الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العرب خلقًا جديدًا ونقلهم من الظلمات إلى النور.
5 -
مع أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان سيد الجزيرة العربية، فإنه لم يفكر في الألقاب، ولا راح يعمل لاستثمارها، بل ظل على حاله مكتفيًا بأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه خادم المسلمين، ينظف بيته بنفسه ويصلح حذاءه بيده، كريمًا بارًا كأنه الريح السارية، لا يقصده فقير أو بائس إلا تفضل عليه بما لديه، وما لديه كان في أكتر الأحايين قليلًا لا يكاد يكفيه.
جوتة الأديب الألماني:
إننا أهل أوربا بجميع مفاهيمنا، لم نصل بعد إلى ما وصل إليه "محمد"، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان، فوجدته في النبي "محمد" .. وهكذا وجب أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح "محمد" الذي أخضع العالم كله بكلمة التوحيد.
دُرَاني
(1):
1 -
أستطيع أن أقول بكل قوة أنه لا يوجد مسلم جديد واحد لا يحمل في نفسه العرفان بالجميل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لما غمره به من حب وعون وهداية وإلهام، فهو القدوة الطيبة التي أرسلها الله رحمة لنا وحبًا بنا حتى نقتفي أثره. (2)
2 -
.. وأخيرًا أخذت أدرس حياة النبي صلى الله عليه وسلم محمد فأيقنت أن من أعظم الآثام أن نتنكر لذلك الرجل الرباني الذي أقام مملكة لله بين أقوام كانوا من قبل متحاربين لا يحكمهم قانون، يعبدون الوثن، ويقترفون كل الأفعال المشينة، فغير طرق تفكيرهم، لا بل بدل عاداتهم وأخلاقهم، وجمعهم تحت راية واحدة وقانون واحد ودين واحد وثقافة واحدة وحضارة واحدة وحكومة واحدة، وأصبحت تلك الأمة -التي لم تنجب رجلًا عظيمًا
(1) الدكتورم. ج. دُرّاني Dr.M.H.Durrani: سليل أسرة مسلمة منذ القدم، أصبح نصرانيًا في فترة مبكرة من حياته وتحت تأثير إحدى المدارس التبشيرية المسيحية، وقضى ردحًا من حياته في كنيسة إنكلترا، حيث عمل قسيسًا منذ عام 1939 وحتى عام 1963 حيث جاءه الإسلام "كما يأتي فصل الربيع"، فعاد إلى دين آبائه وأجداده.
(2)
رجال ونساء أسلموا (4/ 27 - 28).
واحدًا يستحق الذكر منذ عدة قرون- أصبحت تحت تأثيره وهديه تنجب ألوفًا من النفوس الكريمة التي انطلقت إلى أقصى أرجاء المعمورة تدعو إلى مبادئ الإسلام وأخلاقه ونظام الحياة الإسلامية وتعلم الناس أمور الدين الجديد. (1)
3 -
.. تحمل صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر عامًا كاملةً من المتاعب -في مكة- دون انقطاع، وثمانية سنوات -في المدينة- دون توقف، فتحمل ذلك كله، فلم يتزحزح شعرة عن موقفه، وكان صامدًا، رابط الجأش، صلبًا في أهدافه وموقفه. عرضت عليه أمته أن تنصبه ملكًا عليها وأن تضع عند قدميه كل ثروات البلاد إذا كف عن الدعوة إلى دينه ونشر رسالته. فرفض هذه الإغراءات كلها فاختار بدلًا من ذلك أن يعاني من أجل دعوته. لماذا؟ لماذا لم يكترث أبدًا للثروات والجاه والملك والمجد والراحة والدعة والرخاء؟ لابدّ أن يفكر المرء في ذلك بعمق شديد إذا أراد أن يصل إلى جواب عليه. (2)
4 -
هل بوسع المرء أن يتصور مثالًا للتضحية بالنفس وحب الغير والرأفة بالآخرين أسمى من هذا المثال حيث نجد رجلًا يقضي على سعادته الشخصية لصالح الآخرين، بينما يقوم هؤلاء القوم أنفسهم الذين يعمل على تحسين أحوالهم ويبذل أقصى جهده في سبيل ذلك، يقومون برميه بالحجارة والإساءة إليه ونفيه وعدم إتاحة الفرصة له للحياة الهادئة حتى في منفاه، وأنه رغم كل ذلك يرفض أن يكف عن السعي لخيرهم؟ هل يمكن لأحد أن يتحمل كل هذا العناء والألم من أجل دعوة السعي لخيرهم؟ هل يمكن لأحد أن يتحمل كل هذا العناء والألم من أجل دعوة مزيفة؟ هل يستطيع أي مدخول غير مخلص أن يبدي هذا الثبات والتصميم على مبدئه والتمسك به حتى آخر رمق دون أدنى وجل أو تعثر أمام الأخطار وصنوف التعذيب التي يمكن تصورها وقد قامت عليه البلاد بأكملها وحملت السلاح ضده؟ . (3)
(1) المرجع السابق (4/ 28: 29).
(2)
نفسه (4/ 29: 30).
(3)
رجال ونساء أسلموا (4/ 30).