الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الحادي عشر في استحباب قول غفرانك
استحب الفقهاء أن يقول: إذا خرج من الخلاء غفرانك
(1)
.
والدليل على هذا:
(209 - 53) ما رواه أحمد، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه قال:
حدثتني عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الغائط قال غفرانك
(2)
.
[حديث حسن]
(3)
.
(1)
انظر في مذهب الحنفية: حاشية ابن عابدين (1/ 345).
وانظر في مذهب المالكية: التاج والإكليل (1/ 391)، الخرشي (1/ 143)، الفوكه الدواني (2/ 333)، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (1/ 106)، حاشية الصاوي (1/ 90)، منح الجليل (1/ 99).
وانظر في مذهب الشافعية: المجموع (2/ 90)، شرح البهجة - الأنصاري- (1/ 115)، تحفة المحتاج (1/ 173)، نهاية المحتاج (1/ 143)،
وانظر في مذهب الحنابلة: المغني (1/ 110)، الفروع (1/ 117)، كشاف القناع (1/ 67)، مطالب أولي النهى (1/ 65)، المبدع (1/ 82)، دليل الطالب (ص: 7)، شرح العمدة (1/ 139)، حاشية الطحطاوي (ص: 36).
(2)
المسند (6/ 155).
(3)
في إسناده يوسف بن أبي بردة،
ذكره ابن أبي حاتم، وسكت عليه. الجرح والتعديل (9/ 226).
ذكره ابن حبان في الثقات. (7/ 638).
وقال العجلي: كوفي ثقة. معرفة الثقات (2/ 375). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقال الذهبي: ثقة. الكاشف (6427).
وذكر الشوكاني وأحمد شاكر أن أبا حاتم صحح حديثه هذا. سنن الترمذي (1/ 12)، ونيل الأوطار (1/ 88).
والموجود في العلل (1/ 43) قال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: أصح حديث في هذا الباب حديث عائشة، يعني: حديث إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة، عن أبيه، عن عائشة. اهـ
فإن كان الشوكاني وأحمد شاكر أخذا ذلك من هذه العبارة، فهي ليست صريحة في التصحيح، لأن قوله: أصح حديث في هذا الباب، لا يلزم منها تصحيح الحديث، إلا أن يكون للشيخ أحمد شاكر والشوكاني مصدر آخر غير هذا.
كما صحح حديثه ابن حبان وابن خزيمة، حيث خرجاه في صحيحيهما، كما سيأتي بيانه في تخريج الحديث.
وقال الحاكم: هذا حديث صحيح، يوسف بن أبي بردة من ثقات آل أبي موسى، ولم نجد أحداً يطعن فيه، وقد ذكر سماع أبيه من عائشة.
وفي التقريب: مقبول، يقصد بشرط المتابعة، والذي يظهر لي والعلم عند الله أن يوسف أرفع من حكم الحافظ، وحديثه إن لم يكن من قبيل الحديث الصحيح، فهو من قبيل الحديث الحسن لذاته، وقد قال الترمذي: حديث حسن غريب كما في السنن (7) والله أعلم.
[تخريج الحديث]
الحديث أخرجه أحمد (6/ 155)، وأبو داود (30) وابن الجارود (42)، والبغوي في شرح السنة (188) من طريق هاشم بن القاسم.
وأخرجه ابن أبي شيبة (1/ 11) وابن خزيمة (90)، والبيهقي في السنن (1/ 97) من طريق يحيى بن أبي بكير.
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير (8/ 386) والترمذي (7) والدارمي (680) من طريق مالك بن إسماعيل.
وأخرجه الحاكم (1/ 158)، والبيهقي في السنن (1/ 97) من طريق عبيد الله بن موسى.
وأخرجه البيهقي (1/ 97) من طريق طلق بن غنام وأبي النضر. كلهم رووه عن إسرائيل، عن يوسف بن أبي بردة به.
مبحث مناسبة طلب المغفرة بعد قضاء الحاجة
ذكر النووي وجهين:
أحدهما: أنه استغفر من ترك ذكر الله تعالى، حال لبثه على الخلاء، وكان لا يهجر ذكر الله تعالى إلا عند الحاجة
(1)
. اهـ
وقد تعقبه بعضهم: بأنه امتنع عن ذكر الله بأمر الله، فهو محمود في ذلك غير مذموم، ومن فعل فعلاً محموداً كان المناسب له الشكر، وليس الاستغفار.
وممكن أن يقال: إن المرأة ناقصة عن الرجل في دينها، وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأنها إذا حاضت لم تصل ولم تصم، مع أنها تركت الصلاة اتباعاً للشرع، وهي محمودة في تركها للصلاة، ولو فعلت لكانت مستحقة للذم. والذي يترجح لي أن المرأة لا تثاب على تركها للصلاة؛ لأنها ليست مكلفة في الصلاة حال حيضها، ثم تركت الصلاة لوجود عذر، وإنما هي ليست مخاطبة بالصلاة حال الحيض، بخلاف من كان من عادته فعل شيء، وكان مخاطباً به مطلوباً منه فعله، ثم تركه لعذر، فإنه يكتب له، وقد بحثت هذه المسألة في كتابي الحيض والنفاس، وذكرت أقوال أهل العلم فيها، والله أعلم.
الوجه الثاني:
قال النووي: إنه استغفر خوفاً من تقصيره في شكر نعمة الله تعالى التي أنعمها عليه، فقد أطعمه، ثم هضمه، ثم سهل خروجه، فرأى شكره قاصراً
(1)
المجموع (2/ 90).
عن بلوغ هذه النعمة، فتداركه بالاستغفار
(1)
. اهـ
الوجه الثالث: قال ابن القيم: في هذا من السر -والله أعلم- أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه، فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب، فحمد الله عند خروجه على خلاصه من هذا المؤذي لبدنه، وسأل أن يخلصه من المؤذي الآخر، ويريح قلبه منه، ويخففه، وأسرار كلماته وأدعيته فوق ما يخطر بالبال
(2)
. اهـ
فيكون بذهاب الأذى الحسي، تذكر الأذى المعنوي: وهو الذنوب، فسأل الله المغفرة.
الوجه الرابع: يذكره بعض الفقهاء، وليس له أصل.
قال الخرشي: لما كان خروج الأخبثين بسبب خطيئة آدم، ومخالفة الأمر حيث جعل مكثه في الأرض، وما تنال ذريته فيها عظة للعباد، وتذكرة لما تئول إليه المعاصي، فقد روي: " أنه حين وجد من نفسه ريح الغائط، قال: أي رب، ما هذا؟ فقال تعالى: هذا ريح خطيئتك، فكان نبينا صلى الله عليه وسلم، يقول: حين خروجه من الخلاء: غفرانك، التفاتاً إلى هذا الأصل، وتذكيراً لأمته بهذه العظة
(3)
.
ولا يبعد أن يكون هذا التعليل من الإسرائيليات، خاصة أن النصارى هم الذين يرون أن بني آدم يحملون خطيئة أبيهم، فيحتاجون إلى الاستغفار عن ذنب لم يعملوه، والله أعلم.
(1)
المصدر السابق.
(2)
إغاثة اللهفان (1/ 58، 59).
(3)
الخرشي (1/ 143).