الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أروى بنت عبد المطلب فقال: تبعت محمداً وأسلمت لله، فقالت له أمه: إن أحق من آزرت وعضدت خالك، والله لو كنا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه وذببنا عنه، فقال طليب: فما يمنعك يا أمي من أن تسلمي وتتبعيه فقد أسلم أخوك حمزة، ثم قالت: أنظر ما يصنع أخواتي ثم أكون إحداهن، فقال طليب: فإني أسألك بالله إلا أتيته فسلمت عليه وصدقته وشهدت ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فقالت: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. وكانت تعضد النبي صلى الله عليه وسلم بلسانها وتحض ابنها على نصرته والقيام بأمره
(1)
. فهذا طليب رضي الله عنه بعد إسلامه مباشرة ذهب إلى والدته ليدعوها إلى الإسلام، وفي تأكيد هذا الأمر ورد في القرآن قوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
(2)
، فأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بأن يتقوا النار هم وأهلوهم قبل أي أحد آخر.
هـ) الشاهد الخامس: الإجارة من أجل الدعوة:
(3)
. وعلى هذا الأساس كانت دعوة أبي ذر رضي الله عنه لحويطب بن عبد العزى، قال حويطب: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1)
انظر: الطبقات الكبرى، ابن سعد، طبقات البدريين من المهاجرين، 3/ 123.
(2)
سورة التحريم، الآية:6.
(3)
سورة التوبة، الآية:6.
مكة خفت خوفاً شديداً فخرجت من بيتي وفرقت عيالي في مواضع يأمنون فيها فانتهيت إلى حائط عوف فكنت فيه فإذا أنا بأبي ذر الغفاري وكانت بيني وبينه خلة -والخلة أبداً مانعة-، فلما رأيته هربت منه فقال: أبا محمد، فقلت: لبيك، قال: ما لك؟ قلت: الخوف، قال: لا خوف عليك أنت آمن بأمان الله عز وجل، فرجعت إليه فسلمت عليه فقال: اذهب إلى منزلك، قلت: هل لي سبيل إلى منزلي؟ والله ما أراني أصل إلى بيتي حياً حتى ألفى فأقتلع أو يدخل عليَّ منزلي فأقتل، وإن عيالي لفي مواضع شتى، قال: فاجمع عيالك في موضع وأنا أبلغ معك إلى منزلك، فبلغ معي وجعل ينادي عليَّ: أن حويطباً آمن فلا يهج، فذهب أبو ذر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال صلى الله عليه وسلم: أو ليس قد أمن الناس كلهم إلا من أمرت بقتلهم؟ قال: فاطمأننت ورددت عيالي إلى منازلهم وعاد إليَّ أبو ذر فدعاني إلى الإسلام فخرجت معه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وسلمت عليه وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله
(1)
.
وفي هذا الشاهد تطبيق لما ورد في الآية من سورة التوبة، فقد استجار حويطب بأبي ذر رضي الله عنهم وأجاره {فَأَجِرْهُ} ثم قام أبو ذر بدعوة حويطب للإسلام {حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} .
(1)
انظر: البداية والنهاية، ابن كثير، 8/ 69.