الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القائل في الحديث القدسي: "من عادى لي وليًا، فقد آذنته بالحرب"(1). وذكر المفسرون في قوله سبحانه وتعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} [التوبة 65: 66]. فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلًا من المنافقين قال في غزوة تبوك: ما رأيت مثل هؤلاء القوم أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عن اللقاء يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين! فقال واحد من الصحابة: كذبت ولأنت منافق. ثم ذهب ليخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قد ركب ناقته، فقال: يا رسول الله إنما كنا نلعب ونتحدث بحديث الركب نقطع به الطريق، وكان يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} ولا يلتفت إليه وما يزيده عليه. (2)
7 - حق الحاكم
إن الله عز وجل قد جعل للحاكم حقوق واجبة تجاه الرعية من هذه الحقوق:
وجوب طاعته في المعروف:
قال الله سبحانه وتعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59]. وأولي الأمر الذين أمرنا بطاعتهم هم الأمراء والولاة وقيل هم العلماء أي أهل العلم والفقه إذ يشترط للأمير أن يكون على علم أو يستعين بالعلماء. (3) وقال صلى الله عليه وسلم: "من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني". (4)
وقال صلى الله عليه وسلم: "عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثره
(1) البخاري (6502) عن أبي هريرة رضي الله عنه. وانظر حرمة أهل العلم ص - 320.
(2)
تفسير الطبري (14/ 333).
(3)
تفسير الطبري (7/ 147)، وفتح الباري (13/ 119).
(4)
أخرجه البخاري (7137)، ومسلم (1835).
عليك ولو استعمل عليكم عبد حبشيًّا يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا". (1) وهذه الأحاديث في الحث على السمع والطاعة في جميع الأحوال وسببها اجتماع كلمة المسلمين فإن الخلاف سبب لفساد أحوالهم في دينهم ودنياهم، لذا أجمع العلماء على وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وعلى تحريمها في المعصية لقوله صلى الله عليه وسلم "عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثره عليك" معناه تجب طاعة ولاة الأمور فيما يشق وتكرهه النفوس وغيره مما ليس بمعصية فإن كانت لمعصية فلا سمع ولا طاعة، وقوله صلى الله عليه وسلم "وأثره عليكم" الأثرة بفتح الهمزة والثاء ويقال: بضم الهمزة وإسكان الثاء وبكسر الهمزة وإسكان الثاء ثلاث لغات وهي الاستئثار والاختصاص بأمور الدنيا عليكم أي اسمعوا وأطيعوا وإن اختص الأمراء بالدنيا ولم يوصلكم حقكم مما عندهم، قال أبو ذر (إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع وإن كان عبدًا مجدع الأطراف) (2) يعني مقطوعها والمراد: أخس العبيد أي أسمع وأطيع للأمير وإن كان دنيء النسب حتى لو كان عبدًا أسود مقطوع الأطراف فطاعته واجبه.
وتجوز إمارة العبد إذا ولاه بعض الأئمة أو إذا تغلب على البلاد بشوكته وأتباعه ولا يجوز ابتداء عقد الولاية له مع الاختيار بل شرطها الحرية. (3)
وقال صلى الله عليه وسلم "أنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله، كيف تأمر من أدرك ذلك منا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم". (4)
وعن سعيد بن حضير أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، استعملت فلانًا ولم تستعملني، قال:"إنكم سترون بعدي أثره فاصبروا حتى تلقوني على الحوض". (5)
(1) أخرجه مسلم (1838)، وأبو داود (1834).
(2)
مسلم (1837)، وابن ماجه (2863).
(3)
شرح مسلم للنووي (6/ 465 - 469).
(4)
البخاري (3603)، ومسلم (1843).
(5)
البخاري (3163)، ومسلم (1059).