الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(5)
وفي رسائل قادة الجيوش الإسلامية ومبعوثيهم إشارة إلى ترغيب المشركين في الفوز بالدنيا وعدم التعدي عليهم أو أذيتهم، وأنهم من المسلمين، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، كما ورد في كتاب خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى مرازبة أهل فارس، ودعوة سلمان الفارسي رضي الله عنه لأهل فارس في قوله: فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا وعليكم مثل الذي علينا. وفي هذا إيضاح أن الإسلام لم يأت ليقتل أو ليستبيح الدماء، إنما جاء لنشر العدل وهو ليس دين انتقام؛ كما كان يحدث في ذلك الوقت من أن الدولة التي تنتصر على دولة تبيدها، وتقتل كل من انتمى إليها، ومن يعش منهم يعش في ذل واحتقار، إلا أن دعوة الصحابة استخدمت أسلوب الترغيب بالحياة الكريمة وعدم التعدي على أحد في ظل الإسلام، وتحت رايته بعكس ما يتوقعون.
ب) الترغيب بخير الآخرة:
للدنيا حظ لدى البشر، ومحبة لها، وما فيها من خير، إلا أن الأساس هو الفوز بالآخرة، قال تعالى:{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}
(1)
، وقد جعل الله سبحانه وتعالى جوائز الآخرة هي الجوائز الباقية، فقد وعد الله سبحانه من آمن من بني آدم بخير كثير في الآخرة، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}
(2)
،
(1)
سورة القصص، الآية:77.
(2)
سورة الكهف، الآيتان: 107 - 108.
(1)
، وقد وعد الرسول صلى الله عليه وسلم الخزرج بالجنة إذا هم وفوا بعهدهم معه.
وقد كانت أكثر دعوة الصحابة بالترغيب بالآخرة، وما عند الله فيها، وأن هذه الدنيا زائلة، وأن النعيم هو النعيم الدائم، ومن هذه النماذج الدعوية لأسلوب الترغيب بما في الآخرة من خير ما يأتي:
(1)
في دعوة عمر بن مرة الجهني لقومه ترغيب في الجنة، ومما قال لهم: (يا بني رفاعة ثم يا بني جهينة، إني رسول الله إليكم أدعوكم إلى الجنة (، فكانت دعوته إلى الجنة هي البداية التي من خلالها استفتح خطابه لهم، فرغبهم بالجنة لكي يحرك عواطفهم قبل أن يدعوهم للإسلام، وكما ذكرنا سابقاً أنهم أسلموا جميعاً إلا رجلاً واحداً.
(2)
في النقاش الذي دار بين المغيرة بن شعبة ورستم قائد الفرس، أشار المغيرة رضي الله عنه إلى أن الآخرة هي المطلب، والفوز بها هو الفوز، وذلك في قوله:"إنما همنا وطلبنا الآخرة، فأوضح لرستم مدى فضل الآخرة للمسلم، ومدى شوقه لها، مما جعل رستم يعجب به وبردوده، مما دعاه يذكر الإسلام لقادته ورؤساء قومه"
(2)
.
(1)
سورة الدخان، الآيات: 51 - 54.
(2)
البداية والنهاية، ابن كثير، المجلد الرابع، الجزء السابع، ص 38.