الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فبعد أن عرض عليهم الحجج العقلية والبراهين المنطقية في أول خطبته أثار وجدانهم وعاطفتهم بالثناء عليهم ومدحهم، وذكر لهم صفاتهم وشيمهم في وسطها، وبعد أن أثر فيهم بخطبته دعاهم إلى الإسلام فأسلموا وتبعوه.
ب) الحوار:
"هو اصطلاح يدل على مشاركة المتحدثين في الكلام"
(1)
، "وهو المرادّة في الكلام، ومنه التحاور"
(2)
، يقول الدكتور محمد بشر حداد:"إن الحوار في الثقافة العربية الإسلامية هو المراجعة في الكلام، والتجاوب بين المتحاورين بما يقتضي من رجاحة عقل، وسعة صدر، واتساع أفق منبثق من يقين، وثبات، وتعامل راق متحضر"
(3)
، فالحوار هو حديث شفهي يحصل بين طرفين أو أكثر يستمع كل منهم للآخر بهدوء وتركيز لعرض أفكارهم للوصول إلى نتيجة، ومنه يعرف الدكتور عبدالله المجلي الحوار:"أنه نقاش هادئ من أجل الوصول إلى رأي موحد أو متقارب حول موضوع معين"
(4)
، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى كلمة الحوار في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع، وذلك في قوله تعالى:{فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا}
(5)
(6)
، وقوله تعالى:{وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا}
(7)
.
(1)
فن الخطابة والإلقاء، أنطوان وحيد نعيم، ص 210.
(2)
المفردات في غريب القرآن، الأصفهاني، كتاب الحاء، ص 135.
(3)
الدعوة والإصلاح، محمد بشير حداد، ص 294.
(4)
المصطلحات الدعوية، عبدالله بن محمد المجلي، ص 34.
(5)
سورة الكهف، الآية:34.
(6)
سورة الكهف، الآية:37.
(7)
سورة المجادلة، الآية:1.
وقد قال بعضهم: إن الحوار هو الجدل، ومن هؤلاء الحافظ ابن كثير في تفسيره لسورة الكهف، قال:"يحاوره، أي: يجادله"
(1)
، ويقول الشيخ صالح بن حميد:"إن الحوار والجدال ذو دلالة واحدة"
(2)
، ويذكر الشيخ سعد الشثري "أن الحوار عند العلماء المتقدمين يسمونه الجدال ويستدلون عليه بقوله جل وعلا:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} "
(3)
.
ومن هذه الآية تبين صلة لفظ المجادلة بلفظ الحوار، وقد تكون المجادلة درجة من درجات الحوار، وبذلك تكون من الأساليب التي تستخدم في الحوار، ومن هذا كان للحوار دور في إيصال دعوة الصحابة، بل كان هو الغالب في فترة بداية الإسلام في الفترة المكية، ومن ذلك الحوارات التي كان يقوم بها أبو بكر الصديق ليدعو الناس للإسلام، مما تسبب في إسلام السابقين للإسلام مثل: عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبدالرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، وأبي عبيدة بن الجراح، وأبي سلمة، والأرقم بن أبي الأرقم، وعثمان بن مظعون، وأخويه عبدالله، وقدامة، وعبيدة بن الحارث، وسعيد بن زيد وامرأته فاطمة بنت الخطاب، وغيرهم كثير رضي الله عنهم، وكل ذلك بالحوار والمجادلة الحسنة، وذلك أنه كان رضي الله عنه رجلاً مألوفاً لقومه ذا خلق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر، فجعل رضي الله عنه
(1)
تفسير القرآن العظيم، ابن كثير، 9/ 136.
(2)
أصول الحوار وآدابه في الإسلام، صالح بن عبدالله بن حميد، ص 6.
(3)
أدب الحوار، سعد بن ناصر الشثري، ص 9.