الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"أعْطُوهُ أرْبَعِينَ أُوقِيَّةً وَمائةً مِنَ الإبل"، فقال: ابني معاوية؟ قال: "أعْطُوهُ أرْبَعِينَ أُوقيَّةً، وَمائَةً من الإبل"، وأعطى حكيم بن حِزام مائة من الإبل، ثم سأله مائة أُخرى فأعطاه، وأعطى النضر بن الحارث بن كلدة مائة من الإبل، وأعطى العلاء بن حارثة الثقفي خمسين، وذكر أصحاب المائة وأصحاب الخمسين وأعطى العباسَ بن مرداس أربعين ..... الخ. (1)
شجاعته ونجدته صلى الله عليه وسلم
-: فالشجاعة فضيلة قوة الغضب وانقيادها للعقل، والنجدة ثقة النفس عند استرسالها إلى الموت حيث يحمد فعلها دون خوف، وكان صلى الله عليه وسلم منهما بالمكان الذي لا يجهل، قد حضر المواقف الصعبة وفر الأبطال عن غير مرة وهو ثابت لا يبرح، ومقبل لا يدبر، ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة وحفظت عنه جولة سواه. (2)
عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ. قَال: قَال رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ: يَا أبا عُمارَةَ أَفَرَرْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَال: لَا وَالله مَا وَلَّى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، وَلَكِنَّهُ خَرَجَ شُبَّانُ أَصْحَابِهِ وَأَخِفَّاؤُهُمْ حُسَّرًا لَيْسَ عَلَيْهِمْ سِلَاحٌ، أَوْ كَثِيرُ سِلَاحٍ، فَلَقُوا قَوْمًا رُمَاةً لَا يَكَادُ يَسْقُطُ لهمْ سَهْم. جَمْعُ هَوَازِنَ وَبَنِي نَضْرٍ. فَرَشَقُوهُمْ رَشْقًا مَا يَكَادُونَ يُخْطِئُونَ، فَأَقْبَلُوا هُنَاكَ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وَرَسُولُ الله عَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ، وَأبو سُفْيَانَ بْنُ الحْارِثِ بْنِ عَبْدِ المطَّلِبِ يَقُودُ بِهِ. فَنزلَ فَاسْتَنْصَرَ وَقَال: أَنا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أنا ابْنُ عَبْدِ المطَّلِبْ، ثُمَّ صَفَّهُمْ. (3)
عَنْ عِليٍّ رضي الله عنه قَال: كُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَمَا يَكُونُ مِنَّا أَحَدٌ أَدْنَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْهُ. (4)
قَال الْبَرَاءُ بنُ عَازِب: كُنَّا وَالله إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ وَإِنَّ الشُّجَاعَ مِنَّا لَلَّذِي يحاذِي بِهِ
(1) بتصرف من زاد المعاد 3/ 473، وأصل القصة في البخاري (3150).
(2)
الشفا 1/ 126.
(3)
مسلم (1776).
(4)
رواه أحمد في المسند 1/ 156، والحاكم في المستدرك 2/ 155، وأبو يعلى في مسنده (302)(1/ 258) وغيرهم، وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الذهبي في التلخيص: صحيح.
يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (1) وَعَن العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ قال: شَهِدْتُ مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنينٍ فَلَزِمْتُ أنا وَأبُو سُفْيَانَ بْنُ الحارِثِ بْنِ عَبْدِ المطَّلِبِ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فلَمْ نُفَارِقْهُ، وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم علَى بَغْلَةٍ لَهُ بَيْضَاءَ أَهْدَاهَا لَهُ فَرْوَةُ بْنُ نُفَاثَةَ الجذَامِيُّ، فَلَمّا الْتَقَى المسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ وَلَّى المسْلِمُونَ مُدْبِرِينَ فَطَفِقَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَرْكُضُ بَغْلتَهُ قِبَلَ الْكُفَّارِ، قَال عَبَّاسٌ: وَأَنا آخِذٌ بِلِجَامِ بَغْلَةِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَكفُّهَا إِرَادَةَ أَنْ لَا تُسْرِعَ، وَأبو سُفْيَانَ آخِذٌ بِرِكَابِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: أَيْ عَبَّاسُ نَادِ أَصْحَابَ السَّمُرَةِ، فَقَال عَبَّاسٌ: وَكَانَ رَجُلًا صَيِّتًا فَقُلْتُ: بِأَعْلَى صَوْتي أَيْنَ أَصْحَابُ السَّمُرَةِ؟ قَال: فَوَ الله لَكَأَنَّ عَطفتهُمْ حِينَ سَمِعُوا صَؤْتي عَطْفَةُ الْبقَرِ عَلَى أَوْلَادِهَا، فَقَالوا: يَا لَبّيكَ يَا لَبّيكَ، قَال: فَاقْتَتَلُوا، وَالْكُفَّارَ وَالدَّعْوَةُ فِي الْأنصَارِ يَقُوُلونَ: يَا مَعْشَرَ الْأنصَارِ، يَا مَعْشَرَ الْأنصَارِ، قَال: ثُمَّ قُصِرَتْ الدَّعْوَةُ عَلَى بَني الحارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَقَالوا: يَا بَني الحارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، يَا بَنِي الحارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، فَنَظَرَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ كَالمتطَاوِل عَلَيْهَا إِلَى قِتَالهِمْ، فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: هَذَا حِينَ حَمِيَ الْوَطِيسُ، قَال: ثُمَّ أَخَذَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حصَيَاتٍ فَرَمَى بِهِنَّ وُجُوهَ الْكُفارِ ثُمَّ قَال: انْهرمُوا وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، قَال: فَذَهَبْتُ انظر فَإِذَا الْقِتَال عَلَى هَيْئتَهِ فِيمَا أَرَى قَال: فَوَ الله مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَمَاهُمْ بِحَصَيَاتِهِ فَما زِلْتُ أَرَى حَدَّهُمْ كَلِيلًا وَأَمْرَهُمْ مُدْبِرًا. (2)
قال النووي: قال العلماء: ركوبه صلى الله عليه وسلم البغلة في موطن الحرب وعند اشتداد الناس هو النهاية في الشجاعة والثبات ولأنه أيضا يكون معتمدًا يرجع المسلمون إليه وتطمئن قلوبهم به وبمكانه. (3)
وعَنْ أَنس بنِ مَالِكٍ قَال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزعَ أَهْلُ المُدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ النَاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ فَاسْتَقْبَلَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ يَقُولُ: لَنْ تُرَاعُوا، لَنْ تراعُوا وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ
(1) مسلم (1776).
(2)
مسلم (1775).
(3)
شرح النووي على مسلم 6/ 360.