الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال بسقوط الاستنجاء عند العجز
.
(166 - 10) ما رواه البخاري في صحيحه، قال: حدثنا إسماعيل، حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم. ورواه مسلم
(1)
.
دليل من قال: يلزمه إن كان عنده أمة أو زوجة متطوعة
.
لما كان كشف العورة للأمة والزوجة مباحاً، كان مباشرة الزوجة والأمة للاستنجاء مباحاً أيضاً.
والحقيقة أن الخلاف يرجع إلى حكم كشف العورة للحاجة، والذي أراه أن كشف العورة للحاجة جائز للأجنبي.
أولاً: لأن كشف العورة محرم لغيره، وما كان محرماً لغيره أباحته الحاجة وذلك كإباحة العرايا، وإباحة كشف العورة للتداوي.
فجاز بيع العرايا مع أنه وقوع في ربا الفضل، لمجرد الحاجة إلى أكل الرطب تفكهاً، وقلنا: إنه من باب التفكه لأن الإنسان يملك تمراً، لكن ليس عنده رطب، فإذا كان الشرع نظر إلى حاجة هذا الشخص في التفكه، فكونه يباح له أن يتخلص من النجاسات بواسطة شخص آخر أولى، خاصة أن بقاء النجاسة على البدن يؤذي الرجل كما يؤذي من
(1)
صحيح البخاري (7288)، ومسلم (1337).
يجالسه للرائحة الكريهة التي تنبعث منه.
ومثله التداوي فإنه لا يعتبر ضرورة بل يعتبر حاجة بدليل أنه يجوز تركه، ولم يرشد الرسول صلى الله عليه وسلم الأمة السوداء إليه
(167 - 11) فقد روى البخاري رحمه الله قال: حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن عمران أبي بكر، قال: حدثني عطاء بن أبي رباح قال:
قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى. قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف، فادع الله لي. قال: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك. فقالت: أصبر، فقالت: إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف، فدعا لها. ورواه مسلم
(1)
.
فأرشدها إلى الصبر، ولو كان التداوي لازماً لأرشدها إليه.
(168 - 12) ومنها ما رواه البخاري، قال: حدثنا مسدد، حدثنا حصين بن نمير، عن حصين بن عبد الرحمن، عن سعيد بن جبير،
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم يوماً، فقال: عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان والنبي معه الرهط والنبي ليس معه أحد، ورأيت سواداً كثيراً سد الأفق، فرجوت أن تكون أمتي، فقيل: هذا موسى وقومه، ثم قيل لي: انظر فرأيت سواداً كثيراً سدَّ الأفق، فقيل لي: انظر هكذا وهكذا فرأيت سواداً كثيراً سدَّ الأفق، فقيل: هؤلاء أمتك، ومع هؤلاء سبعون
(1)
صحيح البخاري (5652)، صحيح مسلم (2576).
ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب، فتفرق الناس ولم يبين لهم، فتذاكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أما نحن فولدنا في الشرك، ولكنا آمنا بالله ورسوله، ولكن هؤلاء هم أبناؤنا، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون
…
ورواه مسلم بنحوه الحديث
(1)
.
فقوله: لا يسترقون: أي لا يطلبون الرقية.
ومع ذلك أجاز الفقهاء كشف العورة للتداوي، مع أنه حاجة وليس ثمت ضرورة، مع أننا في الاستنجاء لا نحتاج إلى كشف العورة، وإنما يحتاج من ينجي غيره إلى مباشرة العورة بحائل فقط دون النظر إليها. وإذا كان الميت في غسله ينجى فالحي أولى بالاستنجاء من الميت لما يلي:
أولاً: أن بقاء النجاسة على الحي يؤذيه أذى شديداً، وإيذاء الحي أشد من إيذاء الميت، ويجب إزالة كل أذى عنه متى ما كان مستطيعاً.
ثانياً: أن بقاء النجاسة على غيره يؤذي غيره ممن يخالطه، ولا بد للإنسان من المخالطة.
ثالثاً: أن هذا المريض مكلف بأداء الصلاة، ويجب لها الطهارة متى كان مقتدراً بنفسه أو بغيره، وبقاؤه على حالته تلك يوجب له من الحرج والألم النفسي ما لم يعلم قدره إلا الله، فمن أجل هذا وغيره يجب تطهيره من النجاسة وتنقيته منها متى كان ذلك بالإمكان، والله أعلم.
(1)
صحيح البخاري (5752)، وصحيح مسلم (220).