الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير صحيح، وذلك أنها لم تصبه بشيء وهو يسبها، فكان ذلك مرئياً من جميع قومه دون استثناء مما جعلهم يسلمون من يومهم ذلك.
ثانياً: ربط إحساس المدعو بالواقع في البيئة المحيطة:
إن من أهم الأمور الدعوية هو إعادة تنبيه المدعو إلى واقع الحال من خلال البيئة المحيطة به، سواء القريبة المشاهدة أو المنقولة له بالأخبار الموثوقة؛ لأن البشر أحياناً يكونون غافلين عما حولهم، ويحتاجون من يذكرهم وينبههم من غفلتهم حتى يستطيعوا أن يحسوا بما هو حولهم وما هو واقع في البيئة المحيطة بهم أو البعيدة عنهم من أحداث، وما هي مقبلة عليه الأمور.
فهذا الأسلوب الحسي وهو ربط الواقع بالحس من الأساليب التي تجعل المدعو يعيد حساباته ويغير اقتناعاته بناءً على المعطيات التي تعرض عليه من قبل الداعي، فيجب على الداعي أن يعرف ما الأمور والأحداث المحيطة به، التي لها تأثير على المدعو حتى يستطيع أن يسخِّرها لدعوته ويستخدمها في جلب إحساس المدعو للتواصل معها وتمييزها.
وللصحابة رضي الله عنهم مواقف عدة في استخدام هذا الأسلوب سوف نتطرق إلى بعض منها:
أ) عندما قدم العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه على المنذر بن ساوى في البحرين كان من نقاشه معه ودعوته له قوله: "إن هذه المجوسية شر دين ليس فيها
تكرُّم العرب، ولا علم أهل الكتاب، ينكحون ما يستحيا من نكاحه، ويأكلون ما يتكرَّم من أكله، ويعبدون في الدنيا ناراً تأكلهم يوم القيامة". فنرى هنا تفصيل العلاء رضي الله عنه حال الواقع الذي فيه المجوس ومن يدينون بدينهم وما هم عليه من رذائل قد يكون المنذر غافلاً عنها، إلا أن إثارة الحواس بما هو محسوس يؤدي إلى تفاعل من قبل المدعو لوجود واقع لا يمكن إنكاره، وذلك ما حصل مع المنذر بن ساوى حيث أسلم وأسلم معه قومه.
ب) دعوة عمر بن مرة الجهني رضي الله عنه لقومه فيها لفت نظر إلى واقع العرب في الجاهلية والعادات السيئة التي لديهم، وذلك في قوله لهم:"وبغَّض إليكم في جاهليتكم ما حبَّب إلى غيركم من العرب، فإنهم كانوا يجمعون بين الأختين، والغزاة في الشهر الحرام، ويخلف الرجل على امرأة أبيه".
فبعرض الواقع أمام المدعوين وتذكيرهم به ولفت نظرهم إليه تحريك لإحساسهم تجاه هذا الواقع لكي يعوا ما هم عليه ويتنبه إحساسهم إليه فيكون لدعوته تأثير على من يدعو، فباستخدام عمرو رضي الله عنه لهذا الأسلوب الحيِّ الذي يمسُّ واقع قومه أثَّر ذلك فيهم مما جعلهم يطيعونه ويسلمون.
جـ) في قصة هروب ابن الزبعرى إلى نجران والتي سبق ذكرها وقصيدة حسان بن ثابت رضي الله عنهما التي أرسلها إليه عرض للواقع وما هو حال ابن الزبعرى في نجران ودعوته له للتأمل في نفسه ووضعه.