الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حجة، لأن نصه يبين أنه إنما كان قبل النهي؛ لأن من الباطل المحال أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاهم عن استقبال القبلة بالبول والغائط، ثم ينكر عليهم طاعته في ذلك، هذا ما لا يظنه مسلم، ولا ذو عقل، وفي هذا الخبر إنكار ذلك عليهم، فلو صح لكان منسوخاً بلا شك.
الدليل الثالث:
(269 - 113) استدل بعضهم بما رواه البخاري، قال: عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان،
عن عبد الله بن عمر، أنه كان يقول: إن ناساً يقولون إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس، فقال عبد الله بن عمر: لقد ارتقيت يوماً على ظهر بيت لنا، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته. الحديث
(1)
.
وجه الاستدلال:
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استقبال القبلة واستدبارها، فكون الرسول صلى الله عليه وسلم استدبر القبلة في حديث ابن عمر، وحديث جابر دليل على جواز استقبالها، فهذا دليل على أن النهي عن الاستقبال والاستدبار منسوخ، وأن الاستقبال والاستدبار كلاهما جائز.
ونوزع هذا الاستدلال بما يلي:
أما القائلون بتحريم الاستقبال والاستدبار، فأجابوا عن حديث ابن
(1)
صحيح البخاري (148)، ومسلم (266).
عمر بما يلي:
يحتمل أن يكون فعل ابن عمر قبل النهي عن استدبار القبلة، لأنه على البراءة الأصلية.
قال ابن حزم: " ليس فيه -يعني: حديث ابن عمر- أن ذلك كان بعد النهي، وإذا لم يكن ذلك فيه، فنحن على يقين من أن ما في حديث ابن عمر موافق لما كان الناس عليه قبل أن ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وهذا ما لا شك فيه، فحكم حديث ابن عمر منسوخ قطعاً بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، هذا يعلم ضرورة، ومن الباطل المحرم ترك اليقين بالظنون، وأخذ المتيقن نسخه، وترك المتيقن أنه ناسخ، وقد رجحنا في غير هذا المكان أن كل ما صح أنه ناسخ، لحكم منسوخ، فمن المحال الباطل أن يكون الله تعالى يعيد الناسخ منسوخاً، والمنسوخ ناسخاً، ولا يبين ذلك تبياناً لا إشكال فيه، إذ لو كان هذا لكان الدين مشكلاً غير بين، ناقصاً غير كامل، وهذا باطل، قال الله تعالى:{اليوم أكملت لكم دينكم}
(1)
وقال تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم}
(2)
. انتهى كلام ابن حزم
(3)
.
وقالوا أيضاً: إن حديث ابن عمر فعل، وأحاديث النهي قول، والقول مقدم على الفعل؛ لأن الفعل قد يكون فعله معذوراً أو ناسياً بخلاف القول، وقد يكون الفعل خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
المائدة: 3.
(2)
النحل: 44.
(3)
المحلى (1/ 191).