الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 -
ثم إن كان المسيح إلهًا متجسدًا فكيف نفهم تبريرًا لخيانة يهوذا؟ وهل يخان الإله؟ وكيف نفهم بطرس إنكار بطرس له ثلاث مرات ولعنه في الليلة التي أراد اليهود القبض فيها على المسيح؟ بل إن كل ما قيل في سيرة المسيح يصعب فهمه مع القول بألوهيته، ويترك علامات استفهام لا إجابة عنها.
(17)
فما إنجيل متى (21/ 10 - 11) قول المؤمنين بالمسيح عليه السلام لدى استقبالهم له عند دخوله بيت المقدس: "مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي الأَعَالِي! ". 10 وَلمَّا دَخَلَ أُورُشَلِيمَ ارْتَجَّتِ المدِينَةُ كُلُّهَا قَائِلَةً: "مَنْ هذَا؟ " فَقَالتِ الجُمُوعُ: "هذَا يَسُوعُ النَّبِيُّ الَّذِي مِنْ نَاصِرَةِ الْجلِيلِ".
(18)
وفي إنجيل يوحنا (4/ 19): عن المرأة التي دهشت لما أخبرها المسيح، الذي لم يكن يعرفها من قبل، عن أزواجها الخمسة السابقين! أنها قالت:"يا سيّد! أرى أنك نبيّ. .".
القسم الرابع عشر: نصوص تثبت الحمل بالمسيح ثم ولادته ثم نموه التدريجي جسمًا وعقلًا:
وتثبت له كل أعراض الطبيعة البشرية من الجوع والعطش والتعب والنوم والخوف والاضطراب والألم بل الموت مما يتنزه عنه الباري سبحانه وتعالى. ولقد درس المحققون سيرة المسيح عليه السلام -كما عرضتها الأناجيل- منذ بشارة أمه إلى حمله، وولادته في المزود، ثم لفه بالخرق، ثم ختانه، ومن ثم نشأته، وتعليمه مع الصبيان، ثم تعميده على يد المعمدان إلى أن ذكروا نهايته المزعومة على الصليب بعد أن جزع، وتذلل لله ليصرف عنه هذا الأمر، فوجدوا أن المسيح لا يفرق في شيء عن سائر الناس، فقد ولد وكبر، وأكل وشرب، ومات. فما الذي يميزه بالألوهية عن غيره؟
(1)
فقد ولد من فرج امرأة متلبطًا بدمها "وبينما هما هناك تمت أيامها لتلد"(لوقا 6/ 2).
(2)
ونشأ جنينًا في رحم أمه مريم عليها السلام التي تحمل به مدة الحمل كاملًا ثم تضعه: "فَصَعِدَ يُوسُفُ أيضًا مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيَرتهِ، لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ المُخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. 6 وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي
المِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لهما مَوْضِعٌ فِي المُنْزِلِ." (لوقا: 2/ 4 - 7).
(3)
ورضع من ثدييها "وفيما هو يتكلم بهذا رفعت امرأة صوتها من الجمع وقالت له: طوبى للبطن الذي حملك، والثديين اللذين رضعتهما"(لوقا 27/ 11).
(4)
المسيح عليه السلام يُختن عندما يبلغ ثمانية أيام: "وَلمَّا تَمَّتْ ثَمانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ المُلَاكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْنِ" لوقا: 2/ 21.
(5)
وقد عمده يوحنا المعمدان عليه السلام في نهر الأردن "جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه"(متى 13/ 3)، أفجهل المعمدان أنه يعمد الإله؟ ومن المعلوم أن معمودية المعمدان غفران الذنوب، كما في متى:"واعتمدوا منه في الأردن معترفين بخطاياهم. . أنا أعمدكم بماء للتوبة. . . حينئذ جاء يسوع من الجليل إلى الأردن إلى يوحنا ليعتمد منه"(متى 3/ 6 - 14)، فهل كان الإله مذنبًا يبحث عمن يغفر له ذنوبه؟ !
(6)
كما تعرض لمكايد أعدائه فقد حاول الشيطان أن يغويه، فلم يقدر "قال له: أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي، حينئذ قال له يسوع: اذهب يا شيطان" (متى 4/ 9 - 10).
(7)
المسيح عليه السلام ينمو تدريجيًا جسمًا وعلمًا: "وَأَمَّا يَسُوعُ فَكَانَ يَتَقَدَّمُ فِي الحكْمَةِ وَالْقَامَةِ وَالنِّعْمَةِ، عِنْدَ الله وَالنَّاسِ"(لوقا: 2/ 52). قلت: قوله "يتقدّم في الحكمة" دليل واضح على عدم ألوهية المسيح، إذ لو كان المسيح إلها متجسدًا لكان محيطا، قبل وبعد تجسده المزعوم في رحم العذراء، بكل المعلومات وبالحكمة المطلقة ولما احتاج أن يتقدم فيها! وثمة فائدة أخرى في هذا النص يجدر التنبيه إليها، وهي أن العلم ومعرفة الحكمة ليست من الأمور الجسدية حتى يُقال أن المسيح إنما تدرج فيهما بحسب ناسوته! بل من صفات الروح، مما يؤكد بشرية المسيح المحضة روحًا وجسدًا وقلبًا وقالبًا.
(8)
المسيح عليه السلام يجوع: ثُمَّ أُصْعِدَ يَسُوعُ إِلَى الْبرِّيَّةِ مِنَ الرُّوحِ ليُجَرَّبَ مِنْ إِبْلِيسَ. فَبَعْدَ مَا صَامَ أَرْبَعِينَ نَهَارًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، جَاعَ أَخِيرًا" (متى: 4/ 1 - 2) "وبحث عن طعام يأكله" وفي الصبح إذ كان راجعا إلى المدينة جاع" (متى 18/ 21). وقد أكل وشرب، فسد جوعته، وروى ظمأه "فناولوه
جزءًا من سمك مشوي وشيئا من شهد عسل، فأخذ وأكل قدامهم" (لوقا 24/ 42 - 43)
"وِفي الصُّبْحِ إِذْ كَانَ رَاجِعًا إِلَى الْمدِينَةِ جَاعَ، فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ عَلَى الطَّرِيقِ، وَجَاءَ إِلَيْهَا فَلَمْ يَجِدْ فِيهَا شَيْئًا إِلَّا وَرَقًا فَقَطْ. فَقَال لَهَا: "لَا يَكُنْ مِنْكِ ثَمَرٌ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ! " متى: 21/ 19: 18.
(9)
المسيح عليه السلام يعطش: "بَعْدَ هذَا رَأَى يَسُوعُ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ قَدْ كَمَلَ، فَلِكَيْ يَتِمَّ الْكِتَابُ قَال: "أَنَا عَطْشَانُ" (يوحنا: 19/ 28).
(10)
المسيح عليه السلام يتعب: "وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ، جَلَسَ هكَذَا عَلَى الْبِئْرِ، وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ."(يوحنا: 4/ 6). واحتاج إلى حمار يركبه، فأرسل تلاميذه طالبًا منهم إحضار الحمار لأن "الرب محتاج إليه"(مرقس 11/ 3).
(11)
المسيح عليه السلام ينام: "وكان هو في المؤخر على وسادة نائمًا. فأيقظوه وقالوا له: يا معلم أما يهمك أننا نهلك؟ "(مرقس: 4/ 3). والنوم من أحوال، وعوارض البشرية "وكان هو نائما"(متى 24/ 8).
(12)
المسيح عليه السلام يكثر الأكل والشرب: "جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، فتقُولُونَ: هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ، مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ."(لوقا: 7/ 34).
(13)
المسيح عليه السلام يبكي: "قَالوا لَهُ: "يَا سَيِّدُ، تَعَال وَانْظُرْ". 35 بَكَى يَسُوعُ. 36 فَقَال الْيَهُودُ:"انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ يُحِبُّهُ! " يوحنا: 11/ 34 - 36. واكتئب المسيح عليه السلام لما أصابه "وابتدأ يدهش ويكتئب" (مرقس 14/ 33)، وأحيانا كان يجتمع عليه الحزن والاكتئاب "وابتدأ يحزن ويكتئب" (متى 26/ 37).
(14)
المسيح عليه السلام يضطرب ويرتعد نفسيًّا: "فَلَمَّا رَآهَا يَسُوعُ تَبْكِي، وَالْيَهُودُ الَّذِينَ جَاءُوا مَعَهَا يَبْكُونَ، انْزَعَجَ بِالرُّوحِ وَاضْطَرَبَ، 34 وَقَال: "أَيْنَ وَضَعْتُمُوهُ؟ " (يوحنا: 11/ 33 - 34). "لمَّا قَال يَسُوعُ هذَا اضْطَرَبَ بِالرُّوحِ، وَشَهِدَ وَقَال:"الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ سَيُسَلِّمُنِي! "(يوحنا: 13/ 21).
(15)
والمسيح عليه السلام يحزن بشدة ويكتئب حتى الموت: "حِينَئِذٍ جَاءَ مَعَهُمْ يَسُوعُ إِلَى
ضَيْعَةٍ يُقَال لَهَا جَثْسَيْمَانِي، فَقَال لِلتَّلَامِيذِ:"اجْلِسُوا ههُنَا حَتَّى أَمْضِيَ وَأُصَلِّيَ هُنَاكَ". ثُمَّ أَخَذَ مَعَهُ بُطْرُسَ وَابْنَيْ زَبْدِي، وَابْتَدَأَ يَحْزَنُ وَيَكْتَئِبُ. فَقَال لَهُمْ:"نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الموْتِ. اُمْكُثُوا ههُنَا وَاسْهَرُوا مَعِي"(متى: 26/ 36 - 38).
(16)
المسيح عليه السلام يكتم حقيقة أمره في أول الدعوة: خوفًا من شر اليهود، ويأمر أتباعه أيضًا أن لا يُظهِروا أمره، بل يكتموا إيمانهم ويكتموا المعجزات التي يرونها اتقاءً من شر اليهود، كما أن المسيح نفسه يفر من اليهود ويتوارى عن أنظارهم هربا من شرّهم:
أ- "وَلمَّا نَزَلَ مِنَ الجبَلِ تَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ. وَإِذَا أَبْرَصُ قَدْ جَاءَ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلًا: "يَا سَيِّدُ، إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي". فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلمَسَهُ قَائِلَا:"أُرِيدُ، فَاطْهُرْ! ". وَللْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ. فَقَال لَهُ يَسُوعُ: "انْظُرْ أَنْ لَا تَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ اذْهَبْ أَرِ نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ، وَقَدِّمِ الْقُرْبَانَ الَّذِي أَمَرَ بِهِ مُوسَى شَهَادَةً لهُمْ"(متى: 8/ 1 - 4)، ومثله في (مرقس: 1/ 40 - 44).
ب- "وَالأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ حِينَمَا نَظَرَتْهُ خَرَّتْ لَهُ وَصَرَخَتْ قَائِلَةً: "إِنَّكَ أَنْتَ ابْنُ الله! ". وَأَوْصَاهُمْ كَثِيرًا أَنْ لَا يُظْهِرُوهُ."(مرقس: 3/ 11 - 12).
ج- فَقَال (يسوع) لَهُمْ: "وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ أَنِّي أَنَا؟ " فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَال: "مَسِيحُ الله! ". فَانْتَهَرَهُمْ وَأَوْصَى أَنْ لَا يَقُولُوا ذلِكَ لأَحَدٍ" (لوقا: 9/ 20 - 21).
د- "وَكَانَ يَسُوعُ يَتَرَدَّدُ بَعْدَ هذَا فِي الجلِيلِ، لأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَتَرَدَّدَ فِي الْيَهُودِيَّةِ لأَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَقْتُلُوهُ."(يوحنا: 7/ 1). قلت: ومن البديهي أنه لو كان إلها؛ لما خاف من أحد ولوجَّه أبصار وأذهان اليهود بعيدًا عنه، ولما احتاج للتواري عن أنظارهم.
(17)
وتعرض للطم والشتم "ولما قال هذا، لطم يسوع واحد من الخدام كان واقفا"(يوحنا 22/ 18)، فلم يستطع أن يدفع عن نفسه إلا بالكلام، لأنه كان موثقا "قبضوا على يسوع وأوثقوه"(يوحنا 8/ 12).
(18)
بل وتزعم الأناجيل أنه مات، فهل الرب يموت؟ "فصرخ يسوع بصوت عظيم، وأسلم الروح"(مرقس 15/ 37). ولا يجد الأسقف ترتليان (ق 3) ما يدفع به هذه