الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خصائص البعوث والرسل في دعوة الصحابة رضي الله عنهم
-:
1 -
العناية باختيار الداعي.
2 -
عرض الإسلام بطريقة مباشرة على المدعو.
3 -
الإجابة على أسئلة المدعوين في حينها.
4 -
اتفاق جميع البعوث على الدعوة وذلك بدون تنسيق بينهم.
ثانياً: استثارة العقل للتفكير والتدبر:
منح الله سبحانه وتعالى الإنسان نعمة العقل ليميز بها الأمور ويزنها، وقد اختص بها الإنسان دون المخلوقات المحسوسة، فكان واجباً على الإنسان استخدام هذه النعمة والفضل في التفكر والتدبر، قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ وَلَهُ اخْتِلَافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ}
(1)
، وقال تعالى:{وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}
(2)
، ففي الآيات حث للعقل على التفكير في الخلق لمعرفة الخالق سبحانه، وقد أرسل سبحانه وتعالى المعجزات مع أنبيائه ليستثير عقول المدعوين إلى التفكير، مثلما حصل مع موسى عليه السلام عندما ألقى عصاه فأصبحت تلقف ما ألقى السحرة، قال تعالى:{فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (45) فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (46) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (47) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ}
(3)
، فتحركت عقول
(1)
سورة المؤمنون، الآية:80.
(2)
سورة البقرة، الآية:164.
(3)
سورة الشعراء، الآيات: 45 - 48.
السحرة من الجمود وتحررت من قيود الشيطان فعلموا أنهم على خطأ وضلال فآمنوا. وللرسول صلى الله عليه وسلم معجزات كثيرة كانشقاق القمر والإسراء والمعراج ووصف بيت المقدس لقريش، والقرآن نفسه معجزة لأنه ليس بكلام بشر، يقول الشيخ حافظ الحكمي: "الدليل على ذلك -على إعجاز القرآن- نزوله في أكثر من عشرين سنة متحدياً به أفصح الخلق وأقدرها على الكلام وأبلغها منطقاً وأعلاها بياناً قائلاً: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ}
(1)
، وقوله:{قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ}
(2)
، وقوله:{قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ}
(3)
،
فلم يفعلوا ولم يجربوا ذلك مع شدة حرصهم على رده بكل ممكن مع كون حروفه وكلماته من جنس كلامهم الذي به يتحاورون وفي مجاله يتسابقون ويتفاخرون، ثم نادى عليهم ببيان عجزهم وظهور إعجازه:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}
(4)
"
(5)
.
ولأن كل إنسان يملك هذا العقل والتفكير إلا من أخذه الله منه كالمجنون، فإنه يستطيع تحريكه كما قال الأعرابي: البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، أفلا تدل على اللطيف الخبير؟!
(1)
سورة الطور، الآية:34.
(2)
سورة هود، الآية:13.
(3)
سورة يونس، الآية: 38 ..
(4)
سورة الإسراء، الآية:88.
(5)
200 سؤال في العقيدة، حافظ أحمد آل حكمي، ص 54.
وقد قام الصحابة رضي الله عنهم في دعوتهم بحثِّ العقل وتحريك الجمود واستثارة الفكر لدى المشركين لإيصال الدعوة الإسلامية إلى قلوبهم، فمن هذه المواقف ما قام به معاذ بن جبل ومعاذ بن عمرو بن الجموح ومعهم شباب من الأنصار من طرح صنم عمرو بن الجموح في حفرة فيها عذرة الناس وربطه بكلب ميت، فما كان من ذلك إلا أن جعل عمرو بن الجموح يعمل على تحكيم عقله الذي كان غائباً عنه طوال حياته فيكتشف أنه لا ينفع نفسه فكيف ينفع غيره، فأسلم رضي الله عنه. وأيضاً تكسير عبدالله بن رواحة رضي الله عنه لصنم أبي الدرداء مما جعله يفكر في نفسه ويحرك جمود عقله مما أوضح له خطأ معتقده، فكان سبباً في معرفة الله وإسلامه.
وأيضاً عندما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه إلى هدم سواع فكان عمرو بن العاص يقول: انتهيت إليه وعنده السادن فقال: ما تريد؟ قلت: هدم سواع، فقال: مالك وله؟! فقلت: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لا تقدر، قلت: لِمَ؟ قال: يمتنع، قال عمرو: حتى الآن وأنت في الباطل؟! ويحك، هل يسمع أو يبصر؟ قال عمرو: فدنوت إليه فكسرته، ثم قال للسادن: كيف رأيت؟ قال: أسلمت لله
(1)
.
فكان حث العقل لتحريك جمود الفكر في التفكُّر والتأمل وسيلة في دعوة المشركين وإيضاح محاسن الإسلام ونور الحقيقة وبيان مساوئ الكفر وظلمة الجهل.
(1)
انظر: المغازي، الواقدي، ص 583.