الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشرط الأول
في اشتراط ثلاثة أحجار
اختلف الفقهاء هل يشترط في الاستجمار ثلاثة أحجار، أم لا؟
فقيل: لا يجب العدد، بل المعتبر الإنقاء، فكيف حصل أجزأ، وهو مذهب الحنفية
(1)
، والمالكية
(2)
.
وقيل: لا بد من ثلاثة أحجار، فأكثر، وهو مذهب الشافعية
(3)
، والحنابلة
(4)
، واختيار ابن حزم
(5)
.
دليل الحنفية والمالكية على الاكتفاء بحجر واحد
.
الدليل الأول:
(350 - 194) ما رواه البخاري، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق، قال: ليس أبو عبيدة ذكره، ولكن عبد الرحمن بن
(1)
شرح معاني الآثار (1/ 121) وما بعدها، بدائع الصنائع (1/ 19)، تبيين الحقائق (1/ 76،77)، البحر الرائق (1/ 253).
(2)
المنتقى (1/ 68)، شرح الزرقاني على موطأ مالك (1/ 72)، التاج والإكليل (1/ 270)، التمهيد (11/ 17)، الكافي في فقه أهل المدينة (ص: 17)، مواهب الجليل (1/ 290)، بداية المجتهد (1/ 62).
(3)
الأم (1/ 22)، المجموع (2/ 120)، المهذب (1/ 27)، الإقناع للشربيني (1/ 54)، شرح زبد بن رسلان (ص: 52)، مغني المحتاج (1/ 45).
(4)
المغني (1/ 102)، الفتاوى الكبرى (1/ 339،340)، المبدع (1/ 94)، مختصر الخرقي (ص: 17)، منار السبيل (1/ 23)، الكافي (1/ 52)، كشاف القناع (1/ 69)، مجموع فتاوى ابن تيمية (21/ 211).
(5)
المحلى (1/ 108)،
الأسود، عن أبيه،
أنه سمع عبد الله يقول: أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط، فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده، فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين، وألقى الروثة وقال: هذا ركس
(1)
.
وجه الاستدلال:
قال الطحاوي: ففي هذا الحديث ما يدل أن النبي صلى الله عليه وسلم قعد للغائط في مكان ليس فيه أحجار، لقوله لعبد الله: ناولني ثلاثة أحجار، ولو كان بحضرته من ذلك شيء لما احتاج إلى أن يناوله من غير ذلك المكان، فلما أتاه عبد الله بحجرين وروثة، فألقى الروثة، وأخذ الحجرين، دل ذلك على استعماله الحجرين، وعلى أنه قد رأى أن الاستجمار بهما يجزيء، ولو كان لا يجزيء الاستجمار بما دون الثلاث لما اكتفى بالحجرين، ولأمر عبد الله أن يبغيه ثالثاً، ففي تركه ذلك دليل على اكتفائه بالحجرين
(2)
.
وطريق آخر للاستدلال على جواز الأقل من ثلاثة:
أن الرسول صلى الله عليه وسلم طلب من ابن مسعود ثلاثة أحجار، فأتاه بحجرين، فإما أن يكون ابن مسعود لم يأته بالثالث، أو أنه أتاه به، وعلى الحالين ففيه دليل على عدم اشتراط ثلاثة أحجار؛ لأنه صلى الله عليه وسلم اقتصر في الموضعين على ثلاثة، فحصل لكل منهما أقل من ثلاثة.
وأجيب عن هذا الدليل:
قالوا: كون الرسول صلى الله عليه وسلم لم يطلب حجراً ثالثاً لاحتمال أن يكون اكتفى
(1)
صحيح البخاري (156).
(2)
شرح معاني الآثار (1/ 122).
بالأمر الأول في طلب ثلاثة أحجار، فلم يجدد الأمر بطلب الثالث، أو اكتفى بطرف أحدهما عن الثالث؛ لأن المقصود بالثلاث أن يمسح بها ثلاث مسحات، وذلك حاصل ولو بواحد.
قال ابن حزم رحمه الله: وليس في الحديث أنه عليه السلام اكتفى بالحجرين، وقد صح أمره صلى الله عليه وسلم له أن يأتيه بثلاثة أحجار، فالأمر باق لازم، لابد من إبقائه
(1)
.
أما قولكم: إنه استعمل في الموضعين ثلاثة، فحصل لكل منهما أقل من ثلاثة، فيحتمل أن يكون لم يخرج منه شيء إلا من سبيل واحد، خاصة إذا علمنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم من عادته إذا أراد الغائط أبعد، حتى يستتر عن أعين الناس، بحيث لا يراه أحد، ولم يكن يفعل هذا في البول، فقد بال صلى الله عليه وسلم قائماً، وحذيفة عند عقبه، فقول ابن مسعود:" أتى الغائط، فأمرني " ظاهره أنه لم يأمره حتى أتى مكان قضاء الحاجة، وهذا يرجح أنه كان للبول فقط.
وقال الحافظ: وعلى تقدير أن يكون خرج منهما، فيحتمل أن يكون اكتفى للقبل بالمسح في الأرض، وللدبر بالثلاثة، أو مسح من كل منهما بطرفين.
وأجاب ابن حزم بجواب آخر، وقصر وجوب ثلاثة أحجار للغائط فقط دون البول.
قال رحمه الله: فإن قيل: أمره عليه السلام بثلاثة أحجار، هو للغائط والبول معاً، فوقع لكل منهما أقل من ثلاثة أحجار.
قلنا: هذا باطل؛ لأن النص ورد بأن لا يستنجي بأقل من ثلاثة أحجار،
(1)
المحلى (1/ 113).
ومسح البول لا يسمى استنجاء
(1)
.
وقال ابن حزم أيضاً: فإن بدأ بمخرج البول، أجزأت تلك الأحجار بأعيانها لمخرج الغائط، وإن بدأ بمخرج الغائط لم يجزه من تلك الأحجار إلا ما كان لا رجيع عليه فقط، والله أعلم
(2)
.
(351 - 195) وقد روى أحمد رحمه الله، قال: ثنا عبد الرزاق، ثنا معمر، عن أبي إسحاق، عن علقمة بن قيس،
عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته، فأمر ابن مسعود أن يأتيه بثلاثة أحجار، فجاءه بحجرين وبروثه، فألقى الروثة وقال: إنها ركس ائتني بحجر
(3)
.
[إسناده منقطع]
(4)
.
(1)
المحلى (1/ 110).
(2)
المرجع السابق (1/ 108).
(3)
المسند (1/ 450).
(4)
الحديث أخرجه أحمد كما في حديث الباب، والطبراني (9951)، والدارقطني (1/ 55)، والبيهقي في السنن (1/ 103) من طريق عبد الرزاق به.
وأخرجه الدارقطني (1/ 55) من طريق أبي شيبة الواسطي، عن أبي إسحاق به.
قال أبو زرعة وأبو حاتم: أبو إسحاق لم يسمع من علقمة شيئاً. المراسيل (ص: 145).
وروى ابن أبي حاتم بسند صحيح عن شعبة، قال: كنت عند أبي إسحاق، فقال له رجل: شعبة يقول إنك لم تسمع من علقمة؟ قال: صدق شعبة. المرجع السابق.
وقال يحيى بن معين كما في تاريخه (2/ 448): رأى علقمة، ولم يسمع منه. اهـ
وأثبت الكرابيسي سماع أبي إسحاق من علقمة فيما نقله عنه الحافظ في الفتح (1/ 257)، والأول أرجح، فقد نص كل من شعبة ويحيى بن معين وأبي حاتم وأبي زرعة أربعة أئمة على عدم سماعه منه، ثم أبو أسحاق نفسه قد صرح بأنه لم يسمع من علقمة شيئاً، =