الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا يكون مؤمنًا به إلا من عبده بطاعة رسله، ولا يكون مؤمنا به ولا عابدا له إلا من آمن بجميع رسله، وأطاع من أرسل إليه فيطاع كل رسول إلى أن يأتي الذي بعده فتكون الطاعة للرسول الثاني، ومن يطع الرسول فقد أطاع الله؛ قال تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ} (النساء: 64).
ومن فرق بين رسله فآمن ببعض وكفر ببعض كان كافرا، كما قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)} (النساء: 150 - 152). (1)
الوجه الثاني: الثناء والمدح كان للكتاب الذي نزل على موسى وعيسى
.
أولًا: توراة موسى عليه السلام أم التوراة المحرفة
؟
يُقصد بتوراة موسى ذلك الكتاب الذي أوحاه الله إلى عبده موسى، والذي قرأه على بني إسرائيل في حياته، وحكم به وأخوه هارون فيهم، ثم تركه بينهم وانتقل إلى رحمة الله، يقول الله في القرآن عن توراة موسى الأصلية هذه:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)} (المائدة: 44).
أ- ولقد كان في توراة موسى: لا إله إلا الله، الإحسان إلى الوالدين والأقربين واليتامى والمساكين، مخاطبة الناس - غير الإسرائيليين - بالحسنى وعدم الاستكبار.
(1) الجواب الصحيح 1/ 299.
فهذا ما يقوله القرآن: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)} (البقرة: 83).
1 -
لكن التوراة المحرفة (1) - باعتراف علمائها - والتي يتداولها الناس منذ قرون عديدة، وتجمع بين دفتيها هذا وذاك، ونسميها (توراة اليهود)، نجدها تقر عبادة الشيطان، "وقال الرب لموسى كلم هارون أخاك
…
يأخذ تيسين من المعز لذبيحة خطية
…
ويأخذ التيسين ويوقفهما أمام الرب
…
ويلقي هارون على التيسين قرعتين قرعة للرب وقرعة لعزازيل
…
ويقرب هارون التيس الذي خرجت عليه القرعة للرب ويعمله ذبيحة خطية
…
وأما التيس الذي خرجت عليه القرعة لعزازيل فيوقف حيا أمام الرب ليكفر عنه ليرسله إلى عزازيل إلى البرية" (سفر اللاويين 16/ 2: 10).
ويقول علماء الترجمة الفرنسية المسكونية تعليقًا على هذه الفقرة (يبدو أن عزازيل - بحسب الترجمة السريانية - هو اسم شيطان كان العبرانيون والكنعانيون القدامى يعتقدون أنه يسكن البرية، والبرية أرض عقيمة لا يمارس فيها الله عمله المخصب).
سبحان الله، هل البرية أو الصحراء بعيدة عن سلطان الله؟ ، وحتى ولو لم يكن عزازيل شيطانًا؛ بل كان ملكًا أو كبير الملائكة، فإن اختصاصه بتقديم قربان إنما يعني عبادته
…
يعني الشرك بالله.
2 -
كذلك تقر توراة اليهود، الناس من غير بني إسرائيل على عبادتهم الأجرام السماوية باعتبار ذلك قدرًا إلهيًا قسمه الرب لتلك الشعوب، بينما يتفرد الإسرائيليون بعبادة الله فلا يشاركهم فيه أحد:"لئلا ترفع عينيك إلى السماء وتنظر الشمس والقمر والنجوم كل جند السماء التي قسمها الرب إلهك لجميع الشعوب التي تحت كل السماء فتغتر وتسجد لها وتعبدها"(تثنية 4: 19).
(1) انظر: شبهة تحريف الكتاب المقدس.
3 -
كذلك تقر توراة اليهود استعباد غير الإسرائيليين ليكونوا عبيدًا لبني إسرائيل أبد الدهر: "وإذا افتقر أخوك عندك وبيع لك فلا تستعبده استعباد عبد. كأجير نزيل يكون عندك إلى سنة اليوبيل يخدم عندك. ثم يخرج من عندك هو وبنوه معه ويعود إلى عشيرته .. . وأما عبيدك وإماؤك الذين يكونون لك فمن الشعوب الذين حولكم منهم تقتنون عبيدا وإماء. وأيضًا من أبناء المستوطنين النازلين عندكم منهم تقتنون، ومن عشائرهم الذين عندكم الذين يلدونهم في أرضكم فيكونون ملكا لكم. وتستملكونهم لأبنائكم من بعدكم ميراث ملك تستعبدونهم إلى الدهر"(لاويين 25/ 39: 46).
4 -
كذلك تفرض توراة اليهود على بني إسرائيل أن يقرضوا غيرهم بربا، بينما تحرم ذلك عندما يكون المقترض من الإسرائيليين:"لا تقرض أخاك بربا ربا فضة أو ربا طعام أو ربا شيء ما مما يقرض بربا. للأجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا لكي يباركك الرب إلهك في كل ما تمتد إليه يدك"(تثنية 23/ 19: 20).
ب - ولقد كان في توراة موسى نبوءات صريحة عن خاتم النبيين الذي يبعثه الله رسولًا إلى العالمين من غير بني إسرائيل؛ بل ومن أبناء إسماعيل بن إبراهيم على وجه التحديد: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)} (البقرة: 146)، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20)} (الأنعام: 20)، {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (89) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ (90)} (البقرة: 89: 90).
قال ابن عباس: أن يَهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه. فلما بعثه الله من العرب كفروا به، وجحدوا ما كانوا يقولون فيه.