الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآيات ما يدعو إلى الفكر والتدبر والتأثير بواسطة الأسلوب العقلي لكل من لديه عقل، وذلك ما كان مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ومثل هذه الأمثلة في دعوة الصحابة الكثير من استخدام أسلوب المحاكمات العقلية.
ب) ضرب الأمثال:
"ضرب الأمثال هو تشبيه شيء بشيء في حكمه، وتقريب المعقول من المحسوس، وأحد المحسوسين بالآخر، واعتبار أحدهما بالآخر"
(1)
، يقول الدكتور سعيد بن علي ثابت:"إن أسلوب ضرب الأمثال هو تقريبٌ لما يجب أن تنفعل به النفوس من المعاني، وتجسيد للمعاني والأفكار في شكل محسوس حتى يزداد المتلقي أنساً بها"
(2)
. ففي ضرب الأمثال توصيل بين العقل واللامحسوس بربطه بأمور يستوعبها العقل، وتشبه ما ضرب به المثل في أحد جوانبه أو جميعها. فمتى ما كان المثل قريباً للأفهام ومعروضاً في قالب حسن يبرز فيه المعنى بصورة يستوعبها العقل كان له الوقع في النفس والتأثير القوي، فالأمثال لها أهمية كبرى في الدعوة وتأثير على المدعوين، "فإن النفس تأنس بالنظائر والأشباه الأنس التام، ففي الأمثال من تأنيس النفس وسرعة قبولها وانقيادها لما ضرب لها مثله من الحق أمر لا يجحده أحد ولا ينكره، وكلما ظهرت لها الأمثال ازداد المعنى ظهوراً ووضوحاً؛ فالأمثال شواهد المعنى المراد ومزكية له، فهي {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ
(1)
إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، 2/ 270.
(2)
الجوانب الإعلامية في خطب الرسول صلى الله عليه وسلم، سعيد بن علي ثابت، ص 270.
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ}
(1)
وهي خاصة العقل ولبه وثمرته"
(2)
، وقد ضرب الله الأمثال في كتابه العزيز للتذكر والتفكر والعظة، قال تعالى:{وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}
(3)
. وقال تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
(4)
.
ومن الأمثال في القرآن ما يأتي:
(5)
.
(6)
.
(7)
.
(1)
سورة الفتح، الآية:29.
(2)
إعلام الموقعين عن رب العالمين، ابن القيم، 2/ 425.
(3)
سورة إبراهيم، الآية:25.
(4)
سورة الحشر، الآية:21.
(5)
سورة البقرة، الآية:264.
(6)
سورة الكهف، الآية:32.
(7)
سورة النحل، الآية:76.
(1)
.
واستخدم الرسول صلى الله عليه وسلم الأمثال في الدعوة والتبليغ، وكان ذلك في أول دعوته صلى الله عليه وسلم، فعن قبيصة بن مخارق وزهير بن عمر قالا: لما نزلت {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}
(2)
، قال: انطلق النبي صلى الله عليه وسلم إلى رضمة من جبل فعلا أعلاها حجراً ثم نادى: "يا بني عبد مناف، إني نذير، إنما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يربأ أهله، فخشي أن يسبقوه فجعل يهتف يا صباحاه"
(3)
، فكان المثل في أول إنذار منه صلى الله عليه وسلم لعشيرته، فمثل نفسه بمن ينذر قومه من العدو، وسنورد من الأمثال في السنة النبوية بعضها لأنه لا يتسع المبحث لجميعها ومنها:
- قوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً (
(4)
.
- قوله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (
(5)
.
- قوله صلى الله عليه وسلم: (مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير (
(6)
.
(1)
سورة إبراهيم، الآية:24.
(2)
سورة الشعراء، الآية:214.
(3)
صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب قوله تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ، رقم 507، ص 108 - 109.
(4)
صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب نصر المظلوم، رقم 2446، ص 394.
(5)
صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والأدب، باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم، رقم 6586 ص 1131.
(6)
صحيح البخاري، كتاب الذبائح والصيد، باب المسك، رقم 5534، ص 984.
- قوله صلى الله عليه وسلم: (مثل الذي يقرأ القرآن كالأترجة طعمها طيب وريحها طيب (
(1)
.
هذا وهناك كثير من الأمثلة في القرآن والسنة تدل على ضرب الأمثال للمدعو لتقريب الدعوة إلى الأذهان وتبسيطها على الأفهام.
وقد لجأ الصحابة رضي الله عنهم إلى هذا الأسلوب ليقيسوا ما هو مجهول لدى المدعو بما هو معلوم محسوس فيسهل التصور فيكون أدعى لقبول ما يعرضونه على المدعو؛ وذلك لتقبُّل النفس له واقتناع العقل به.
ومن المواقف التي استخدم الصحابة فيها ضرب الأمثال دعوة ربعي بن عامر رضي الله عنه لرستم عندما قال له: (إنَّ الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها (فضرب له مثل الدنيا الضيقة والدنيا الواسعة بالكفر والإيمان.
وفي دعوة الصحابة لعبدالله بن حرام عندما قالوا له: (إنا لنرغب بك أن تموت على ما أنت عليه فتكون لهذه النار غداً حطباً (، فشبهوا المشركين بالحطب الذي توقد منه النار ليسهل تصور الوضع يوم القيامة. وأيضاً عندما قام ابن مسعود رضي الله عنه يتلو سورة الرحمن على مسامع قريش عند المقام تحت الكعبة، ففيها قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ}
(2)
، فذكرهم وضرب لهم المثل بذكر الآيات، "وهو
(1)
صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب فضل القرآن على سائر الكلام، رقم 5020، ص 900.
(2)
سورة الرحمن، الآيتان: 14 - 15.