الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث
أن يكون المستنجى به مباحاً
اشترط الحنابلة إباحة المستجمر به، فلا يجوز الاستجمار بشيء مغصوب كورق وحجر ونحوها، قال المرداوي: وهو من المفرادت
(1)
.
دليل اشتراط الإباحة.
قالوا: إن الاستجمار يرونه رخصة، والرخصة لا تسباح بمحرم.
والشيء المغصوب كسبه محرم بالاتفاق،
(384 - 228) فقد روى البخاري، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن محمد، عن ابن أبي بكرة،
عن أبي بكرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال: فإن دماءكم وأموالكم، قال محمد: وأحسبه قال: وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب
(2)
.
فإذا كان كسبه محرماً وصححنا الوضوء به نكون بذلك قد رتبنا على الفعل المحرم أثراً صحيحاً، وهذا فيه مضادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
(385 - 229) وقد روى مسلم، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم
(1)
قال في الإنصاف (1/ 109) ظاهر كلام المصنف جواز الاستجمار بالمغصوب ونحوه، وهو قول في الرعاية، ورواية مخرجة.
واختار الشيخ تقي الدين في قواعده على الصحيح من المذهب ـ وعليه الأصحاب- اشتراط إباحة المستجمر به، وهو من المفردات. اهـ وانظر شرح العمدة (1/ 160)، كشاف القناع (1/ 69).
(2)
البخاري (105)، ومسلم (1679).
وعبد بن حميد جميعاً عن أبي عامر، قال عبد: حدثنا عبد الملك بن عمرو، حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن سعد بن إبراهيم، قال: سألت القاسم بن محمد، عن رجل له ثلاثة مساكن، فأوصى بثلث كل مسكن منها، قال: يجمع ذلك كله في مسكن واحد، ثم قال:
أخبرتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد
(1)
.
ومعنى رد: أي مردود عليه، والوضوء بالماء المغصوب خلاف أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن حزم رحمه الله: من توضأ بماء مغصوب، أو أخذ بغير حق، أو اغتسل به، أو من إناء كذلك، فلا خلاف بين أحد من أهل الإسلام أن استعماله ذلك الماء وذلك الإناء في غسله ووضوئه حرام، وبضرورة يدري كل ذي حس سليم أن الحرام المنهي عنه هو غير الواجب المفترض عمله، فإذ لا شك في هذا فلم يتوضأ الوضوء الذي أمره الله تعالى به، والذي لا تجزئ الصلاة إلا به، بل هو وضوء محرم، هو فيه عاص لله تعالى، وكذلك الغسل، والصلاة بغير الوضوء الذي أمر الله تعالى به وبغير الغسل الذي أمر الله تعالى به لا تجزئ، وهذا أمر لا إشكال فيه. ونسأل المخالفين لنا عمن عليه كفارة إطعام مساكين، فأطعمهم مال غيره، أو من عليه صيام أيام، فصام أيام الفطر والنحر والتشريق، ومن عليه عتق رقبة فأعتق أمة غيره، أيجزيه ذلك مما افترض الله تعالى عليه؟ فمن قولهم: لا. فيقال لهم: فمن أين منعتم هذا وأجزتم الوضوء والغسل بماء مغصوب وإناء مغصوب؟ وكل هؤلاء مفترض عليه عمل
(1)
صحيح مسلم (1718).
موصوف في مال نفسه، محرم عليه ذلك من مال غيره بإقراركم سواء سواء. وهذا لا سبيل لهم إلى الانفكاك منه. وليس هذا قياساً، بل هو حكم واحد داخل تحت تحريم الأموال، وتحت العمل بخلاف أمر الله تعال، ى وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" وكل هؤلاء عمل عملا ليس عليه أمر الله تعالى وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مردود بحكم النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
.
وأجيب:
بأن التحريم والصحة غير متلازمين، فتلقي الجلب منهي عنه، وإذا تُلُقِيَ كان البيع صحيحاً، وللبائع الخيار إذا أتى السوق، فثبوت الخيار فرع عن صحة البيع.
وانظر بقية الأقوال وأدلتها ومناقشتها في باب المياه في الوضوء بالماء المحرم.
(1)
المحلى (1/ 207،208).