الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
وجاء في الإنجيل قوله: "كان يسوع يطوف كل الجليل يعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت"(متى (4: 23 - 25).
5 -
كما جاء قوله "حينئذ ابتدأ يوبخ المدن التي صنعت فيها أكثر قواته (المعجزات التي أظهر الله على يديه) لأنها لم تتب: ويل لك يا كورزين، ويل لك يا بيت صيدا
…
وأنت يا كفرنا حوم" (متى (11: 20 - 23).
6 -
جاء قوله "
…
ينبغي أن أعمل أعمال الذي أرسلني ما دام نهار، يأتي ليل حين لا يستطيع أحد أن يعمل" (يوحنا (9: 4)، وانظر يوحنا (4: 31).
7 -
قوله "
…
لأني لم أتكلم من نفسي لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول وبماذا أتكلم وأنا أعلم أن وصيته هي حياة أبدية فما أتكلم أنا به فكما قال لي الآب هكذا أتكلم" (يوحنا (12: 49 - 50) وانظر يوحنا (4: 31) و (8: 26 و 28) ويوحنا (17: 7 - 8)، يصدق هذا ما جاء في القرآن على لسان عيسى (ما قلت لهم إلا ما أمرتني به) (المائدة: 117).
فعيسى عليه السلام كما تدل عليه الأناجيل، نبي رسول، جاء لإبلاع بني إسرائيل رسالة ربه؛ ليتوبوا من معاصيهم وآثامهم، ويتبعوا كتاب الله الذي أنزله الله عليهم آنذاك على يد عيسى وهو الإنجيل.
وبذلك نكون قد انتهينا من الرد المجمل، والآن مع
الرد التفصيلي على هذه الشبهة:
الوجه الأول: خروج ضمائر الجمع عن الظاهر (الجمع) إلى غيره ولا سيما المفرد
.
وبتكون من مبحثين:
الأول: ما يقوله بعض علماء اللغة عن هذا الأسلوب والشواهد اللغوية المستخرجة من القرآن الكريم، والشعر الجاهلي.
الثاني: النصوص اللغوية التوراتية والإنجيلية في الموضوع نفسه.
أما عن الوجه الأول:
1 -
أن هذا أسلوب سائغ لغة، قال ابن قتيبة "ومنه (أي من خروج ضمير الجمع عن
ظاهره إلى ما يخالف الظاهر) أن يخاطب الواحد بلفظ الجمع كقوله سبحانه: {قَال رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: 99]. وأكثر من يخاطب بهذا الملوك لأن مذاهبهم أن يقولوا: نحن فعلنا، يقوله منهم، يعني نفسه فخوطبوا بمثل ألفاظهم" (1)
كما قال ابن فارس - رحمة الله -: "ومن سنن العرب مخاطبة الواحد بلفظ الجمع فيقال للرجل العظيم: انظروا في أمري، وكان بعض أصحابنا يقول: إنما يقال هذا لأن الرجل العظيم يقول: نحن فعلنا: فعلى هذه الابتداء خوطبوا في الجواب (2).
فهل هناك من هو أعظم من مالك الملك وأولى منه بمثل هذا الأسلوب؟
ويقول ابن تيمية: إن ضمير الجمع يقع "على من كان له شركاء وأمثال، وعلى الواحد المطاع العظيم، الذي له أعوان يطيعونه وإن لم يكونوا شركاء ولا نظراء، والله تعالى خلق كل ما سواه، فيمتنع أن يكون له شريك أو مثيل والملائكة وسائر العالمين جنوده تعالى؛ فإذا كان الواحد من الملوك يقول: إنا ونحن ولا يريدون أنهم ثلاثة ملوك فمالك الملك رب العالمين، ورب كل شيء ومليكه هو أحق بأن يقول: إنا ونحن مع أنه ليس له شريك، ولا مثيل بل له جنود السماوات والأرض"(3).
2 -
اللغة العربية مليئة بالشواهد على خروج ضمائر الجمع عن ظاهرها للدلالة على المفرد، ومن ذلك ما في الشعر الجاهلي:
1 -
يقول امرؤ القيس - حين رأى قبر امرأة في سفح جبل عسيب الذي مات عنده -.
أجارتنا إن الخطوب تنوب
…
وإني مقيم ما أقام عسيب
أجارتنا إنا غريبان ههنا
…
وكل غريب للغريب نسيب
فإن تصلينا فالقرابة بيننا
…
وإن تصرمينا فالغريب غريب
(1) ابن قتيبة "تأويل مشكل القرآن"(ص 293).
(2)
"الصاحبي"(353)
(3)
الجواب الصحيح (3/ 448).
أجارتنا ما فات ليس يؤوب
…
وما هو أت في الزمان قريب (1)
2 -
ويقول عمرو بن كلثوم متغزلًا:
قفي قبل التفرق يا ظعينا
…
نخبرك اليقين وتخبرينا
قفي نسألك هل أحدثت صرما
…
لوشك البين أم خنت الأمينا (2)
3 -
ويقول زهير بن أبي سلمى مخاطبا هرم بن سنان والحارث بن عوف:
سألنا فأعطيتم وعدنا فعدتم
…
ومن أكثر التسآل يوما سيحرم. (3)
3 -
من الشواهد اللغوية في القرآن التي استخدمت فيها ضمائر الجمع للدلالة على الواحد مع أن الضمائر فيها تعود إلى غير الله غير الجمع سبحانه وتعالى ما يأتي:
قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78)} [الأنبياء: 78].
وقوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَال لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (11)} [فصلت: 11]. فالضمير في قوله (لحكمهم) ضمير جمع يدل على المثنى وليس على الثلاثة فأكثر، ولا على الواحد، وكذلك ياء الجماعة في (طائعين) ومثل ذلك قوله (أتينا) هذه بعض أمثلة استخدام ضمائر الجمع للدلالة على المثنى.
اما استخدام ضمائر الجمع في القرآن للدلالة على المفرد فشواهدها:
قوله تعالى عن الخضر: {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81)} (الكهف: 80 - 81) وقال تعالى: {قُلْنَا يَاذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86) قَال أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ
(1) ديوان امرئ القيس (79).
(2)
شرح المعلقات العشر (202).
(3)
المرجع السابق ص (155).