الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن الإنسان كالطين اليابس والجن من اللهب الذي يكون في طرف النار إذا ألهبت، وهو اللهب الأصفر والأخضر"
(1)
.
يقول الدكتور سعيد القحطاني: "إن ضرب الأمثال من أوضح وأقوى أساليب الإيضاح والبيان في إبراز الحقائق المعقولة في صورة الأمر المحسوس، وهذا من أعظم ما يُرَدُّ به على الوثنيين في إبطال عقيدتهم وتسويتهم المخلوق بالخالق في العبادة والتعظيم"
(2)
.
جـ) القصص والعبرة:
منذ أن وجد الإنسان والقصص موجودة وملازمة له ومرتبطة بحياته، فكان هو من يضعها، وهو من يحدث بها، وهو من يستمع إليها، وذلك استثارة بوقائعها وتجديداً لأحداثها
(3)
، وكان للقصة عند العرب أهمية، فقد سجلوها وحفظوها وتناقلوها واعتبروا بها؛ لأنها كانت تحمل تاريخهم وأمجادهم فتثيرهم وتؤثر فيهم وتشد انتباههم ليعيشوا معها، وقد عرفت القصص على أنها:"القدرة على مخاطبة الناس وتذكيرهم بالاعتماد على الأحاديث والسير الماضية"
(4)
، "والعبرة هي ما يتوصل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد"
(5)
، "وهي
(1)
انظر: جامع البيان، الطبري، 10/ 545 - 548.
(2)
كيفية دعوة الوثنيين إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة، سعيد بن علي بن وهف القحطاني، ص 15.
(3)
انظر: الدعوة الإسلامية، أحمد أحمد غلوش، ص 286.
(4)
وسائل الدعوة، عبدالرحيم محمد المغذوي، ص 116.
(5)
المفردات في غريب القرآن، الأصفهاني، كتاب العين، ص 320.
مما يتعظ به الإنسان ويعمل به ويعتبر ليستدل به على غيره"
(1)
.
والقصة لون من ألوان الأدب قديماً عند الشعوب والأمم المختلفة، وقد وضعت الملاحم لتروي قصص وحكايات الشعوب.
وقد كان أفضل وأصدق القصص ما جاء به القرآن الكريم، والقصة في القرآن الكريم متميزة عن سائر أنواع القصص بأنها منزهة عن أي نقص في شكلها ومضمونها، ومنزهة عن الخيالات والأوهام والأساطير والأباطيل، وهي عفيفة الأسلوب، طاهرة اللفظ والمعنى، حيية السياق والعرض، بارعة التركيب، سامية القصد، حسنة الهدف، وهي تضم إلى جانب الإيضاح والتعليم والنصح جوانب الإقناع الذهني والنفسي والعلمي والأدبي، وتضم إلى جانب عرض الحقائق الدينية الحقائق التاريخية والاجتماعية والثقافية
(2)
. وقد ذكر في القرآن الكريم الكثير من القصص، منها قصص الأنبياء ومنها غير ذلك، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى أهمية القصص في الاعتبار والتفكر، قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}
(3)
، وقال:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}
(4)
. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقص على الناس القصص
(1)
النهاية في غريب الحديث والأثر، ابن الأثير، حرف العين، باب العين مع الباء، ص 573.
(2)
انظر: أساليب الدعوة إلى الله في القرآن الكريم، أبو المجد سيد نوفل، (مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، العدد 52، شهر شوال، ذو القعدة - ذو الحجة، 1402 هـ).
(3)
سورة يوسف، الآية:111.
(4)
سورة النمل، الآية:76.
ليتعظوا، وقد أمره الله بذلك، قال تعالى:{فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
(1)
.
وقد اتبع الصحابة رضي الله عنهم الرسول في قص القصص على المدعوين من القصص القرآني الذي جاء من عند الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك الصحيفة التي أعطتها فاطمة بنت الخطاب لأخيها عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وفيها سورة طه، حيث ورد فيها قصة موسى عليه السلام عندما كان في الوادي المقدس، فعندما قرأها عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسلم. فمن أفضل أساليب الوعظ استعمال الأسلوب القصصي؛ لأن النفس البشرية مجبولة على محبة القصة، والميل إليها، وربطها بالواقع، وحفظها أكثر من غيرها من الأساليب، وبمجرد سردها تقبل الأسماع عليها، وتتأثر بمضامينها تأثراً عظيماً؛ فالنفوس مولعة بمتابعة القصة، وتهتز لها عند سماعها، وتقبل عليها
(2)
، وذلك ما حصل مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وأيضاً في قراءة مصعب بن عمير رضي الله عنه بداية سورة يوسف على عمرو بن الجموح
(3)
، وفيها قصة يوسف عليه السلام.
ومن التذكير بالقصص للعبرة دعوة النجاشي لعمرو بن العاص عندما قال له: ويحك يا عمرو، أطعني واتبعه فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى بن عمران على فرعون وجنوده؛ فذكره بقصة موسى عليه السلام وفرعون. وأيضاً ما ذكره عمرو بن مرة الجهني رضي الله عنه لقومه عن العرب فقال: (كانوا يجمعون بين الأختين، والتراث في الشهر الحرام، ويخلف الرجل على امرأة أبيه (.
(1)
سورة الأعراف، الآية:176.
(2)
انظر: البصيرة في الدعوة إلى الله، عزيز فرحان العنزي، ص 104.
(3)
انظر: سير أعلام النبلاء، الذهبي، 1/ 194.