الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشَدَّدَ الله عَلَيْهِمْ فَتِلْكَ: بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارِ {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} "(1).
صور الوسطية في الإسلام: وسطية الإسلام من أبرز خصائصه، وهي بالتبع من أبرز خصائص أمة الاستجابة
(2).
فالأمة الإسلامية وسط في كل جوانب الدين (3).
1) في جانب العقيدة: فهم ممتثلون لقوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} (المائدة: 77).
فهم وسط في أنبياء الله ورسله وعباده الصالحين؛ لم يغلوا فيهم كما غلت النصارى فاتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم، وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون، ولا جفوا عنهم كما جفت اليهود؛ فكانوا يقتلون الأنبياء بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، وكلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم كذبوا فريقا وقتلوا فريقا.
بل المؤمنون آمنوا برسل الله وعزروهم ونصروهم ووقروهم وأحبوهم وأطاعوهم، ولم يعبدوهم ولم يتخذوهم أربابا كما قال تعالى:{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (79) وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)} (آل عمران: 79: 80).
ومن ذلك أن المؤمنين توسطوا في المسيح فلم يقولوا هو الله ولا ابن الله ولا ثالث ثلاثة
(1) أبو داود (5/ 315/ 4868)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (3468).
(2)
الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة (26).
(3)
انظر: الغلو في الدين لجلال عارف (20).
كما تقوله النصارى، ولا كفروا به وقالوا على مريم بهتانا عظيما حتى جعلوه ولد بغية كما زعمت اليهود، بل قالوا هذا عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه. (1)
وكذلك في صفات الله تعالى: فإن اليهود وصفوا الله تعالى بصفات المخلوق الناقصة؛ فقالوا: هو {فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} . وقالوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} . وقالوا: إنه تعب من الخلق فاستراح يوم السبت. إلى غير ذلك.
والنصارى وصفوا المخلوق بصفات الخالق المختصة به فقالوا: إنه يخلق ويرزق؛ ويغفر ويرحم ويتوب على الخلق ويثيب ويعاقب.
والمؤمنون آمنوا بالله سبحانه وتعالى ليس له سميٌّ ولا ندٌّ ولم يكن له كفوا أحد وليس كمثله شيء. فإنه رب العالمين وخالق كل شيء وكل ما سواه عباد له فقراء إليه {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)} (مريم: 93 - 95). (2)
2) في جانب التشريع وكذلك هم وسط في شرائع دين الله فلم يحرموا على الله أن ينسخ ما شاء ويمحو ما شاء. ويثبت كما قالته اليهود كما حكى الله تعالى ذلك عنهم بقوله: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} (البقرة: 142).
وبقوله: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ} (البقرة: 91).
ولا جوزوا لأكابر علمائهم أن يغيروا دين الله فيأمروا بما شاءوا وينهوا عما شاءوا كما يفعله النصارى كما ذكر الله ذلك عنهم بقوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} (التوبة: 31).
(1) فتاوى ابن تيمية (3/ 370).
(2)
فتاوى ابن تيمية (3/ 371 - 372).
قال عدي بن حاتم رضي الله عنه قلت: يا رسول الله ما عبدوهم؟ قال: ما عبدوهم؛ ولكن أحلوا لهم الحرام فأطاعوهم وحرموا عليهم الحلال فأطاعوهم (1).
والمؤمنون قالوا: لله الخلق والأمر فكما لا يخلق غيره لا يأمر غيره. وقالوا: سمعنا وأطعنا؛ فأطاعوا كل ما أمر الله به. وقالوا: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} . وأما المخلوق فليس له أن يبدل أمر الخالق تعالى ولو كان عظيما (2).
وفي السنة مثال على هذا الأمر وهو حديث الثلاثة نفر؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا فَقَالوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ قَال: أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا وَقَال: آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلَا أُفْطِرُ وَقَال: آخَرُ أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا فَجَاءَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِمْ فَقَال: "أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَالله إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ للهَّ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي" (3).
3) في جانب الحلال والحرام: وهم وسطٌ أيضًا في هذا الباب، فإن اليهود كما قال الله تعالى:{فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا} (النساء: 160).
فلا يأكلون ذوات الظفر؛ مثل الإبل والبط. ولا شحم الثرب (4) والكليتين؛ ولا الجدي في لبن أمه. إلى غير ذلك مما حرم عليهم من الطعام واللباس وغيرهما؛ حتى قيل: إن المحرمات عليهم ثلاثمائة وستون نوعا. والواجب عليهم مئتان وثمانية وأربعون أمرًا وكذلك شدد عليهم في النجاسات حتى لا يؤاكلوا الحائض ولا يجامعوها في البيوت. وأما النصارى فاستحلوا الخبائث وباشروا جميع النجاسات وإنما قال لهم المسيح {وَلِأُحِلَّ
(1) رواه الترمذي (3095)، وحسنه الألباني، غاية المرام (6).
(2)
مجموع فتاوى ابن تيمية (3/ 371).
(3)
البخاري (5063)، وانظر: أصول الدعوة لعبد الكريم زيدان (صـ 72).
(4)
الثرب: شحم رقيق يغشى الكَرِش والأمعاء، اللسان، مادة: ثرب.
لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} ولهذا قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التوبة: 29).
وأما المؤمنون فكما نعتهم الله به في قوله: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالمعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ المُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالْأَغْلَال الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ المفْلِحُونَ (الأعراف 157)). (1)
4) في جانب الدعوة: من فضل الله على الأمة الإسلامية، أن الرسالة الخاتمة جاءت شاملة لكل ما يحتاجه المسلمون في حياتهم الدينية والدنيوية، موجهة لكل الثقلين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ذلك أن الهدف هو هداية الله للإنسان، دون قصر الدعوة على جنس بذاته، أو مكان معين؛ إذ إن دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم موجهة إلى الناس كافة، قال الله تعالى:(قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِّ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهَّ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهَّ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف: 158). وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالمِينَ} (الأنبياء الآية 107). وعلى ذلك إجماع المسلمين في كل العصور.
وقد وَضُحَ في القرآن الكريم، والسنة النبوية، كيف يؤدي المسلمون واجبهم في الدعوة إلى الله.
ويُقصد بوسطية الدعوة، أن منهاج الدعوة إلى الله، هو أوسط المناهج وأعدلها وأقومها، وهو الجدير وحده بالاتباع في كل زمان ومكان، وأن هذا المنهاج جانب من التشريع الإلهي، يجب أن يلتزم به المسلم إزاء الآخرين، سواء أكانوا مسلمين يحتاجون إلى
(1) مجموع فتاوى ابن تيمية (3/ 372 - 373).
تنمية المعارف، أو تزكية النفوس، حتى يكون اتباعهم للشريعة صحيحًا، أم كانوا غير مسلمين تطلب لهم الهداية.
ويمكن أن نحدد بعض الملامح المهمة في منهاج الدعوة والتي منها يتبين أن الإسلام هو دين الوسطية حتى في الدعوة إليه.
أ) هداية الناس بيد الله: قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (القصص: 56). وقال تعالى: {فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} (فاطر: 8).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ ثُمَّ قَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم اللهمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ"(1).
ب) مهمة الدعاة التبليغُ والبيان: قال تعالى: وقال تعالى: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} (الشورى الآية 48). فإذا بذل الدعاة جهدهم في ذلك، فقد قاموا بالواجب، وأدوا الأمانة:
ج) لا إكراه في الدين: قال الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (البقرة: 255). وقال سبحانه: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} (يونس: 99).
د) وسائل الدعوة ثلاث: وهي الحكمة، والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، كما قال الله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125).
فالحكمة: وهي ما أنزل الله على رسوله من الكتاب والسنة، تجذب أصحاب العقول والفطر السوية.
والموعظة الحسنة: أي ما في الكتاب والسنة من الزواجر والوقائع بالناس، يذكرهم بها ليحذروا بأس الله تعالى، والداعية بهذه الوسيلة يستميل أولئك الذين يستمعون القول
(1) مسلم (2654).
فيتبعون أحسنه، والذين تلين قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق.
أما من يحتاج فهمه إلى مناظرة وجدال فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب، كما قال الله تعالى:{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} (العنكبوت: 46).
وهذه الأساليب الثلاثة، أهم أساليب الدعوة التي لا يخرج عن نطاقها والتأثر بها من المدعوين إلا من قال الله تعالى فيهم:{وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا} (الأعراف: 146).
هـ) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهو من أوصاف الأمة الإسلامية التي استحقت بها الخيرية على الأمم، كما قال تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (110)} .
وقد استحق بنو إسرائيل اللعن بتركهم لهذه الشريعة، قال الله تعالى:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (المائدة: 78 - 79).
ومنهاج الإسلام فيه منهاج الوسط والاعتدال، ، ومراعاة الاستطاعة والقدرة. ولقد كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم هي المنهاج العملي للوسطية في الدعوة إلى الله، وعلى سيرته سار الخلفاء الراشدون، والتابعون لهم بإحسان.
والأمثلة على ذلك كثيرة، فمنها حديث المسيء صلاته لما صلى الرجل عدة مرات، والنبي يقول له في كل مرة "ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ" ثم علمه النبي صلى الله عليه وسلم كيفية الصلاة (1).
وأيضًا حديث معاوية بن الحكم السلمي لما تكلم في الصلاة وعلَّمه النبيُّ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ ما يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ"(2).
(1) البخاري (757)، مسلم (397).
(2)
مسلم (537).
وفي هذه الفترة القليلة من الزمن في حياة الأمم، دخل الناس في دين الله أفواجًا وتكوَّن المجتمع المسلم الواحد في عقيدته وشريعته وسلوكه الاجتماعي.
وكانت الدعوة إلى الله وفق منهاج الوسطية القرآنية، هي السبيل الأول لانتشار الإسلام ودعوته (1).
5) في جانب حقوق الإنسان: الإسلام يحترم حقوق الإنسان ويلزمه بأداء الواجب إذ أنهما وجهان لعملة واحدة فكل حق يقابله واجب، ويعطيه مكانته وكامل حقوقه المشروعة شريطة ألا تكون هذه الحقوق على حساب الجماعة، وهكذا نرى أنه من الحقوق التي منحها الإسلام للفرد حق حرية الرأي والتعبير والمشاركة في المجتمع وحق التملك وحق الكرامة وحرية التدين.
فالحرية التي يرفع شعارها اليوم الكثير من الدول في العالم بلا ضوابط ولا قيود مما أدى للفوضى والتناقض والاضطراب في فهمها وتطبيقها؛ فحرية كل فرد تكون اعتداء على حريات الآخرين، وفي الوقت نفسه فإن الحجر عليها كبت لا يرضى، فجاء الإسلام ليعلن الحرية في حمى الدين المقيدة بضوابط شرع رب العالمين، تلك التي تمنع الإنسان من فعل الشر، وتدفعه لجلب الخير.
فالحرية في الإسلام لا تعني التفلت من المسؤولية، وحرية القول لا تعني حرية السب والشتم، وحرية الفكر لا تعني حرية الكفر والإلحاد والهدم، وحرية الانتقال لا تعني حرية الاستيلاء والاحتلال.
وأما بالنسبة لحق التملك فقد أباح الإسلام للإنسان الملكية الفردية مع مراعاة حقوق الآخرين في هذه الملكية من زكاة وصدقات ووجوه البر والخير والإحسان، وكذلك الإرث والوصايا وغيرها، قال تعالى:{وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} (الذاريات: 19)،
(1) الأمة الوسط والمنهاج النبوي في الدعوة إلى الله، تأليف الدكتور/ عبد الله بن عبد المحسن التركي، تحت فصل بعنوان، "الوسطية في الدعوة" بتصرف يسير.
وقال سبحانه: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (الحديد: 7).
لقد أباح الإسلام التملك الفردي احترامًا لحق الإنسان وحثًا له على العمل والإنتاج تلقائيًا ولكن مع مراعاة مصلحة الجماعة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والتخفيف من الفوارق الطبقية هذه هي الوسطية الإسلامية الحقيقية التي لا نجدها في الأنظمة الاقتصادية الحديثة.
أما بالنسبة لكرامة الإنسان فإن الفرد في الإسلام مكرم عند الله بغض النظر عن الجنس أو العرق أو اللون، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: 13). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ"(1).
فالإسلام ينبذ العنصرية بكل أشكالها، قال تعالى:{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا} (الإسراء، آية: 70).
وتظهر وسيطة الإسلام هنا من إعطاء الحق والعدل والاعتدال في الكرامة للجميع (2).
6) في جانب إنفاق المال: يعد المال في الإسلام عصب الحياة وقوام الأعمال إلا أنه في الوقت نفسه يحذرنا المولى عز وجل من طغيانه، قال تعالى:{كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} (العلق: 6).
وقال تعالى: {الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} (الكهف: 46). وقال تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)} (القصص: 77).
(1) أبو داود (5075)، والترمذي (3270)، وحسنه الألباني في صحيح الترمذي (3101).
(2)
وسطية الإسلام وسماحته ودعوته للحوار، تحت فصل بعنوان (الوسطية في الحقوق).
لقد أمرنا الله عز وجل بالاعتدال في الإنفاق فلا إسراف ولا تقتير، قال تعالى:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا} (سورة الإسراء: 29)، وقال تعالى:{يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (الأعراف: 31). ويقول عز وجل: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} (الفرقان: 67).
ولما مرض سعد بن أبي وقاص وأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، قال له: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَال: "لَا" فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ فَقَال: "لَا" ثُمَّ قَال: "الثَّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ أَوْ كَثِيرٌ إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ الله إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ"(1). ومن هنا فإن المال في الإسلام هو نعمة ينبغي للإنسان أن يشكر الله عليها فيبذل قصارى جهده في حسن التصرف والبذل للمستحقين دون إسراف أو تقتير.
وحذر الإسلام أيضًا من الترف الفاحش الذي يؤدي إلى الفسق وارتكاب المعاصي فيستوجب غضب الرب كما يستوجب الدمار والهلاك والخراب، قال تعالى:{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (الإسراء: 16)(2).
7) في جانب المعاملة مع النفس: حذر الإسلام من طغيان النفس وأهوائها وتحكمها في سلوك الإنسان، إلا أنه في الوقت نفسه نهانا عن إرهاق النفس بما لا تطيق، كما نهانا الإسلام عن تحريم ما أحله الله من الطيبات. وهذا يعني أن الإنسان عليه أن يتخذ من نفسه موقفًا وسطًا؛ بحيث لا تتحكم فيه كما تشاء ولا يكلفها ما لا تطيق من أمور العبادات والعمل ولا يمنعها حقها من التمتع بالطيبات.
(1) البخاري (1295)، ومسلم (1628).
(2)
وسطية الإسلام وسماحته ودعوته للحوار، لمحمد بن أحمد الصالح، تحت فصل بعنوان (وسطية الإسلام في إنفاق المال) بتصرف. وانظر أيضًا: أصول الدعوة لعبد الكريم زيدان صـ 73.
وانظر إلى قول الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} (البقرة: 286)، وقوله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} (الطلاق: 7). ولما دخل سلمان الفارسي رضي الله عنه على أبي الدرداء رضي الله عنه وصنع أبو الدرداء لَهُ طَعَامًا قَال له سلمان: كُلْ فَإِنِّي صَائِمٌ فقَال سلمان: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ فَأَكَلَ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ قَال له سلمان: نَمْ فَنَامَ ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَال: نَمْ فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ قَال سَلْمَانُ قُمْ الْآنَ: فَصَلَّيَا فَقَال لَهُ سَلْمَانُ: "إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ "فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَ سَلْمَانُ"(1).
وأمر الإسلام الإنسان أيضًا أن يسلك مسلك الحلم والتعقل والرزانة بحيث لا يكون لينًا فيعصر ولا يابسًا فيكسر، قال سبحانه:{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (آل عمران: 134). وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)} (الشورى: 37). وقال صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ إِنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ"(2). لذا لا بد من الوسطية هنا واستعمال الحكمة، فالغضب عواقبه وخيمة كما أنه دليل على الضعف وتحكم النفس والشيطان. وحتى في مشي الإنسان في الطريق أمر الإسلام المسلم بالتوسط فيه، فلا اختيال ولا تكبر ولا مسكنة ولا ذلة. فقال تعالى آمرًا رسوله صلى الله عليه وسلم:{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215)} (الشعراء: 215). وقال تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)} (لقمان، الآيات: 18 - 19)، وقال سبحانه: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَال طُولًا
(1) البخاري (6139).
(2)
البخاري (6114)، مسلم (2609).
(37)
كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا (38)} (الإسراء: 37 - 38) ..
وقال صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الله أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَبْغِ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ"(1).
8) في جانب الشهادة والحكم: سبق أن أوضحنا أن من معاني كلمة "وسطًا" التي وردت في الآية الكريمة معنى العدل وهو ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في صحيح البخاري (2).
وقد جاءت آيات كثيرة تبيّن وجوب العدل في الشهادة، وكذلك في الحكم - أيضًا - والشهادة هي إحدى مقدّمات الحكم في كثير من الأحكام .... ، وإذا كان العدل يعني الوسط، كما تقرّر، فإن أمر الله بالعدل في الشهادة والحكم هو أمر وإقرار لمنهج الوسطيَّة، ويتّضح ذلك - من الآتي:
1) قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)} (النساء: 135). ومعنى الآية الكريمة: يا أيها الذين آمنوا ليكن من أخلاقكم وصفاتكم القيام بالقسط، يعني العدل وشهداء الله جمع شهيد ونصبت الشهداء على القطع مما في قوله:{قَوَّامِينَ} من ذكر الذين آمنوا. معناه: قوموا بالقسط لله عند شهادتكم، أو حين شهادتكم {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (النساء: 135). أي ولو كانت شهادتكم على أنفسكم، أو على والديكم أو أقربيكم، فقوموا فيها بالقسط والعدل، وأقيموا على صحتها بأن تقولوا فيها الحق، ولا تميلوا فيها لغني لغناه على فقير، ولا لفقير لفقره على غني فتجوروا.
2) قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة: 8). يعني جلّ ثناؤه: يا أيها
(1) مسلم (2865).
(2)
انظر: تفسير الوسطية في أول الفصل.