الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالوسائل العملية لدى الصحابة أكثر ما كانت تخاطب الجانب العقلي لدى المدعوين لما فيها من إثارة للتفكير بالواقع، إضافة إلى الجانب الحسي من التنبيه للواقع وما هو حاصل بالفعل.
وقد استعملت الوسائل العملية في الغالب في أماكن كان للإسلام فيها شوكة وقوة ولم يكن ضعيفاً فيها، وذلك من بعد الهجرة إلى المدينة.
ومن هذه الوسائل العملية ما يأتي:
أولاً: البعوث والرسل:
كان الأنبياء عليهم السلام هم أول البعوث والرسل التي تدعو إلى الله سبحانه وتعالى، فقد أرسلهم سبحانه إلى البشر لينذروا ويدعوا، قال تعالى:{يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا}
(1)
(2)
، وقد أرسل سليمان عليه السلام الهدهد مبعوثاً إلى سبأ، وأرسل عيسى عليه السلام الحواريين إلى ملوك الأرض مبعوثين
(3)
. وأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم الرسل والبعوث إلى الملوك والرؤساء والقبائل ليدعوهم إلى الإسلام، وكانت عادة الملوك والرؤساء إرسال الرسل والبعوث لتبليغ مرادهم وإيصال أخبارهم،
(1)
سورة الأنعام، الآية:130.
(2)
سورة الأحزاب، الآية: 45 - 46.
(3)
انظر: فتوح مصر والمغرب، ابن عبدالحكم، ص 66.
كما بعثت القبائل الوفود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك من أجل إيصال أمر أو أخذ علم، وأيضاً لما في المبعوثين من فوائد تختلف عن الرسائل المكتوبة؛ فالرسل يستطيعون أن يفاوضوا ويناقشوا ويتحسسوا، والفطِن منهم يستطيع أن يُقنع من أُرسل إليه، وأن يقربوا وجهات النظر، فهم رسائل ناطقة، ولديها إحساس واعٍ يقيِّم الوضع وينطق بما هو مناسب للمقام الذي فيه المبعوث.
لذلك كان لا يرسَل المبعوث إلا بعد أن تتوافر فيه مميزات المناقش الجيد والمحاور الفطن والعالم بما هو ذاهب إليه، فهو وسيلة موثوقة، وأداة فعالة ومتجاوبة لكل الظروف التي تطرأ، وتستطيع التفاعل والتعامل مع المتغيرات، فمن هنا استفاد الخلفاء والقادة من الصحابة من هذه الوسيلة العملية وقاموا باستخدامها في دعوة الناس والقادة والملوك إلى الإسلام.
فقد بعث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وفداً إلى يزدجرد يدعونه إلى الإسلام منهم النعمان بن مقرن والمغيرة بن زرارة الأسدي وعاصم بن عمرو
(1)
، وقد نقلوا له رسالة الإسلام وأوصلوا إليه بلاغ الدعوة، إلا أنه تكبر وأبى. ومن البعوث أيضاً ربعي بن عامر عندما ذهب إلى رستم قائد الفرس فذكر له عدل الإسلام وموعود الله. وكذلك بعث سعد بن أبي وقاص حذيفة بن محصن والمغيرة بن شعبة لمناقشة الفرس وإبلاغهم الدعوة
(2)
.
(1)
انظر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي، 3/ 89 - 90.
(2)
انظر: المرجع السابق، 3/ 93 - 94.