الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والجواب:
أن الأصل عدم العذر والنسيان، وكونه خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم سبق الجواب عليه.
وقالوا أيضاً: إننا لو أخذنا به لكان ليس فيه إلا جواز الاستدبار، وليس فيه جواز الاستقبال. وهذا القول بناء على أن حديث جابر لم يثبت عندهم، أو لم يطلعوا عليه، وسبق لنا أنه حديث حسن إن شاء الله تعالى.
أما القائلون بالتفريق بين الصحراء وغيرها، فأجابوا عن حديث ابن عمر:
بأن حديث ابن عمر دليل على جواز ذلك في البنيان، وأن المنع مختص بالصحراء؛ لأننا لما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة واستدبرها، واستحال أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نهى عنه، علمنا أن الحال التي استقبل فيها القبلة واستدبرها غير الحال التي نهى عنها، فأنزلنا النهي عن ذلك في الصحاري، والرخصة في البيوت؛ لأن حديث ابن عمر في البيوت، ولم يصح لنا أن يجعل أحد الخبرين ناسخاً للآخر؛ لأن الناسخ يحتاج إلى تاريخ، أو دليل لا معارض له، ولا سبيل إلى القول بالنسخ ما وجد إلى استعمال الدليلين، والقول بالنسخ إبطال لأحدهما
(1)
.
دليل من فرق بين الصحراء والبنيان
.
الدليل الأول:
حملوا حديث أبي أيوب الأنصاري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا. ورواه
(1)
التمهيد بتصرف (3/ 106).
مسلم
(1)
.
ومثله حديث سلمان وابن مسعود وأبي هريرة حملوا هذه الأحاديث على الصحراء.
وحملوا حديث ابن عمر رضي الله عنهما: لقد ارتقيت يوماً على ظهر بيت لنا، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبلا بيت المقدس لحاجته. الحديث
(2)
.
على جواز استدبار القبلة إذا كان ذلك في البنيان.
وحملوا حديث جابر رضي الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن أن نستدبر القبلة أو نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء، قال: ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة
(3)
.
حملوا هذا الحديث على جواز الاستقبال إذا كان هناك ساتر من جدار أو غيره، مع أن حديث جابر ليس فيه ذكر الساتر، لكن قالوا: هو المعهود من حاله صلى الله عليه وسلم لمبالغته في التستر حال قضاء الحاجة.
قال الحافظ ابن حجر: دل حديث ابن عمر على جواز استدبار القبلة في الأبنية، وحديث جابر على جواز استقبالها، ولولا ذلك لكان حديث أبي أيوب لا يخص من عمومه بحديث ابن عمر إلا جواز الاستدبار فقط، ولا يلحق به الاستقبال قياساً؛ لأنه لا يصح إلحاقه به، لكونه فوقه
(4)
.
(1)
صحيح البخاري (394)، ومسلم (264).
(2)
صحيح البخاري (148)، ومسلم (266).
(3)
المسند (3/ 360).
(4)
الفتح (ح 144).