‌1 - مفهوم الأساليب العقلية: - منهج الصحابة في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب

‌

‌محاور الأساليب الدعوية ومفهومها:

‌

‌المحور الأول: الأساليب العقلية:

‌

‌1 - مفهوم الأساليب العقلية:

الأساليب العقلية في الدعوة هي ما يستعين بالدلالات العقلية لإثارة العقل ليتأكد من صحة الدعوة الإسلامية، "وقد أعدّ الله العقول بصفة عامة لإدراك ما هو مطلوب شرعاً، وأعد لها ما يسددها فيه من الفطرة التي لم تفسدها الأهواء، والآيات الظاهرة في الأنفس والآفاق، ثم أكمل بالشرع المتمثل بالكتاب وناطق السنة"

(1)

.

وحيث إن المصدر الرئيس للدعوة هو القرآن والسنة النبوية، فقد خاطبا العقل بدون تناقض معه؛ لأن من أنزل القرآن وأوحى إلى الرسول صلى الله عليه وسلم هو خالق العقل سبحانه وتعالى، وقد قال شيخ الإسلام إنه:"كلما خالف الكتاب والسنة فإنه مخالف أيضاً لصريح العقول، فإن العقل الصريح لا يخالف النقل الصحيح"

(2)

.

وقد أظهر الله سبحانه كثيراً من الحجج العقلية للمشركين ليبين لهم خطأ معتقدهم، فمنها قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ

كُنْتُمْ صَادِقِينَ}

(1)

، يقول الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية:"إن هذا دليل عقلي قاطع على أن كل مَنْ سِوى الله فعبادته باطلة"

(2)

.

وقد كان للأسلوب العقلي تأثير قوي مع المشركين، يقول الدكتور محمد النبهان:"إن ظاهرة الوحي لدى المشركين لم تكن مرفوضة، بل كانوا يراقبون هذه الظاهرة بدقة وبمعيار عقلي واضح رغم محاربتهم لما جاء به الوحي"

(3)

.

ولأنه لا يستطيع أحد أن ينكر الحجج العقلية حتى وإن كانت غير موافقة لهواه، فإن تأثيرها يبقى في قلب وعقل من أنكرها استكباراً، قال تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}

(4)

.

وقد استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب الإقناع العقلي في كثير من المواقف، ومنها حديث الشاب الذي أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ائذن لي بالزنى، فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه، فقال له صلى الله عليه وسلم: (ادنُ (، فدنا منه قريباً، قال: فجلس، قال: (أتحبه لأمك؟ (قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأمهاتهم (، قال: (أتحبه لابنتك؟ (قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لبناتهم (، قال: (أفتحبه لأختك؟ (قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لأخواتهم (، قال: (أفتحبه لعمتك؟ (قال: لا والله، وجعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لعماتهم (، قال: (أفتحبه لخالتك؟ (قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه