الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}
(1)
، ثم جاء من بعده أصحابه رضي الله عنهم فكانوا دعاة إلى هذا الدين ورسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتولوا نشر الإسلام، والدعوة إليه، وتبليغه، والتعريف به، فهم النواة الأولى للدعوة، وقد استن بسنتهم كل من أتى بعدهم من المسلمين إلى هذا العصر، فبذلك كانوا أول دعاة إلى الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، يستنون بسنته ويهتدون بهديه، ويبلغون ما أمرهم به، وهؤلاء هم الدعاة الذين سوف نتطرق إلى الحديث عنهم في هذا المبحث.
أولاً: مفهوم الداعي:
"الداعي هو مفرد دعاة، وهم قوم يدعون إلى بيعة هدىً أو ضلالةً، ورجل داعية: إذا كان يدعو الناس إلى بدعة أو دين، أدخلت الهاء فيه للمبالغة"
(2)
، وفي "العين" للفراهيدي:"فلان داعي قوم وداعية قوم: يدعو إلى بيعتهم"
(3)
، وبما أن الدعوة في عصرنا هذا أصبحت تخصصاً فقد كثر استخدام كلمة "داعية" بدل كلمة "داعي"، وذلك للمبالغة في العمل الدعوي، والاستمرار في ممارسته، فـ "الداعية" بشكل عام هو:"من يقوم بإمالة الشيء إليه حقاً أو باطلاً"
(4)
، كما في قوله تعالى: {وَيَاقَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ
(1)
سورة الأحزاب، الآيتان: 45 - 46.
(2)
لسان العرب، ابن منظور، مادة: دعا، 14/ 259.
(3)
كتاب العين، الفراهيدي، باب العين والدال و (واي) معهما، 2/ 222.
(4)
الأسس العلمية لمنهج الدعوة الإسلامية، عبدالرحيم المغذوي، 2/ 482.
وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ}
(1)
.
أما تعريف "الداعي" أو "الداعية" في الاصطلاح، فقد تعدد وكثر بعدد من تطرق إلى تعريفه، فيقول ابن القيم رحمه الله:"إن الدعاة جمع داع، كقاضٍ وقضاة، ورام ورماة، وإضافتهم إليه للاختصاص، أي الدعاة المخصوصون به الذين يدعون إلى دينه وعبادته ومعرفته ومحبته"
(2)
، فهم من يدعو إلى دين الله وحده دون غيره، وليس للداعي إلى غير الله علاقة بهذا المصطلح، وكأنه أصبح معروفاً أن الداعية هو من "داعية الإسلام". فنجد أن التعريف لكلمة "داعي أو داعية" بشكل مجرد يعني من يدعو إلى الإسلام كما هو الحال في كلمة "مبشر" فهي تعني من يبشر بعيسى عليه السلام ودعوة النصرانية.
فالداعية بشكل عام هو "المسلم المكلف"، فتجب عليه الدعوة بقدر استطاعته، وقدر علمه؛ لقوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}
(3)
، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (
(4)
، وبذلك تكون الدعوة فرضاً على كل
(1)
سورة غافر، الآيتان: 41 - 42.
(2)
مفتاح دار السعادة، ابن قيم الجوزية، 1/ 158.
(3)
سورة آل عمران، الآية:110.
(4)
صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان، رقم 177، ص 42.