الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل السادس:
من النظر، قالوا: إن النجاسة عين خبيثة، متى زالت بأي مزيل زال حكمها، وليس التعبد بالمزيل، ولكن التعبد بالإزالة، فالحجر وما كان مثله أو أنقى منه يحصل به المقصود، وهو طهارة المحل، والله أعلم.
دليل ابن حزم على وجوب الاقتصار على الماء أو الحجارة
.
يرى ابن حزم أن الاستنجاء يقتصر على ما رود فيه النص، وقد جاء الاستنجاء بالماء في أحاديث كثيرة سوف نسوق ما وقفنا عليه منها في باب الاستنجاء بالماء، وجاء الاستنجاء بالحجارة، وقد ذكرنا ما وقفت عليه منها في باب الاستجمار بالحجارة، ولم يرد النص في الاستنجاء إلا بالماء أو الحجارة، فطلب الاستنجاء بغيرهما لم يدل عليه الدليل، فلا يجوز الاستنجاء به، ولا يرى ابن حزم القياس حتى يقيس على الحجارة غيرها مما يزيل النجاسة، أو ربما يكون أنقى منها في الإزالة.
= وهو كذلك في مصنف ابن أبي شيبة (1/ 142) قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا أبو بشر، عن طاووس، قال: الاستنجاء بثلاثة أحجار، قال: قلت: فإن لم أجد ثلاثة أحجار؟ قال: فثلاثة أعواد، قلت: فإن لم أجد ثلاثة أعواد؟ قال: فثلاث حفنات من تراب. وسنده صحيح إلى طاووس.
ورواه البيهقي (1/ 111) من طريق هشيم به. وقال: هذا هو الصحيح عن طاووس من قوله، وكذلك رواه سفيان بن عيينة، عن سلمة بن وهرام، عن طاووس. ورواه زمعة بن صالح، عن سلمة، فرفعه مرسلاً، ثم ساقه البيهقي بإسناده (1/ 111) من طريق عبد الرزاق، عن زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، قال: سمعت طاووساً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره.
قال البيهقي: هكذا رواه ابن وهب ووكيع وغيرهم عن زمعة. حتى قال: ولا يصح وصله ولا رفعه.
ويقال لابن حزم: كيف جوزت الاستجمار بالرمل والتراب مع أنه لم يأت به نص، فإن كان الدليل هو الاستجمار بالحجارة، فهذا باب من القياس، وأنت لا ترى القياس، وإن كان اتباعاً للدليل فلا أعلم نصاً في السنة في الاستجمار بالرمل والتراب.
واستدل بعضهم من وجه آخر، فقال: إن الاستجمار رخصة، فيقتصر بها على ما ورد
(1)
.
وقال ابن المنذر: لا نحفظ عن رسول الله شيئاً من الأخبار أنه أمر بالاستنجاء بغير الحجارة، ومن استنجى بالحجارة كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أتى بما عليه، وإن استنجى بغير الحجارة، فالذي نحفظ عن جماعة من أهل العلم أنه قالوا: ذلك جائز، والاستنجاء بالحجارة أحوط
(2)
.
(1)
مواهب الجليل (1/ 286).
(2)
الأوسط (1/ 353).