الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعجزه شيء، بل يقول للشيء كن فيكون، فكيف يُصْرَفون عن هذه الدلائل الواضحات والآيات البينات! وهل بعد الحق إلا الضلال؟
ومنها عدم علم المسيح عليه السلام بأشياء كثيرة
، أهمها جهله بيوم القيامة، فقد قال:"أما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد، ولا الملائكة الذين في السماء، ولا الابن، إلا الآب"(مرقس 13/ 32)، فكيف تدعي النصارى بعد ذلك ألوهيته، فالجهل بالغيب مبطل لها. وليس ما يجهله المسيح هو موعد القيامة فحسب، بل كل ما غاب عنه فهو غيب يجهله إلا ما أطلعه الله عليه، ولذلك نجده عندما أراد إحياء لعازر يسأله" فانزعج بالروح واضطرب وقال: أين وضعتموه؟ " (يوحنا 11/ 33 - 34). ولما جاءه رجل يريد منه شفاء ابنه من الجنون" فسأل أباه: كم من الزمان منذ أصابه هذا؟ فقال: منذ صباه" (مرقس 9/ 11).
القسم السادس: نصوص تفيد ابتداء بعثة المسيح بنزول الملائكة وروح القدس عليه عند اعتماده عن يد النبي يحيى (يوحنا) المعمدان عليه السلام
-:
(1)
جاء في إنجيل متى (3/ 13 - 17): "حِينَئِذٍ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ الجلِيلِ إِلَى الأُرْدُنِّ إِلَى يُوحَنَّا لِيَعْتَمِدَ مِنْهُ. وَلكِنْ يُوحَنَّا مَنَعَهُ قَائِلًا: "أَنا مُحتاج أَنْ أَعْتَمِدَ مِنْكَ، وَأَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ! " فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَال لَهُ:"اسْمَحِ الآنَ، لأَنَّهُ هكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نكمِّلَ كُلَّ بِرّ". حِينَئِذٍ سَمَحَ لَهُ. فَلَمّا اعْتَمَدَ يَسُوعُ صَعِدَ لِلْوَقْتِ مِنَ المُاءِ، وَإِذَا السَّمَاوَاتُ قَدِ انْفَتَحَتْ لَهُ، فَرَأَى رُوحَ الله نَازِلًا مِثْلَ حَمَامَةٍ وَآتِيًا عَلَيْهِ، وَصَوْت مِنَ السَّمَاوَاتِ قَائِلًا:"هذَا هُوَ ابْني الحبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ". وأقول: من البديهي أنه لو كان المسيح عليه السلام هو الله تعالى نفسه الذي تجسد ونزل لعالم الدنيا -كما يدعون- لكانت رسالته مبتدئة منذ ولادته، ولكان روح القدس ملازمًا له باعتباره جزء اللاهوت الذي لا يتجزأ -كما يدعون-، ولما احتاج إلى من ينزل عليه بالوحي أو الرسالة، ولما كان هناك أي معنى أصلًا لابتداء بعثته بهبوط روح القدس عليه، وابتداء هبوط الملائكة صاعدين نازلين بالوحي والرسائل عندما بلغ الثلاثين من العمر، واعتمد على يد يوحنا النبي عليه السلام! ، فهذا النص والنصوص التالية التي تبيّن كيفية بدء البعثة النبوية للمسيح، لأكبر وأوضح دليل -عند ذوي التجرد والإنصاف- على بشرية
المسيح المحضة وعدم إلهيته، وأنَّه ليس الله المتجسد بل عبدٌ رسول ونبيٌّ مبعوثٌ برسالة من الله كسائر الأنبياء والرسل وحسب.
(2)
ولقد استشهد متى في إنجيله، ببشارة كانت قد وردت في سفر إشعيا من العهد القديم فاعتبرها بشارة عن المسيح، وهي تشير أيضًا لنزول روح الله (أي جبريل) على المبشَّر به، ليعلن الحق للأمم:"فَلَمَّا خَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ تَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ، فَعَلِمَ يَسُوعُ وَانْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ. وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ جَمِيعًا. وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لَا يُظْهِرُوهُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: "هُوَذَا فتايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالحق .. " (متى: 12/ 17: 14).
والشاهد قوله: أضع روحي عليه، أي أنزل جبريل، روح الله عليه بالوحي؛ فيخبر الأمم بالحق.
(3)
وإلى هذا الشروع بالعمل الرسالي، أشار يوحنا في إنجيله فقال:"وَقَال لَهُ: "الحق الحقَّ أَقُولُ لَكُمْ: مِنَ الآنَ تَرَوْنَ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً، وَمَلَائِكَةَ الله يَصْعَدُونَ وَيَنْزِلُونَ عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ"." يوحنا: 1/ 51.
(4)
هذا وقد نقل يوحنا الإنجيلي أيضًا عن النبي يحيى (يوحنا) المعمدان أنه قال لليهود لما تباحثوا معه عن ذاك (أي المسيح) الذي بدأ يعمد الناس، فقال النبي يحيى عليه السلام لهم:"إذا فرحي قد كمُلَ. ينبغي أن ذلك يزيد وأنا أنقص"(يوحنا: 3/ 29 - 3). مبينًا بدء رسالة المسيح وتواتر وحي الله تعالى إليه.
(5)
ولننظر ما ذكره لوقا عن بدء بعثة المسيح بنزول روح القدس عليه: "وَلمَّا اعْتَمَدَ جَمِيعُ الشَّعبِ اعْتَمَدَ يَسُوعُ أيضًا. وَإِذْ كَانَ يُصَلِّي انْفَتَحَتِ السَّمَاءُ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ الرُّوحُ الْقُدُسُ بِهَيْئَةٍ جِسْمِيَّةٍ مِثْلِ حَمَامَةٍ. وَكَانَ صَوْت مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا: "أَنْتَ ابْنِي الحبِيبُ، بِكَ سُرِرْتُ وَلمَّا ابْتَدَأَ يَسُوعُ كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلَاثِينَ سَنَةً،
…
ورجع يسوع من الأردن وهو ممتلئ من الروح القدس" (لوقا: 3/ 21 - 23).