الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كعب من الشرك والتعرض للرسول صلى الله عليه وسلم بالشعر حتى أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمه، وإرسال بجير كتاباً إلى كعب يطلب منه المجيء إلى الرسول في قوله:"فطر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقتل أحداً جاءه تائباً" متوافق في معناه مع قوله تعالى: {جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} ، يقول الشيخ السعدي:"ثم أخبر عن كرمه العظيم وجوده ودعوته لمن اقترف السيئات بأن يعترفوا ويتوبوا ويستغفروا الله فقال: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} أي معترفين بذنوبهم باخعين بها"
(1)
، وقد طبق كعب ما دعاه إليه أخوه بجير من الاستغفار والتوبة وطلب العفو من الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان له ما وعد الله في الآية:{لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} ، ويقول الله تعالى:{فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}
(2)
، وقد أخبر بجير بن زهير أخاه كعباً بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف يعفو عنه ويحسن إليه فعفا الرسول صلى الله عليه وسلم عنه وأعطاه بردته التي عليه
(3)
فكأن دعوة بجير رضي الله عنه استخلصت من هذه الآية.
ك) الشاهد الحادي عشر: تنزيه الله عن الزوجة والولد:
(4)
. في هذه الآية تأييد لما أخرجه ابن أبي
(1)
تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص 199.
(2)
سورة المائدة، الآية:13.
(3)
انظر: أسد الغابة، ابن الأثير، 3/ 530.
(4)
سورة الأنعام، الآية:101.
حاتم عن محمد بن عثمان المخزومي أن قريشاً قالت: قيضوا لكل رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رجلاً يأخذه، فقيضوا لأبي بكر طلحة بن عبيد الله فأتاه وهو في القوم فقال أبو بكر: إلام تدعوني؟ قال: أدعوك إلى عبادة اللات والعزى، قال أبوبكر: وما اللات؟ قال: أولاد الله، قال: وما العزى؟ قال: بنات الله، قال أبو بكر: فمن أمهم؟ فسكت طلحة فلم يجبه، فقال لأصحابه: أجيبوا الرجل، فسكت القوم، فقال طلحة: قم يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
(1)
، فأراد أبو بكر الصديق رضي الله عنه هنا أن يبين للمشركين كيف يكون لله ولد أو بنت ولم يكن له زوجة، وكأنه بذلك يقرأ عليهم قوله تعالى:{أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} ، يقول ابن كثير:"كيف يكون له ولد والولد إنما يكون متولداً من شيئين متناسبين والله تعالى لا يناسبه ولا يشابهه شيء من خلقه لأنه خالق كل شيء فلا صاحبة له ولا ولد"
(2)
. فكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يخاطب المشركين على قدر أفهامهم وأنه إن لم يكن هناك أم للولد أو زوجة لله -تعالى الله عما يقولون- فكيف يكون هناك ولد في الأصل، وهذا ما قالته الجن أيضاً في قوله تعالى:{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا}
(3)
،
كما أن الله سبحانه وتعالى يرد عليهم بقوله تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}
(4)
.
(1)
انظر: فتح القدير، الشوكاني، 4/ 54.
(2)
تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، 6/ 122.
(3)
سورة الجن، الآية: 3 ..
(4)
سورة الصافات، الآيتان: 151 - 152.