الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجازي بلا خلاف، أي حلول هدايته ومواهبه وتوفيقه، ومثله الحلول في المسيح، ومن زعم الفرق وجب عليه إحضار الدليل.
2 - كما تذكر التوراة حلول الله - وحاشاه - في بعض مخلوقاته على الحقيقة
.
ولا تقول النصارى بألوهية هذه الأشياء، ومن ذلك ما جاء في سفر الخروج "المكان الذي صنعته يا رب لسكنك"(الخروج 15/ 17)، فقد حل وسكن في جبل الهيكل، ولا يعبد أحد ذلك الجبل.
وفي المزامير: "لِمَاذَا أَيَّتُهَا الْجَبَال المْسَنَّمَةُ تَرْصُدْنَ الجْبَلَ الَّذِي اشْتَهَاهُ الله لِسَكَنِهِ؟ بَلِ الرَّبُّ يَسْكُنُ فِيهِ إِلَى الأَبَدِ."(المزمور 68/ 16).
3 - ولعل من أهم نصوص الحلول المزعوم قول المسيح:
"انا والآب واحد"(يوحنا 10/ 30)، وقوله:"من رآني فقد رأى الآب"(يوحنا 14/ 9).
1 - قول المسيح: "أنا والآب واحد
". القول المنسوب إلى المسيح: "أنا والآب واحد" أهم ما يتعلق فيه أولئك الذين يقولون بألوهية المسيح، وقد فهموا منه وحدة حقيقية جهر بها المسيح أمام اليهود، وفهموا منه أنه يعني الألوهية لذاته. ولفهم النص، نعود فنقرأ السياق من أوله، فنرى بأن المسيح عليه السلام كان يتمشى في رواق سليمان في عيد التجديد "فَاحْتَاطَ بِهِ الْيَهُودُ وَقَالوا لَهُ: "إِلَى مَتَى تُعَلِّقُ أَنْفُسَنَا؟ إِنْ كُنْتَ أَنْتَ المُسِيحَ فَقُلْ لَنَا جَهْرًا". 25 أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: "إِنِّي قُلْتُ لَكُمْ وَلَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ. الأَعْمَال الَّتِي أَنَا أَعْمَلُهَا بِاسْمِ أَبِي هِيَ تَشْهَدُ لِي. 26 وَلكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي، كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. 27 خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي، وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. 28 وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ، وَلَا يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. 29 أَبِي الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ الْكُلِّ، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَخْطَفَ مِنْ يَدِ أَبِي. 30 أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ"(يوحنا 10/ 24 - 30).
فالنص من أوله يتحدث عن قضية معنوية مجازية (1) فخراف المسيح أي تلاميذه
(1) يرى القس جيمس أنس أنه ينبغي أن تفسر النصوص تفسيرًا مجازيًا إذا كان في سفر مملوء بالاستعارات =
يتبعونه، فيعطيهم الحياة الأبدية، أي الجنة، ولن يستطيع أحد أن يخطفها منه (أي يبعدها عن طريقه وهدايته) لأنها هبة الله التي أعطاه إياها، ولا يستطيع أحد أن يسلبها من الله الذي هو أعظم من الكل، فالله والمسيح يريدان لها الخير، فالوحدة وحدة الهدف لا الجوهر. لكن اليهيود في رواق سليمان، كان فهمهم لكلام المسيح سقيما - أشبه ما يكون بفهم النصارى له - لذا "تناول اليهود أيضًا حجارة ليرجموه .. لسنا نرجمك لأجل عمل حسن، بل لأجل تجديف، فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهًا". فعرف المسيح عليه السلام خطأ فهمهم لكلامه، واستغرب منهم، كيف فهموا هذا الفهم وهم يهود يعرفون لغة الكتب المقدسة في التعبير المجازي فأجابهم:"أليس مكتوبا في ناموسكم: أَنَا قُلْتُ: إِنَّكُمْ آلِهَةٌ؟ " ومقصود ما جاء في مزامير داود: أَنَا قُلْتُ: إِنَّكُمْ آلِهَةٌ وَبَنُو الْعِليِّ كُلُّكُمْ." (المزمور 82/ 6). أي: فكيف تستغربون بعد ذلك مثل هذه الاستعارات، وهي معهودة في كتابكم الذي جعل بني إسرائيل آلهة بالمعنى المجازي للكلمة؟ ! فالمسيح أولى بهذه الألوهية المجازية من سائر بني إسرائيل "فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالمِ، أَتَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجَدِّفُ، لأَنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ الله؟ 37 إِنْ كُنْتُ لَسْتُ أَعْمَلُ أَعْمَال أَبِي فَلَا تُؤْمِنُوا بِي. (يوحنا 10/ 37: 36).
والنص في نسخة الرهبانية اليسوعية أكثر وضوحا، وفيه:"أجابهم يسوع: ألم يكتب في شريعتكم: قلت: إنكم آلهة؟ فإذا كانت الشريعة تدعو آلهة من ألقيت إليهم كلمة الله .. فكيف تقولون للذي قدسه الآب وأرسله إلى العالم: أنت تجدف، لأني قلت: إني ابن الله". يقول الأب متى المسكين تعليقًا على هذه الفقرة: "المسيح يستشهد بالمزمور الثاني والثمانين: (الله قائم في مجمع الله، في وسط الآلهة يقضي .. أنا قلت إنكم آلهة، وبنو العلي كلكم)، فالوحي الإلهي هنا يعطي صفة الآلهة للمجمع الذي يجتمع على الحكم على أساس الحكم
= التي لا تصح فيها التفسيرات الحرفية، فكيف الحال والإصحاح بين أيدينا يتحدث عن معان مجازية. انظر: علم اللاهوت النظامي، جيمس أنس، ص (713).
بكلمة الله .. يأتي ردا على ادعائهم أن كون المسيح إلها يعتبر تجديفا، في حين أن كل الذين صارت إليهم كلمة الله يدعون في الناموس آلهة" (1). وهكذا وبهذا الشاهد من المزامير صحح المسيح عليه السلام لليهود ثم للنصارى الفهم السيئ والحرفي لوحدته مع الآب.
وهذا الأسلوب في التعبير عن وحدة الهدف والمشيئة معهود في النصوص خاصة في إنجيل يوحنا.
1 -
فهو يقول عن التلاميذ على لسان المسيح: "لِيَكُون الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أيضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. 22 وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ المَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا أنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي."(يوحنا 17/ 20 - 23)، فالحلول في المسيح والتلاميذ حلول معنوي فحسب، وإلا لزم تأليه التلاميذ، فكما المسيح والآب واحد، فإن التلاميذ والمسيح والآب أيضًا واحد، أي وحدة الهدف والطريق، لا وحدة الذوات، فإن أحدا لا يقول باتحاد التلاميذ ببعضهم أو باتحاد المسيح فيهم بذاته.
2 -
وفي موضع آخر ذكر نفس المعنى فقال عن التلاميذ: "أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ، احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ."(يوحنا 17/ 11)، أي كما وحدتنا هي وحدة هدف لتكن وحدتهم بنا كذلك.
3 -
ومثله قوله: "تَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا فِي أَبِي، وَأَنْتُمْ فِيَّ، وَأَنَا فِيكُمْ."(يوحنا 14/ 20).
4 -
ومثله يقول بولس: "فَإِنَّكُمْ أَنْتُمْ هَيْكَلُ الله الْحَيِّ، كَمَا قَال الله: "إِنِّي سَأَسْكُنُ فِيهِمْ وَأَسِيرُ بَيْنَهُمْ، وَأَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا. 17 لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلَا تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ، " (كورنثوس (2) 6/ 16 - 17).
5 -
ومثله قوله: "إِلهٌ وَآدبٌ وَاحِدٌ لِلْكُلِّ، الَّذِي عَلَى الْكُلِّ وَبِالْكُلِّ وَفِي كُلِّكُمْ."
(1) شرح إنجيل القديس يوحنا، الأب متى المسكين (1/ 643 - 644).
(أفسس 4/ 6).
6 -
ومثله قول المسيح عليه السلام لتلاميذه: أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ." (يوحنا 15/ 5)، أي من يحبني ويطيعني ويؤمن بي فهذا يأتي بثمر كثير.
7 -
والمعنى الصحيح لقوله: "لكي تعرفوا وتؤمنوا أن الآب في، وأنا فيه"(يوحنا 10/ 38) أي أن الله يكون في المسيح، أي بمحبته وقداسته وإرشاده وتسديده، لا بذاته المقدسة التي لا تحل في الهياكل "العلي لا يسكن في هياكل مصنوعات الأيادي"(أعمال 7/ 48).
8 -
وقد تكرر هذا الأسلوب في التعبير عن وحدة الهدف والمشيئة في نصوص كثيرة، منها قول بولس:"أَنَا غَرَسْتُ وَأَبُلُّوسُ سَقَى، لكِنَّ الله كَانَ يُنْمِي. 7 إِذًا لَيْسَ الْغَارِسُ شَيْئًا وَلَا السَّاقِي، بَلِ الله الَّذِي يُنْمِي. 8 وَالْغَارِسُ وَالسَّاقِي هُمَا وَاحِدٌ، وَلكِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ سَيَأْخُذُ أُجْرَتَهُ بِحَسَبِ تَعَبِهِ. 9 فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلَانِ مَعَ الله، وَأَنْتُمْ فَلَاحَةُ الله، بِنَاءُ الله."(كورنثوس (1) 3/ 9 - 6)، فوحدة بولس مع أبلوس وحدة الهدف المشترك، لا الجوهر والذات.
9 -
ومثله جاء في التوراة في وصف الزوجين "يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا"(التكوين 2/ 24) أي الجسد الواحد، لا أن ذاتهما قد أضحت واحدة، وعليه لا يصح الفهم الظاهري السطحي لقوله:"وَقَال: مِنْ أَجْلِ هذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ، وَيَكُونُ الاثْنَانِ جَسَدًا وَاحِدًا."(متى 19/ 5)، ومثله سواء بسواء قول المسيح:"أنا والآب واحد".
10 -
ومثله أيضًا قول لابان ليعقوب ابن أخته "فَقَال لَهُ لَابَانُ: "إِنَّمَا أَنْتَ عَظْمِي وَلَحْمِي". فَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا مِنَ الزَّمَانِ."(التكوين 29/ 14).
11 -
ومثله الرمز لوحدة الهدف والغاية بين التلاميذ باستعارة لفظ يدل ظاهره على وحدة الجسد، وليس مقصودًا، وذلك في قوله:"هكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي المُسِيحِ، وَأَعْضَاءٌ بَعْضًا لِبَعْضٍ."(رومية 12/ 5)، ونحوه في قوله: "أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ