الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال: يكره
.
قالوا: إن الأصل في النهي التحريم، لكن مقتضى التعليل بأنه زاد إخواننا من الجن جعلنا نحمل النهي على أنه مكروه، وليس بمحرم.
دليل من قال: يحرم
.
قالوا: الأصل في النهي التحريم، ولا توجد قرينة صارفة للنهي عن هذا الأصل.
بل قالوا: إن مقتضى التعليل يقتضي التحريم؛ لأن العظم والروث لما كان طعام إخواننا من الجن، كان في الاستنجاء به، تعد وإفساد له، أما التعدي فظاهر، فلأن كل عظم وروث جعل من طعامهم وطعام دوابهم، فكانوا أحق به.
وأما الإفساد، فلأن هذا الطعام إذا استنجي به أدى إلى إفساده عليهم، وما جمع بين التعدي والإفساد كيف لا يكون حراماً.
دليل من قال: يكره إن كان العظم والروث طاهرين ويحرم إن كانا نجسين
.
لعلهم سبب التفريق عندهم إن العظم والروث إن كانا طاهرين كان في الاستنجاء به ملابسة النجاسة، وهي مكروهة عندهم، بخلاف ما إذا كانا طاهرين.
ولو عكسوا لم يبعدوا، لأن العظم والروث إن كانا نجسين فاستعمال النجاسة على وجه لا يتعدى لا يمنع منه، كما انتفع من شحم الميتة، فإنه يطلى به السفن ويدهن به الجلود ويستصبح به الناس كما في حديث جابر
المتفق عليه.
(370 - 214) فقد روى البخاري، قال: حدثنا قتيبة، حدثنا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح،
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح، وهو بمكة: إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام. فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة، فإنها يطلى بها السفن، ويدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال: لا هو حرام، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود؛ إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه، ورواه مسلم
(1)
.
وأما إذا كان العظم والروث طاهرين فإن فيه كما بينا سابقاً تعدياً وإفساداً فينبغي أن يكون حراماً، لو قيل هذا لم يبعد.
الراجح أن النهي للتحريم، لأنه الأصل في نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا خالف، واستنجى به، فهل يجزؤه أم لا؟
أما القائلون بالكراهة فظاهر، وأما القائلون بالتحريم فهل يصح أم لا فيه خلاف بيناه في مسألة مستقلة في اشتراط أن يكون المستنجى به طاهراً، وفي ما سبق من الفصول، والله أعلم.
(1)
صحيح البخاري (2236)، ومسلم (1581).