الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد ذكرت كلمة "الملأ" في القرآن في مواضع عدة، منها قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ}
(1)
، و {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ}
(2)
، و {يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ}
(3)
، و {قَالَتْ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ}
(4)
.
وفي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان الملأ لهم دور في الصد عن هذه الدعوة، وأيضاً مساندة هذه الدعوة، فنجد أن وجود أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له دور في حماية الرسول صلى الله عليه وسلم، كما كان في المقابل من الملأ من يحارب الرسول ويعاديه مثل عتبة بن ربيعة وأبي جهل وأمية وأبي لهب وغيرهم من زعماء المشركين، وبهذا كانت دعوة الملأ من أهم الدعوات؛ لأنه باستجابتهم سيستجيب معهم خلق كثير، ويكف عن الإسلام شرهم. وهنا سوف نتطرق إلى دور الملأ في الدعوة وأسباب رفضهم لها، وطريقة تعامل الصحابة رضي الله عنهم معهم.
1 - دور الملأ في الدعوة:
أ) دور الملأ في الصد عن الإسلام:
الملأ من المشركين كان لهم دور في محاربة الإسلام والصد عنه، وقد جعلوا همهم الأهم تكذيبهم للرسول صلى الله عليه وسلم، والتشكيك في دعوته، قال تعالى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ
(1)
سورة البقرة، الآية:246.
(2)
سورة الأعراف، الآية:60.
(3)
سورة يوسف، الآية:43.
(4)
سورة النمل، الآية:29.
هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ}
(1)
.
فقد قاوموا الدعوة إلى الله تعالى، فقادوا حملات ضد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قمع وتعذيب وتكذيب وتشويه سمعة، وهذه سنة الملأ مع جميع الرسل عليهم السلام من قبل، فقد تصدى الملأ من قوم نوح لدعوته، قال تعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}
(2)
، يقول الشيخ السعدي:"إنهم لم يكفهم -قبَّحهم الله- أنهم لم ينقادوا له بل استكبروا عن الانقياد له، وقدحوا فيه أعظم قدح، ونسبوه إلى الضلال، ولم يكتفوا بمجرد الضلال حتى جعلوه ضلالاً مبيناً واضحاً لكل أحد"
(3)
.
كما تصدى الملأ من قوم هود وصالح وشعيب وموسى لهم، وقد ذكر ذلك في القرآن الكريم، كما ذكرت كتب السيرة كثيراً من المواقف والأحداث التي تصدى فيها الملأ من المشركين لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك تحذيرهم القادمين إلى مكة من الاستماع إليه صلى الله عليه وسلم وأذيته ومحاولة قتله، كما أنهم عذبوا أصحابه رضي الله عنهم وقتلوا من قتلوا منهم، كآل ياسر رضي الله عنهم، ولم يقتصر ذلك على الملأ من أهل
(1)
سورة ص، الآيات: 4 - 8.
(2)
سورة الأعراف، الآيتان: 59 - 60.
(3)
تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص 330.