الأثر الكبير في إسلامهم، وغير ذلك من المواقف التي تجلى فيها عفو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان بياناً لصحابته، ودرساً يستمدون منه التعاليم النبوية، ومنها خلق العفو، الذي جعلوه من أخلاقهم؛ فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول:"كل الناس مني في حل"
(5)
.
(1)
سورة آل عمران، الآية:159.
(2)
سورة المائدة، الآية:13.
(3)
صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والأدب، باب استحباب العفو والتواضع، رقم 6592، ص 1131.
(4)
انظر الحديث في صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب وفد بني حنيفة، وحديث ثمامة بن أثال، رقم 4372، ص 741.
(5)
الآداب الشرعية، ابن مفلح، 1/ 88.
وقد استخدم الصحابة رضي الله عنهم هذا الخلق كوسيلة لإيصال الدعوة الإسلامية، وأن الإسلام هو دين تسامح وعفو وأخلاق، ولا يهدف إلى الانتقام والتشفي؛ فقد أظهر علي بن أبي طالب رضي الله عنه خلق العفو عندما أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أرض مذحج ولقي جمعاً منهم فدعاهم إلى الإسلام فأبوا ورموه في أصحابه فحمل عليهم فتفرقوا وانهزموا فكف عنهم ودعاهم ثانية إلى الإسلام فأجابوا وبايعوا وأدَّوا صدقاتهم، ولم يحاسبهم على ما فعلوا؛ فعفوه رضي الله عنه عنهم أدَّى إلى دخولهم في الإسلام. وكذلك عفو عروة بن مسعود رضي الله عنه عمن أصابه وتصدقه بدمه عليه كان له الأثر في إسلام أقاربه وعدم إثارة الفتنة بينهم وبين قبيلته التي أسلمت لاحقاً. وهذا أبو عامر الأشعري رضي الله عنه يعفو ويكف عن قتال رجل عندما قال أبو عامر: اللهم اشهد عليه، فقال الرجل: اللهم لا تشهد، فكفَّ أبو عامر عن قتاله، فأفلت الرجل وكان أبو عامر قد قتل قبله تسعة من إخوته، ثم أسلم الرجل فحسن إسلامه، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا رآه قال: هذا شريد أبي عامر.
فهذه الوسيلة الأخلاقية كان لها في دعوة الصحابة رضي الله عنهم دور كبير أدَّى إلى نشر الإسلام وبيان تعاليمه وأنه دين تسامح ورحمة.