الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
منهج الصحابة رضي الله عنهم في دعوة المشركين من غير أهل الكتاب فيما يتعلق بالموضوعات
تمهيد:
"الموضوع هو محل العرض المختص به، وقيل: هو الأمر الموجود في الذهن، وموضوع كل علم: ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتية كبطن الإنسان لعلم الطب وكالكلمات لعلم النحو"
(1)
. وقيل: إن الموضوع: "هو المادة التي يبني عليها المتكلم أو الكاتب كلامه"
(2)
.
ولما كان موضوع دعوة الصحابة هو الأمر الموجود بذهن كل واحد منهم، ويبحث في عوارض الدعوة الذاتية، وهي ما يبني عليه الصحابة رضي الله عنهم دعوتهم، فإن جميع ذلك لا يعدو أن يكون الإسلام بجميع جوانبه هو موضوع دعوة الصحابة بل وموضوع الدعوة بشكل عام لكل داعٍ إلى الله.
(1)
التعريفات، الجرجاني، ص 256.
(2)
المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، ص 1040.
فكان الإسلام بمعناه الشامل من عقيدة وشريعة وأخلاق ومن أمر الدنيا والآخرة هو موضوع الدعوة، وهو الذي بلَّغه النبي صلى الله عليه وسلم بأمر من ربه، قال تعالى:{فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}
(1)
.
ومن هنا نجد أنه لا خيار للداعي في موضوع الدعوة الرئيس، ولا يسعه جهله إلا أنه يستطيع الدعوة إلى أحد الموضوعات التي يشتمل عليها الإسلام، ومن مميزات الإسلام أنه أرشد الناس وعلمهم جميع شؤون حياتهم الشخصية والاجتماعية والاقتصادية، وعلمهم ما فيه سعادتهم وفوزهم الأبدي الدائم في الآخرة. من هذا نجد أن موضوعات الدعوة تتناول هذه الجوانب، وما تؤدي إليه في النهاية، وذلك مقصد الدعوة والغاية منها والهدف المرجو.
ولأن الدعوة إلى الله هي لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، وهذا النقل لا يتم إلا من خلال تغيير ما بأنفسهم:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}
(2)
، "وتغيير ما بالنفوس معناه إحلال معانٍ صحيحة محل معانٍ فاسدة"
(3)
، فلابد أن تكون هذه المعاني موافقة لما جاء به الكتاب والسنة؛ لذلك كانت هذه المواضيع التي تبنى عليها هذه المعاني، وهي لا تتعدى الموضوعات الرئيسة للإسلام مثل:
(1)
سورة آل عمران، الآية:20.
(2)
سورة الرعد، الآية:11.
(3)
الدعوة إلى الله الواقع والأمل، سيد محمد ساداتي الشنقيطي، ص 41.