الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن عروة بن الزبير أنه قال لعائشة: أَلَمْ ترَيْ إِلَى فُلَانَةَ بِنْتِ الحكَمِ، طَلَّقَهَا زَوْجُهَا الْبَتَّةَ، فَخَرَجَتْ، فَقَالتْ: بِئْسَ مَا صَنَعَتْ، قَال: أَلَمْ تَسْمَعِي فِي قَوْلِ فَاطِمَةَ، قَالتْ: أَمَا إِنَّهُ لَيْسَ لَهَا خَيْرٌ فِي ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وفي رواية (عَابَتْ عَائِشَةُ أَشَدَّ الْعَيْبِ وَقَالتْ: إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم) (1).
3 - ثبوت نسب الولد المولود في فترة العدة:
يثبت نسب ولد المطلقة والمتوفى عنها زوجها إذا جاءت به في وقت تحتمله أقمى مدة للحمل على اختلاف في تفاصيلها بين الفقهاء والقانونيين والأطباء الرجعية (2).
4 - ثبوت الإرث في العدة:
إذا مات أحد الزوجين قبل انقضاء عدة المطلقة طلاقًا رجعيًّا؛ ورثه الآخر بلا خلاف، سواء اكان الطلاق في حال المرض أم في حال الصحة، لبقاء الزوجية حكمًا، فتكون سببًا لاستحقاق الإرث من الجانبين. فإن كان الطلاق بائنًا أو ثلاثًا في حال الصحة، فمات أحد الزوجين في العدة لم يرثه الآخر وإن كان الطلاق بائنًا ثلاثًا في حال المرض، فإن كان برضاها لا ترث بالإجماع، وإن كان بغير رضاها فإنها ترث من زوجها عند الجمهور (3)
خامسًا: حق الأم
.
أولًا: بر الأم:
قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14)} (لقمان 14). والوهن: هو الضعف وقلة الطاقة على تحمل شيء، وقال الطبري: ضعفا على ضعف وشدة على شدة (4). فإنّ حَمْل المرأة يقارنه التعب من ثقل الجنين في البطن، والضعف من كون الجنين يتغذى من أمه، ويتزايد ضعفها بامتداد زمن الحمل، فلا جرم أنه وهن على وهن، فهذا باعث على الوصية بالوالدين خاصة الأم. ويقول تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ
(1) البخاري (5326، 5325).
(2)
حقوق الإنسان في ضوء الكتاب السنة.
(3)
حقوق الإنسان في ضوء الكتاب والسنة (326).
(4)
تفسير الطبري (21/ 69).
ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} (الإسراء: 24)، فالأب أيضًا مشترك في التعب والوهن، ولهذا جمع الله بينهما في تعب التربية في تلك الآية، فلزم بر كليهما حيث يتوليان حفظه وإكمال نشأته، ولهذا إذا تعارض حقها دون القدرة على الجمع بينهما حيث جمعها الله تعالى في الوصية ثم خصص الأم بذكر درجة الحمل ودرجة الرضاعة، ودرجة الولادة قبل ذلك، فتحصل للأم ثلاث مراتب، وللأب واحدة، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سأله رجل درجة أحق الناس بحسن صحبته قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك) (1). وفيه تأكيد للبر بالأم خشية التفريط فيه؛ إذ قد يقع التفريط في الوفاء الواجب للأم من الابن، اعتمادا على ما يلاقيه من اللين منها؛ بخلاف جانب الأب فإنه قوي ولأبنائه خوف من شدته (2). وقال صلى الله عليه وسلم:"إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات"(3). وهو من تخصيص الشيء بالذكر إظهارًا لعظيم موقعه (4).
وذهب العلماء إلى أن عقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أن برهما موافقتهما على أغراضهما، وعلى هذا إذا أمرا أو أحدهما ولدهما بأمر وجبت طاعتهما فيه، إذا لم يكن ذلك الأمر معصية، وإن كان ذلك المأمور به من قبيل المباح في أصله، وكذلك إذا كان من قبيل المندوب، وقد ذهب بعض الناس إلى أن أمرهما بالمباح يصير في حق الولد مندوبا إليه، وأمرهما بالمندوب يزيده تأكيدا في ندبيته (5).
وكل هذا بشرط ألا يكون المأمور به معصية (6). ومن البر بهما عدم تعرضهما لأي أذى وخاصة الأم، لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن مِنْ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ قَالوا يَا رَسُولَ الله: وَهَلْ
(1) البخاري (5971)، مسلم (2548).
(2)
تفسير ابن عطية (10/ 276)، التحرير التنوير (21/ 158).
(3)
البخاري (5975).
(4)
فتح الباري (10/ 457).
(5)
القرطبي (5/ 3854).
(6)
حقوق الإنسان ليسري السيد محمد (241: 240).