الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَتِيلٍ قَتَلَتْهُ الذَّلِيلَةُ مِنَ الْعَزِيزَةِ فَدِيَتُهُ مِائَةُ وَسْقٍ، فَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم المدِينَةَ فَذَلَّتِ الطَّائِفَتَانِ كِلْتَاهُما لمِقْدَمِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ لَمْ يَظْهَرْ وَلَمْ يُوطِئْهُمَا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي الصُّلْحِ، فَقَتَلَتِ الذَّلِيلَةُ مِنَ الْعَزِيزَةِ قَتِيلًا فَأَرْسَلَتِ الْعَزِيزَةُ إِلَى الذَّلِيلَةِ أَنِ ابْعَثُوا إِلَيْنَا بِمَائَةِ وَسْقٍ. فَقَالتِ الذَّلِيلَةُ: وَهَلْ كَانَ هَذَا في حَيَّيْنِ قَطُّ دِينُهُمَا وَاحِدٌ وَنَسَبُهُمَا وَاحِدٌ وَبَلَدُهُمَا وَاحِدٌ دِيَةُ بَعْضِهِمْ نِصْفُ دِيَةِ بَعْضٍ؟ إِنَّا إِنَّمَا أَعْطَيْنَاكُمْ هَذَا ضَيْمًا مِنْكُمْ لَنَا، وَفَرَقًا مِنْكُمْ فَأَمَّا إِذْ قَدِمَ مُحَمَّدٌ فَلَا نُعْطِيكُمْ ذَلِكَ. فَكَادَتِ الْحَرْبُ تَهِيجُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ ارْتَضَوْا عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ، ثُمَّ ذَكَرَتِ الْعَزِيزَةُ فَقَالتْ: وَالله مَا مُحَمَّدٌ بِمُعْطِيكُمْ مِنْهُمْ ضِعْفَ مَا يُعْطِيهِمْ مِنْكُمْ، وَلَقَدْ صَدَقُوا مَا أَعْطَوْنَا هَذَا إِلَّا ضَيْمًا مِنَّا وَقَهْرًا لَهُمْ، فَدُسُّوا إِلَى مُحَمَّدٍ مَنْ يَخْبُرُ لَكُمْ رَأْيَهُ إِنْ أَعْطَاكُمْ مَا تُرِيدُونَ حَكَّمْتُمُوهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِكُمْ حَذِرْتُمْ فَلَمْ تُحَكِّمُوهُ، فَدَسُّوا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم نَاسًا مِنَ المُنَافِقِينَ لِيَخْبُرُوا لَهُمْ رَأْىَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا جَاءَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ الله رَسُولَهُ بِأَمْرِهِمْ كُلِّهِ، وَمَا أَرَادُوا فَأَنْزَلَ الله عز وجل {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالوا آمَنَّا} إِلَى قَوْلِهِ:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} ثُمَّ قَال: فِيهِمَا وَالله نَزَلَتْ وَإِيَّاهُمَا عَنَى الله عز وجل. (1)
3 - نزلت في اليهوديَّيْن اللذين زنيا
، وكانوا قد بدلوا كتاب الله الذي بأيديهم، من الأمر برجم من أحْصن منهم، فحرفوا واصطلحوا فيما بينهم على الجلد مائة جلدة، والتحميم والإركاب على حمار مقلوبين. فلما وقعت تلك الكائنة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا فيما بينهم: تعالوا حتى نتحاكم إليه، فإن حكم بالجلد والتحميم فخذوا عنه، واجعلوه حجة بينكم وبين الله، ويكون نبي من أنبياء الله قد حكم بينكم بذلك، وإن حكم بالرجم فلا تتبعوه في ذلك.
(1) حسن. أخرجه أحمد في المسند 1/ 246، أبو داود (3576) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. وأخرجه أحمد في المسند 1/ 363، أبو داود (3591، 4494)، النسائي 8/ 19 وابن أبي حاتم في التفسير (6391) من طرق عن عكرمة. كلاهما (عبيد الله، عكرمة) عن ابن عباس به. وإسناده حسن، حسنه الألباني في صحيح أبي داود (3053).
عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال: جَاءَتِ الْيَهُودُ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا. فَقَال لَهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ؟ ". فَقَالوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ. فَقَال عَبْدُ الله بْنُ سَلَامٍ رضي الله عنه: كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ. فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا. فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةُ الرَّجْمِ. ثُمَّ قَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا. فَقَال لَهُ عَبْدُ الله بْنُ سَلَامٍ رضي الله عنه: ارْفَعْ يَدَكَ. فَرَفَعَ يَدَهُ؛ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. فَقَالوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ. فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا. فَقَال عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى المرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ. (1) وعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَال مُرَّ عَلَى النبي صلى الله عليه وسلم بِيَهُودِيٍّ مُحَمَّمًا مَجْلُودًا فَدَعَاهُمْ صلى الله عليه وسلم فَقَال: " هَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟ ". قَالوا: نَعَمْ. فَدَعَا رَجُلًا مِنْ عُلَمَائِهِمْ فَقَال: "أَنْشُدُكَ بِالله الذي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى! أَهَكَذَا تَجِدُونَ حَدَّ الزَّانِي فِي كِتَابِكُمْ؟ ". قَال: لَا. وَلَوْلَا أَنَّكَ نَشَدْتَنِي بِهَذَا لَمْ أُخْبِرْكَ. نَجِدُهُ الرَّجْمَ. وَلَكِنَّهُ كَثُرَ في أَشْرَافِنَا فَكُنَّا إِذَا أَخَذْنَا الشَّرِيفَ تَرَكْنَاهُ. وَإِذَا أَخَذْنَا الضَّعِيفَ أَقَمْنَا عَلَيْهِ الْحَدَّ. قُلْنَا: تَعَالوْا فَلْنَجْتَمِعْ عَلَى شيء نُقِيمُهُ عَلَى الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ فَجَعَلْنَا التَّحْمِيمَ وَالجْلْدَ مَكَانَ الرَّجْمِ. فَقَال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهمَّ إني أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا أَمْرَكَ إِذْ أَمَاتُوهُ". فَأَمَرَ بِهِ فَرُجِمَ. فَأَنْزَلَ الله عز وجل {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} إِلَى قَوْلِهِ {إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ} يَقُولُ ائْتُوا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَإِنْ أَمَرَكُمْ بِالتَّحْمِيمِ وَالجْلْدِ، فَخُذُوهُ وَإِنْ أَفْتَاكُمْ بِالرَّجْمِ فَاحْذَرُوا. فَأَنْزَلَ الله تَعَالى {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} . (2)
وهذا القول رجحه أكثر أهل العلم. (3)
(1) أخرجه البخاري (1329، 6819)، مسلم (1699).
(2)
مسلم (1700).
(3)
تفسير البغوي 2/ 38، تفسير القرطبي 6/ 172، تفسير ابن كثير 5/ 220.