الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: الاستفادة من منهج الصحابة رضي الله عنهم في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب فيما يتعلق بالداعي
بما أن الصحابة رضي الله عنهم أنفسهم هم الدعاة إلى الله، فإن الفوائد المستقاة من منهجهم في دعوة المشركين كثيرة ومتعددة؛ لذلك سنحاول أن نذكر هنا الفوائد المباشرة من منهج الصحابة، وذلك بشيء من التفصيل الذي يؤدِّي إلى الإلمام بالمعنى وإيصال المعلومة دون نقص فيها.
ومن فوائد منهج الصحابة رضي الله عنهم في دعوة المشركين فيما يتعلق بالداعي ما يأتي:
الفائدة الأولى: أن كل مسلم هو داعٍ إلى الله سواء كُلِّف من وليِّ أمر المسلمين أم لم يكلَّف:
إن القيام بالدعوة هو مسؤولية كل مسلم دون استثناء، وذلك حسب القدرة، وقد نص القرآن الكريم على ذلك، قال تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي}
(1)
، يقول الكلبي في هذه الآية:"حق على كل من اتبعه أن يدعو إلى ما دعا إليه، ويذكر بالقرآن والموعظة"
(2)
، وبذلك يكون على جميع المسلمين الدعوة إلى اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم حيث لم يستثنَ من اتباعه أحد، وهذا تكليف إليه للجميع، وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"بلغوا عني ولو آية"
(3)
أيضاً تكليف من الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك حيث جعل التبليغ حتى في
(1)
سورة يوسف، الآية:108.
(2)
التفسير القيم، ابن القيم، ص 318 - 319.
(3)
صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم 3461، ص 582.
آية واحدة، يقول الدكتور فضل إلهي:"فمن من المسلمين رجلاً كان أو أنثى، عالماً كان أم غير عالم، تاجراً كان أم عاملاً، من منهم لا يعرف أمراً واحداً من أمور الدين؟ ففي هذا الحديث حمَّل النبي صلى الله عليه وسلم كل مسلم مسؤولية تبليغ ما عرفه من أمور الدين"
(1)
.
وقد قام الصحابة رضي الله عنهم بهذه المهمة، فمنهم من أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك وكلَّفه به، كمصعب بن عمير وعلي بن أبي طالب ومعاذ بن جبل وغيرهم ممن أرسلهم صلى الله عليه وسلم، ومنهم من لم يأمره بل أخذ أمر الدعوة على عاتقه كواجب من واجبات المسلم تجاه دينه، ولم ينتظر الأمر بذلك كأبي بكر وسعد بن معاذ وقصة الأعرابي الذي عرض على الرسول صلى الله عليه وسلم الذهاب إلى قومه ودعوتهم، وذلك أن ابن عمر رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأقبل أعرابي فلما دنا منه قال رسول الله: "إلى أين؟ " قال: إلى أهلي، قال:"هل لك من خير؟ " قال: وما هو؟ قال صلى الله عليه وسلم: "تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله"، قال: هل من شاهد على ما تقول؟ قال صلى الله عليه وسلم: "هذه السمرة"، فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بشاطئ الوادي فأقبلت تخدُّ الأرض خدَّاً حتى كانت بين يديه، فاستشهدها ثلاثاً فشهدت أنه كما قال ثم رجعت إلى نبتها، ورجع الأعرابي إلى قومه وقال: إن يتبعوني آتيك بهم، وإلا رجعت إليك فكنت معك
(2)
.
(1)
ركائز الدعوة إلى الله، فضل إلهي، ص 17.
(2)
صحيح ابن حبان، المجلد السادس، الجزء الثامن، كتاب التاريخ، باب المعجزات، رقم 6514، ص 117. حديث صحيح (الألباني، التعليقات الحسان، رقم 6471، 9/ 232).