الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع في اللبث على الحاجة فوق الحاجة
استحب الحنفية
(1)
، والشافعية
(2)
، أن لا يطيل القعود فوق الحاجة.
وفي مذهب الحنابلة ثلاثة أقوال:
التحريم، وهو أشهرها
(3)
.
والكراهة، والجواز بلا كراهة
(4)
.
دليل من منع المكث فوق الحاجة.
الأول: قالوا: إن فيه كشفاً للعورة بلا حاجة.
الثاني: ما يروى عن لقمان الحكيم.
(198 - 42) ذكره ابن المنذر بلا إسناد، قال: وروينا عن لقمان أنه قال لمولاه: إن طول القعود على الخلاء يجمع منه الكبد، ويأخذ منه الناسور
(5)
.
(1)
قال في البحر الرائق (1/ 256): ولا يطيل القعود على البول والغائط؛ لأنه يورث الباسور، أو وجع الكبد. اهـ وانظر حاشية ابن عابدين (1/ 345)، حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح (1/ 36).
(2)
تحفة المحتاج (1/ 173)، المجموع (2/ 105)، المنهج القويم (1/ 77)، حواشي الشرواني (1/ 173)، أسنى المطالب (1/ 46).
(3)
قال في كشاف القناع (1/ 63): ويحرم لبثه في الخلاء فوق حاجته. وانظر مطالب أولى النهى (1/ 70، 71).
(4)
الإنصاف (1/ 96، 97)، تصحيح الفروع (1/ 114، 115).
(5)
الأوسط (1/ 340).
الثالث: الإجماع، قال النووي في المجموع: وهذا الأدب -يعني: عدم إطالة القعود- مستحب بالاتفاق
(1)
.
وقال ابن قاسم رحمه الله في حاشيته: قد حكي الإجماع على تحريمه.
قلت: وفي ذلك نظر، فلعله يعني الإجماع الذي نقله النووي، فإنه ينقل كثيراً من إجماعات النووي، وهو إجماع على الاستحباب، لا على التحريم، وقد ذكرنا وجهاً في مذهب أحمد أنه يجوز بلا كراهة
(2)
.
هذا غاية ما يمكن أن يستدل به لهذا القول.
ويمكن مناقشة هذا القول بما يلي:
أما قولهم بأنه كشف للعورة بلا حاجة، فقد سبق تفصيل ذلك في مسألة: رفع الثوب قبل الدنو من الأرض، فارجع إليها إن شئت.
وأما الاستدلال بما يروى عن لقمان الحكيم، فهذا لا أصل له. قال الشوكاني: ومما يضحك منه التمسك بما روي عن لقمان الحكيم، أنه يورث الباسور، فيا لله العجب ممن لا يتحاشى عن تدوين مثل هذا الكلام في كتب الهداية، ولقد أبعد النجعة من اعتمد في مثل هذه المسألة الشرعية على لقمان الحكيم
(3)
.
وأما قولهم: إنه يدمي الكبد، ويورث الناسور، فإن ذلك مرجعه إلى الطب، فإذا أخبر طبيب ثقة، ولو كافراً بأن هذا يحصل منه ذلك، تركناه، وأما قبل فلا. والعجب من الحنابلة كيف يعتبر رفع الثوب قبل دنوه من
(1)
المجموع (2/ 105).
(2)
انظر تصحيح الفروع (1/ 114).
(3)
السيل الجرار (1/ 71).
الأرض مكروهاً فقط مع أنه كشف للعورة بلا حاجة، ويعتبر إطالة مكثه من المحرمات، مع أنه قد يقال: إن إطالة اللبث في الخلاء تبع لأمر مباح، بخلاف من فعل ذلك ابتداء من غير حاجة، وقد يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً، فقد يتسامح في إطالة المكث، ما لايتسامح في كشفه لعورته قبل دنوه من الأرض، والله أعلم.
(199 - 43) وأما ما رواه الترمذي في سننه، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن نيزك البغدادي، حدثنا الأسود بن عامر، حدثنا أبو محياة، عن ليث، عن نافع،
عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والتعري؛ فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط، وحين يفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم.
قال أبو عيسى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وأبو محياة اسمه يحيى بن يعلى
(1)
.
[إسناده ضعيف].
فالراجح: أن القول بالتحريم قول ضعيف، وأما الكراهة فيتجه إلا أنه مبني على مسألة حكم كشف العورة والإنسان خالياً، فإن كان ذلك مباحاً فهو مباح، وإلا كان مكروهاً، ولا يتجاوز به الكراهة.
(1)
سنن الترمذي (2800).