الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوجه الثاني: وهو ما أكدته النصوص الإنجيلية
، ونقلته عن المسيح، فعندما أتى المسيح بما أتى به من المعجزات كان يؤكد أنها من الله عزوجل، ولم ينسبها إلى نفسه فقال:
1 -
"أَنَا بِرُوحِ الله أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ"(متى 12/ 28).
2 -
وقال: "كُنْتُ بِأَصْبعِ الله أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ"(لوقا 11/ 20).
3 -
وعندما جاء لإحياء لعازَر" وَرَفَعَ يَسُوعُ عَيْنَيْهِ إِلَى فَوْقُ، وَقَال: "أَيُّهَا الآبُ، أَشْكُرُكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ ليِ، 42 وَأَنَا عَلِمْتُ أَنَّكَ فِي كُلِّ حِينٍ تَسْمَعُ لِي. وَلكِنْ لأَجْلِ هذَا الجمْعِ الْوَاقِفِ قُلْتُ، لِيُؤْمنُوا أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي" (يوحنا 11/ 40 - 41)، لقد شكر الله أن قبل منه تضرعه ودعاءه حين رفع عينيه إليه متوسلا ضارعا، فاستجاب الله له، وأحيا على يديه لعازر.
4 -
وأيضًا استلهم من الله القدير العون لا أراد إطعام الجمع من الأرغفة الخمس "رفع نظره نحو السماء، وبارك وكسر"(متى 14/ 19).
5 -
ولما جيء له بالأصم "رفع نظره نحو السماء وأنّ، وقال: افثأ، أي انفتح، وللوقت انفتحت أذناه، وانحل رباط لسانه، وتكلم مستقيمًا"(مرقس 7/ 34 - 35)، فأنينه تضرع واستغاثة بالله لم يخيبه الله فيهما.
6 -
وقال متحدثًا عن سائر معجزاته وأعاجيبه: "دفع إلي (أي من الله) كل سلطان في السماء وعلى الأرض"(متى 18/ 28)، فكل ما يؤتاه هبة الله، ولو كان إلهًا لكانت معجزاته ذاتية تنبع من طبيعته الإلهية، ولا يحتاج إلى من يهبها له أو يمنعه إياها.
7 -
وأكد المسيح عليه السلام أيضًا أنه لا حول له ولا قوة بغير تأييد الله له، فقال:"أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا"(يوحنا 5/ 30).
8 -
ويقول: "الأعمال التي أعملها باسم أبي هي تشهد لي"(يوحنا 10/ 25).
9 -
وأما الذين رأوا معجزات المسيح فقد عرفوا أنما يصنعه إنما هو من المعجزات التي يعطيها الله لأنبيائه، ولم يفهم أحد منهم ألوهية صاحب هذه المعجزات، فعندما شفي الصبي من الروح النجس "بهت الجميع من عظمة الله"(لوقا 9/ 34).
10 -
ولما شفى المرأة المقوسة الظهر "استقامت (أي المرأة بظهرها) ومجدت الله"(لوقا 13/ 13). ولما أقام المفلوج ورأت الجموع ذلك "تعجبوا ومجدوا الله الذي أعطى الناس سلطانا مثل هذا"(متى 9/ 8).
11 -
وهو ما قاله عنه الأعمى الذي شفاه "فقالوا له: كيف انفتحت عيناك؟ أجاب ذاك وقال: إنسان يقال له يسوع"(يوحنا 9/ 10 - 11).
12 -
وحين انتهر البحر والرياح وأطاعته لم يفهم الراؤون لهذا ألوهيته رغم عظم هذه المعجزة، بل عجبوا لقدرة المسيح الإنسان، يقول متى:"فتعجب الناس قائلين: أي إنسان هذا؟ فإن الرياح والبحر جميعا تطيعه"(متى 8/ 27).
13 -
ولما أرادت مرثا أخت لعازر أن يُحييَ أخاها أكدت معرفتها بأن هذه المعجزات هي من الله، وأنه يؤيد بها المسيح، فقالت له:"أعلم أن كل ما تطلب من الله يعطيك الله إياه"(يوحنا 11/ 22).
14 -
وهذا تلميذه بطرس كبير الحواريين يقول نحاطبًا الجموع مؤكدًا هذا المفهوم: "يسوع الناصري رجل قد تبرهن من قبل الله بقوات وعجائب صنعها الله بيده"(أعمال 2/ 22).
15 -
وأيضًا نيقوديموس معلم الناموس، أدرك سر هذه المعجزات العظيمة التي يصنعها المسيح، وأنها من قبل الله، وبسبب عونه وتأييده، فقال للمسيح عليه السلام:"يا معلم، نعلم أنك قد أتيت من الله معلمًا، لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي أنت تعمل، إن لم يكن الله معه"(يوحنا 3/ 2).
16 -
وتحكي الأناجيل ما يؤكد أن هذه المعجزات لم تكن إلا هبة من الله، وكان المسيح يحذر أن لا يؤتاها في بعض المواطن، لذلك لما تقدم إلى لعازر الميت خاف أن لا يتمكن من صنع معجزة "قال بعض منهم: ألم يقدر هذا الذي فتح عيني الأعمى أن يجعل هذا أيضًا لا يموت؟ فانزعج يسوع أيضًا في نفسه" (يوحنا 11/ 37 - 38).
17 -
وفي مرات أخر طلب منه الفريسيون آيات، فلم يقدر على صنعها، أو لم يصنعها "فتنهد بروحه، وقال: لماذا يطلب هذا الجيل آية؟ الحق أقول لكم: لن يعطى هذا الجيل آية، ثم تركهم ودخل السفينة ومضى"(مرقس 8/ 11 - 13).
ولما تكاثرت جموع اليهود عليه تطلب آية لم يجبهم إلى طلبهم، بل قال:"جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تعطى له آية"(متى 12/ 38 - 39).
18 -
ثم لو كان ما يصدر من المسيح من آيات تدل على ألوهيته فلم يأمر بإخفائها، وهي السبيل الذي يدل الناس على حقيقته؟ فقد قال المسيح للأبرص لما شفاه "انظر، لا تقل لأحد شيئا"(مرقس 1/ 44). ولما شفى الأعميان قال: "انظرا، لا يعلم أحد"(متى 9/ 31).
وقال للأعمى الثالث لما شفاه: "لا تدخل القرية، ولا تقل لأحد في القرية"(مرقس 8/ 26).
وتكرر منه ذلك "فعلم يسوع وانصرف من هناك، وتبعته جموع كثيرة فشفاهم جميعا، وأوصاهم أن لا يظهروه"(متى 12/ 15 - 16)، فالمسيح عليه السلام بإخفائه للمعجزات يبريد أن لا ينشغل الناس بالمعجزات عن دعوته وجوهرها، ولو كانت دليل ألوهيته لوجب أن ينبههم إلى ذلك.
19 -
المعجزات لا تدل - حسب الكتاب المقدس - على النبوة فضلًا عن الألوهية، والعجب - كل العجب - أن يعتبر النصارى معجزات المسيح عليه السلام دالة على ألوهيته، والكتاب مصرح بقدرة غيره من البشر على صنع مثل هذه المعجزات العظيمة، من غير أن يكون ذلك دالا على ألوهية هؤلاء.
فقد أثبت الكتاب هذه المعجزات وما هو أعظم منها لكل المؤمنين بالمسيح، فقال:"الحق أقول لكم: من يؤمن بي، فالأعمال التي أنا أعملها يعملها هو أيضًا، ويعمل أعظم منها"(يوحنا 14/ 12)، أي يستطيع المؤمنون شفاء المرضى بل وإحياء الموتى، بل ويستطيعون صنع أعظم من ذلك، وعليه لا تصلح في الدلالة على الألوهية.
20 -
وفعل العجائب - حسب الكتاب المقدس - لا يصح للدلالة على صدق أو صحة إيمان أصحابها، فضلا عن النبوة أو الألوهية، فإن المسيح عليه السلام ذكر بأن كذبة