الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله رسوله صلى الله عليه وسلم. فكما كان للعقيدة نصيب في دعوة الصحابة فإن الشريعة كان لها نصيب أيضاً في دعوتهم، وذلك "أن الشريعة التي تتمثَّل في العبادات بأنواعها، والمعاملات، وأنظمة الاقتصاد، والحكم، والسياسة، والأسرة، والجماعة، والأمة، ما هي إلا ترجمة العقيدة، وثمرة من ثمراتها، وممارسة عملية لأركانها"
(1)
،
ومن هنا تطرق الصحابة رضي الله عنهم إلى عدد من مجالات الشريعة، ودعوا إليها المشركين، وهو ما سوف نتحدث عنه في هذه الفقرة.
1 - دعوة الصحابة رضي الله عنهم إلى الطهارة:
"الطهر، ضد الدنس، طهر الرجل فهو طاهر، والطهارة اسم ومصدر للطاهر"
(2)
، "وقوم يتطهرون، أي: يتنزَّهون من الأدناس، ورجل طاهر الثياب، أي: متنزِّه"
(3)
، (وهي عبارة عن النظافة (
(4)
.
أما في الاصطلاح فالطهارة "هي إزالة حدث أو نجس أو ما في معناهما وعلى صورتهما"
(5)
، "وقيل: هي: النظافة من النجاسة"
(6)
، يقول الجرجاني:"إن الطهارة في الشرع عبارة عن غسل أعضاء مخصوصة بصفة مخصوصة"
(7)
.
(1)
دعوة النبي للأعراب، حمود بن جابر الحارثي، ص 104 ..
(2)
جمهرة اللغة، ابن دريد، 2/ 761.
(3)
الصحاح، الجوهري، حرف الطاء، 2/ 727.
(4)
التعريفات، الجرجاني، باب الطاء، ص 136.
(5)
المجموع، النووي، 1/ 123.
(6)
اللباب في شرح الكتاب، عبدالغني الغنيمي، 1/ 5.
(7)
التعريفات، الجرجاني، باب الطاء، ص 136.
وقد أمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بالطهارة بجميع أشكالها، ومنها طهارة الجسد، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}
(1)
(2)
.
وقد وردت الطهارة في مواضع كثيرة في القرآن والحث عليها، وفي السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم كانت الطهارة مدار كثير من الأحاديث، فمنها قوله صلى الله عليه وسلم:"البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب"
(3)
، وقوله صلى الله عليه وسلم: "الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن (أو تملأ) ما بين السماوات والأرض
…
"
(4)
.
وبهذا كانت الطهارة من الأهمية بمكان ما جعلها لا تصح صلاة إلا بها، ففيها تطهير للبدن، وللنفس، وقد حرص الصحابة رضي الله عنهم أن يدعوا المشركين إليها في دعوتهم إلى شرائع الإسلام، وذلك تطبيقاً للمنهج السليم في الدعوة. ومن هذه الأمثلة ما كان من دعوة مصعب بن عمير لأسيد بن الحضير وسعد بن معاذ عندما أرادا أن يدخلا في الدين، فبيَّن لهما أن يغتسلا ويطهِّرا ثيابهما، وكذلك ما فعلته فاطمة بنت الخطاب عندما طلب منها أخوها عمر رضي الله عنهما أن
(1)
سورة المائدة، الآية:6.
(2)
سورة التوبة، الآية:108.
(3)
جامع الترمذي، أبواب الأدب، باب ما جاء في لبس البياض، رقم 2810، ص 633. حديث صحيح (الألباني، صحيح الجامع، رقم 1235، 1/ 267).
(4)
صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، رقم 534، ص 114.