الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله ويرضاه، مستسلم لربه.
وحيث تعلق قلبه بربه فلا يستعين بمخلوق، لاستغنائه بالله، ولا يشتكي لإنسان؛ لأنه أنزل حاجته بالله سبحانه وكفى به معينا، ولا يستوحش في مكان، ولا يخاف من أحد؛ لأنه يعلم أن الله معه في كل أحواله، وهو حسبه ونعم النصير، ولا يترك أمرا أمره الله به، ولا يقترف معصية لله؛ لأنه يستحيي من الله، ويكره أن يفقده حيث أمره، أو يجده حيث نهاه، ولا يعتدي أو يظلم مخلوقًا أو يأخذ حقه؛ لأنه يعلم أن الله مطلع عليه، وأنه سبحانه سيحاسبه على أفعاله.
ولا يفسد في الأرض؛ لأنه يعلم أن ما فيها من خيرات ملك لله تعالى، سخرها لخلقه فهو يأخذ منها على قدر حاجته، ويشكر ربه أن يسرها له. (1)
ثانيًا: مراتب الإحسان:
فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سؤال جبريل لما قال له: "فأخبرني عن الإحسان؟ قال: أنَّ تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" فبين صلى الله عليه وسلم أن الإحسان على مرتبتين متفاوتتين.
أعلاهما: مقام الإخلاص (المراقبة)، وهو أنْ يعملَ العبدُ على استحضارِ مُشاهدةِ الله إياه، واطِّلاعه عليه، وقُربه منه، فإذا استحضرَ العبدُ هذا في عمله، وعَمِلَ عليه، فهو مخلصٌ لله؛ لأنَّ استحضارَهُ ذلك في عمله يمنعُهُ من الالتفاتِ إلى غيرِ الله وإرادته بالعمل.
الثاني: مقام المشاهدة، وهو أنْ يعملَ العبدُ على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه، وهو أنْ يتنوَّرَ القلبُ بالإيمانِ، وتنفُذ البصيرةُ في العِرفان، حتّى يصيرَ الغيبُ كالعيانِ. وهذا هو حقيقةُ مقامِ الإحسّان المشار إليه في حديث جبريلَ عليه السلام، ويتفاوت أهلُ هذا المقام فيه بحسب قوَّة نفوذ البصائرِ. (2)
(1) الإسلام أصوله ومبادئه 1/ 203.
(2)
جامع العلوم والحكم 4/ 53.