الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: أصناف المشركين وسماتهم
أولاً: الوثنيون من العرب:
"الوثنيون نسبة إلى كلمة وثن، وهم من يتدين بعبادة الأوثان، والوثن: الصنم ما كان، وقيل الصنم الصغير"
(1)
، ويقول الأصفهاني:"إن الوثن هو حجارة تعبد"
(2)
، وفي "تهذيب اللغة" للأزهري:"قال شمر: أصل الأوثان عند العرب: كل تمثال من خشب أو حجارة أو ذهب أو فضة أو نحاس ونحوها، وكانت العرب تنصبها وتعبدها"
(3)
، ويقول ابن الأثير:"إن الفرق بين الوثن والصنم أن الوثن كل ما له جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي، تعمل وتنصب فتعبد، والصنم الصورة بلا جثة، ومنهم من لم يفرق بينهما، وأطلقها على المعنيين، وقد يطلق الوثن على غير الصورة"
(4)
، وقال ابن فارس:"إن الصنم هو ما يتخذ من خشب أو فضة أو نحاس فيعبد"
(5)
. "واسم الوثن يتناول كل معبود من دون الله سواء كان ذلك المعبود قبراً أو مشهداً أو صورة أو غير ذلك"
(6)
.
(1)
لسان العرب، ابن منظور، مادة: وثن، 13/ 442.
(2)
المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، كتاب الواو، ص 512.
(3)
تهذيب اللغة، الأزهري، الجزء الثامن، المجلد الخامس عشر، أبواب الثلاثي المعتل من الثاء، باب الثاء والنون، ص 105.
(4)
النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، حرف الواو، باب الواو مع الثاء، 5/ 946.
(5)
مقاييس اللغة، ابن فارس، كتاب الصاد، باب الصاد والنون وما يثلثهما، 3/ 314.
(6)
فتح المجيد، عبدالرحمن بن حسن، ص 300.
وكان عمرو بن لحي هو أول من أدخل الأوثان إلى جزيرة العرب، قال ابن الجوزي في "المنتظم": "هو أول من غير دين الحنيفية دين إبراهيم، وأول من نصب الأوثان حول الكعبة، وجعل البحيرة والسائبة والوصيلة والحام
(1)
، واستخرج إساف ونائلة
(2)
فنصبها"
(3)
، وقد انتشرت الوثنية بين العرب وأصبح لكل قبيلة وثن تعبده وتقدم القرابين له، وقبل ذلك كانت الوثنية موجودة بين الشعوب الأخرى، فمثلاً في الهند يذكر الشهرستاني أن فيها أصنافاً كثيرة من الأديان يرجعون آخر الأمر إلى عبادة الأصنام
(4)
، وكذلك الشام التي أحضر منها عمرو بن لحي الأصنام، وكان أول صنم قدم به هو "هبل"
(5)
.
وبما أن الوثنيين هم من يتدين بعبادة الأوثان والتقرب إليها وجعلها آلهة من دون الله؛ حتى وإن لم يعترفوا بذلك كما ذكر الله سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}
(6)
؛ فقولهم إن عبادتهم إنما
(1)
هي أنعام تحرم ظهورها وأوبارها ولحومها وألبانها ولا ينتفع بها، وذلك عند العرب المشركين قرباناً للآلهة، (انظر: جامع البيان، الطبري، 4/ 736 - 737).
(2)
إساف ونائلة وثنان كانا على الصفا والمروة، وضعهما عمرو بن لحي، وكان يذبح عليهما تجاه الكعبة، وزعموا أنهما كانا من جرهم: إساف بن عمرو ونائلة بنت سهل تعاشقا ففجرا في الكعبة فمسخا حجرين، وقيل: لا بل كانا صنمين جاء بهما عمرو بن لحي فوضعهما على الصفا، (انظر: الملل والنحل، الشهرستاني، 2/ 217).
(3)
المنتظم في تواريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي، 2/ 31.
(4)
انظر: الملل والنحل، الشهرستاني، 2/ 243.
(5)
انظر: المنتظم في تواريخ الملوك والأمم، ابن الجوزي، 2/ 31.
(6)
سورة الزمر، الآية:3.
هي تقرب إلى الله عز وجل إنما ذلك من باب الأعذار الواهية، فكل من دعا نبياً أو ولياً أو ملكاً أو جنياً أو صرف له شيئاً من العبادة فقد اتخذه إلهاً من دون الله
(1)
، ومن ذلك ما قام به قوم نوح عليه السلام من قبل، قال ابن عباس رضي الله عنهما:"صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد. أما ود: فكانت لكلب بدومة الجندل، وأما سواع: فكانت لهذيل، وأما يغوث: فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ، وأما يعوق: فكانت لهمدان، وأما نسر: فكانت لحمير لآل ذي الكلاع. أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا، فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وتنسَّخ العلم عُبدت"
(2)
. وكما ذكر الله سبحانه وتعالى من أن مشركي العرب كانوا يعوذون بالجن، قال تعالى:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا}
(3)
. وفي ذلك يقول الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله: "ما كان عبادة لله فصرفه لغير الله شرك في العبادة؛ فمن صرف شيئاً من هذه العبادات لغير الله جعله شريكاً لله في عبادته"
(4)
.
والوثنيون يؤمنون بتوحيد الربوبية إلا أنهم ينكرون توحيد الألوهية، قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}
(5)
.
(1)
انظر: فتح المجيد، عبدالرحمن بن حسن، ص 242.
(2)
صحيح البخاري، كتاب التفسير، سورة نوح، رقم 4920، ص 875.
(3)
سورة الجن، الآية:6.
(4)
فتح المجيد، عبدالرحمن بن حسن، ص 162.
(5)
سورة العنكبوت، الآية:61.