الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}
(1)
.
ح) الشاهد الثامن: بيان بطلان دين المشركين:
(2)
. وقد طبق ما في هذه الآية عدد من الصحابة منهم ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه وذلك في حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عليه وأناخ بعيره عند باب المسجد، إلى أن قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن يصدق ذو العقيصتين دخل الجنة (، قال: فأتى إلى بعيره فأطلق عقاله ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه، فكان أول ما تكلم به أن قال: بئست اللات والعزى! قالوا: مه يا ضمام، اتق البرص والجذام، اتق الجنون، قال: ويلكم، إنهما والله لا يضران ولا ينفعان، إن الله عز وجل قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتاباً استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، إني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه، قال: فوالله ما أمسى من ذلك اليوم في حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلماً، قال: يقول ابن عباس: فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة
(3)
.
وفي قول ضمام بن ثعلبة: "إنهما والله لا يضران ولا ينفعان" موافقة لقوله تعالى: {وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ
(1)
سورة المنافقون، الآية:8.
(2)
سورة الفرقان، الآية:3.
(3)
انظر: المسند، الإمام أحمد، مسند عبد الله بن عباس، رقم 2380، 1/ 691. حديث حسن (الألباني، سلسلة الأحاديث الضعيفة، المجلد العاشر، القسم الثاني، رقم 4992، ص 750).
ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}، وقد ورد في القرآن الكريم في عدة مواضع أن هذه الآلهة لا تضر ولا تنفع كقوله تعالى:{قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}
(1)
، وقوله تعالى:{قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}
(2)
، وفي خطابه سبحانه وتعالى لبني إسرائيل عندما صنعوا العجل قال تعالى:{أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا}
(3)
، كما أن هناك آيات أخرى تدل على أن ما يعبدونه من دون الله لا يضر ولا ينفع.
وفي قصة دعوة عبدالله بن رواحة رضي الله عنه لأبي الدرداء وتحطيم صنمه إشارة إلى أن هذا الصنم لا يستطيع أن يضر من حطمه، وقصة إسلام عمرو بن الجموح وما فعله ابنه معاذ ومعاذ بن جبل رضي الله عنهم من إهانة لصنم عمرو بن الجموح حتى أثبتوا له أنه صنم لا يستطيع أن يدافع عن نفسه فكيف ينفع غيره أو يضرهم؟ كما أن هناك شاهداً في قصة إسلام عثمان بن عفان رضي الله عنه التي ذكرناها سابقاً، عندما قال له أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ويحك يا عثمان، إنك لرجل حازم ما يخفى عليك الحق من الباطل، ما هذه الأوثان التي يعبدها قومنا؟ أليست من حجارة صم لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع؟ قال قلت: بلى والله إنها كذلك، قال: فقد والله صدقتك خالتك، ثم بعد ذلك أخذه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلم في لحظته رضي الله عنه.
(1)
سورة المائدة، الآية:76.
(2)
سورة الرعد، الآية:16.
(3)
سورة طه، الآية:89.
وقول أبي بكر رضي الله عنه: إن هذه الحجارة لا تسمع ولا تبصر ولا تضر ولا تنفع هو استلهام لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ}
(1)
.
يقول الشيخ السعدي في تفسير هذه الآيات: "هذا في بيان عدم استحقاق هذه الأصنام التي يعبدونها من دون الله بشيء من العبادة؛ لأنها ليس لها استطاعة ولا اقتدار في نصر أنفسهم ولا في نصر عابديها، وليس لها قوة العقل والاستجابة، فلو دعوتها إلى الهدى لم تهتد، وهي صور لا حياة فيها"
(2)
، وكأنه رحمه الله يعيد كلام أبي بكر الصديق لعثمان بن عفان رضي الله عنهما.
(1)
سورة الأعراف، الآيتان: 197 - 198.
(2)
تيسير الكريم الرحمن، السعدي، ص 355.