الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني
منهج الصحابة رضي الله عنهم في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب فيما يتعلق بالأساليب
تمهيد:
عند البحث في أساليب الصحابة في الدعوة نجد أن أساليبهم تعددت واختلفت باختلاف الظروف والأحوال، سواء من المدعو نفسه أو من الداعي أو حتى من الجو العام المحيط بأركان الدعوة (المدعو، الداعي، الدعوة)، إلا أن أساليبهم لم تتعدَّ ثلاثة محاور تدور في فلكها وهي:(العقلي، الحسي التجريبي، العاطفي)، بل إن هناك بعض الدعاة قد استخدم أكثر من محور في دعوة شخص واحد، وذلك ما سوف يتضح من خلال طرح هذه الأساليب ضمن المحاور الثلاثة السابقة، وسوف نسميها بمحاور أسلوب الدعوة، وذلك لأنه ينطبق عليها تعريف الأسلوب بأنه "طريقة للتأثير"، فتصبح ثلاثة محاور تدور حولها أساليب الدعوة، وهذه المحاور هي:
1 -
المحور العقلي.
2 -
المحور الحسي التجريبي.
3 -
المحور العاطفي.
وبناءً على هذه المحاور سيُبحَث كل أسلوب مع ما يناسبه من هذه المحاور؛ لأنه قد يتوافر في الأسلوب الواحد أكثر من جانب من هذه المحاور يستخدمه الداعي للتأثير على المدعو.
ولأن بعض الباحثين ناقشوا هذه الجوانب على أنها "مناهج الدعوة" وذلك خلال كتابتهم عن منهج الدعوة، إلا أنها هنا عُدَّت أساليب وليست مناهج وذلك لعدة أسباب منها:
أ) أن منهج الدعوة واحد ولا يمكن أن يكون متعدداً، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في قوله تعالى:{لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا}
(1)
، والشرعة والمنهاج هما بالإفراد وليس بالجمع، أي لا يمكن تعددهما من منظور الإسلام، ومنهج الدعوة هو الإسلام.
ب) أن المناهج (العقلي، الحسي، العاطفي) هي مناهج تنطبق على بعض العلوم المدنية التطبيقية إلا أنها لا تنطبق على العلوم الشرعية؛ لأن مصدرها الكتاب والسنة، ومنهجها ثابت.
جـ) أن المناهج (العقلي والحسي والعاطفي) تعتمد على صفات بشرية وقدرات إنسانية تتباين من شخص لآخر، ومنهج الدعوة هو منهج إلهي محكوم بضوابط شرعية لا تخضع للمنهج العقلي كالفلاسفة، ولا للمنهج الحسي كالدهريين، ولا للعاطفة التي تسيطر عليها الرغبات وتختلف بين البشر.
(1)
سورة المائدة، الآية:48.
د) أن ما كتب عن هذه المناهج هي أساليب يقوم بها الدعاة أنفسهم وتختص بهم وبالمدعوين، وتدخل ضمن منهج الدعوة، وهي جزء من العملية الدعوية التي تدور داخل إطار منهج الدعوة.
هـ) أنه من مفهوم منهج الدعوة ومفهوم أسلوب الدعوة نجد أن تعريف الأسلوب ينطبق على تعريف هذه المناهج، وأنه مشمول ضمن تعريف منهج الدعوة. فالمنهج أشمل من أن يحصر في العقل أو العاطفة أو الحس والتجربة.
و) كثير ممن عرف "المنهج" أطلق عليه كلمة "أسلوب"، وقد يكون هذا سبباً في الخلط؛ لأن هذه التعريفات كانت مصادرها علوماً أخرى غير شرعية، فكان اللبس هو تسمية الأسلوب بالمنهج؛ مما حرف معنى هذا المصطلح إلى غير معناه.
عوداً على بدء، فإن البحث في الأساليب هنا سوف يتطرق إلى أساليب الصحابة التي استخدموها في دعوتهم، وما الجوانب التي اشتملت عليها هذه الأساليب بشكل عام ومدى علاقتها بالناحية العقلية والحسية والعاطفية، وماذا توافر فيها من هذه المحاور.