الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1307 -
حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ» . قَالَ سُفْيَانُ: قَالَ الزُّهْرِىُّ: أَخْبَرَنِى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. زَادَ الْحُمَيْدِىُّ: «حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ» .
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(بَابُ القِيَامِ لِلْجَنَازَةِ) إذا مرت بمن ليس معها، وإنما لم يشر إلى الحكم؛ لأن فيه اختلافًا على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
[169 أ/س]
(حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) المعروف بابن المديني (قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هو ابن عيينة (قال: حَدَّثَنَا الزُّهْرِىُّ) محمد بن مسلم بن شهاب (عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ) /عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ) بفتح الراء وكسر الموحدة، صاحب الهجرتين، وقد مر في كتاب تقصير الصلاة.
(عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا) سواء كانت لمسلم أو كافر؛ إعظامًا للذي يقبض الأرواح، على ما سيجيء تفصيله.
(حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ) بضم المثناة الفوقية وفتح الخاء المعجمة وكسر اللام المشددة أي: تجعلكم خلفها، وتتجاوزكم وتترككم وراءها، وإسناد التخليف إلى الجنازة على سبيل المجاز؛ لأن المراد حاملها
(1)
.
[74 ب/س]
ثم المراد بالتخليف ليس التخصيص بكون الجنازة تتقدم؛ بل المراد مفارقتها سواء خلفت القائم وراءها أو خلفها القائم وراءه، وهو من قولك: خلفت فلانًا ورائي فتخلف عني؛ أي: تأخر، / من التخليف.
(1)
فتح الباري (3/ 177).
وأما خلَفت بتخفيف اللام فمعناه: صرت خليفة عنه، تقول: خلفت الرجل في أهله إذا قمت بعده فيهم وقمت عنه بما كان يفعله، وخلف الله لك بخير وأخلف عليك خيرًا أي: أبدلك بما ذهب منك وعوضك عنه، والخلَف بتحريك اللام والسكون: كل من يجيء بعد من مضى، إلا أنه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر، يقال خلَف صدق وخلْف سوء
(1)
قال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} [مريم: 59](قَالَ سُفْيَانُ) أي: ابن عيينة (قَالَ الزُّهْرِىُّ) محمد بن مسلم (أَخْبَرَنِى) بالإفراد (سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ) عبدالله بن عمر رضي الله عنهما (قَالَ: أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم).
قال الحافظ العسقلاني: هذا السياق لفظ الحميدي في مسنده، ويحتمل أن يكون على بن عبدالله حدث به على السياقين، فقال مرة:"عن سفيان، حدثنا الزهري عن سالم"، وقال مرة:" قال الزهري أخبرني سالم" وفائدة ذكر هذا الطريق بيان أن الأولى بالعنعنة، وهذه بلفظ الإخبار فيفيد التقوية
(2)
.
(زَادَ الْحُمَيْدِىُّ) أبو بكر بن عبدالله المكي (عن سفيان
(3)
) أي: ابن عيينة. يعني بهذا الإسناد، وقد رواه الحميدي موصولًا في مسنده
(4)
، وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه
(5)
. (حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ) بزيادة قوله: "أو توضع" والمراد بالوضع الوضع على الأرض أو وضعها في اللحد، فقد اختلف فيه الروايات.
(1)
الصحاح تاج اللغة [خلف](4/ 1354). ومشارق الأنوار [خلف](1/ 238).
(2)
فتح (3/ 177).
(3)
زاد على أصل البخاري.
(4)
مسند الحميدي، حاديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه (1/ 231)(142).
(5)
المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (3/ 38)(2143).
فقال أبو داود في سننه عقيب حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتم الجنازة فقوموا، فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع".
[169 أ/ص]
روى هذا /الحديث الثوري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال فيه: "حتى توضع بالأرض" ورواه أبو معاوية عن سهيل: "حتى توضع في اللحد" قال أبو داود: "وسفيان أحفظ من أبي معاوية"
(1)
.
ورواه جرير عن سهيل فقال: "توضع حسب" وزاد: قال سهيل: ورأيت أبا صالح لا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال"
(2)
. أخرجه أبو نعيم في المستخرج بهذه الزيادة، وهو في مسلم بدونها.
وفي المحيط للحنفية: الأفضل أن لا يقعد حتى يهال عليها التراب، وحجتهم رواية أبي معاوية، ورجح الأول عند البخاري بفعل أبي صالح؛ لأنه راوي الخبر وهو أعرف بالمراد منه، ورواية أبي معاوية مرجوحة كما قال أبو داود، والله أعلم
(3)
.
وفي الباب ما أخرجه الطحاوي من حديث أبان بن عثمان أنه مرت به جنازة فقام لها، وقال: إن عثمان رضي الله عنه مرت به جنازة فقام لها، وقال:"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام لها" ورواه أحمد، والبزار، أيضًا
(4)
.
(1)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (3/ 203)(3173)، من طريق، سهيل بن أبي صالح، عن ابن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، إسناده صحيح. وأخرجه الحاكم (1/ 508)(1316)، من طريق أبي معاوية، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه «وله شاهد بمثل هذا الإسناد، عن أبي سعيد» .
(2)
المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (3/ 40)(2148).
(3)
فتح الباري (3/ 178).
(4)
شرح معاني الآثار، كتاب الجنائز، باب الجنازة تمر بالقوم أيقومون لها أم لا؟ (1/ 485)(2768)، من طريق إسماعيل بن أمية، عن موسى بن عمران بن مناح، أن أبان بن عثمان، وأخرجه أحمد بن حنبل في مسنده، مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه (1/ 483)(426) بهذا الإسناد، وأخرجه البزار في مسنده، مسند عثمان بن عفان رضي الله عنه أبان بن عثمان رضي الله عنه (2/ 21)(359)، بهذا الإسناد، وقال: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن عثمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، وقد روي عن غير عثمان، إسناده حسن في المتابعات والشواهد رجاله ثقات، عدا موسى بن مناح وهو مقبول.
وما أخرجه الطحاوي أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صلى أحدكم على جنازة ولم يمش معها، فليقم حتى تغيب عنه، وإن مشى معها فلا يقعد حتى توضع"
(1)
.
وما رواه ابن ماجه من حديث أبي سلمةَ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: مُرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فقام وقال: قوموا فإن للموت فزعًا "
(2)
.
وما رواه النسائي من حديث زيد بن ثابت: "أنهم كانوا جلوسًا مع رسول صلى الله عليه وسلم فطلعت جنازة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام من
(3)
معه فلم يزالوا قيامًا حتى بعدت"
(4)
.
وما رواه ابن أبي شيبة من حديث عبدالله بن سخبرة، أن أبا موسى رضي الله عنه، أخبرهم أن النبي صلى الله عليه وسلم "كان إذا مرت به جنازة قام حتى تجاوزه"
(5)
.
(1)
شرح معاني الآثار، كتاب الجنائز، باب الجنازة تمر بالقوم أيقومون لها أم لا؟ (1/ 487)(2796) من طريق ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن سعيد بن مرجانة، عن أبي هريرة. وأخرجه أحمد في مسنده، مسند أبي هريرة رضي الله عنه (13/ 36)(7593) بهذا الإسناد وهذا إسناد حسن، محمد بن إسحاق صدوق يدلس، ولم يصرح بسماعه، وباقي رجال السند ثقات رجال الصحيح. وأخرجه الحاكم (1/ 508)(1316)، من طريق أبي معاوية، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه «وله شاهد بمثل هذا الإسناد، عن أبي سعيد» .
(2)
سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في القيام للجنازة (1/ 492)(1543)، من طريق عبدة ابن سليمان، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هرير، أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف. إسناده حسن رجاله ثقات عدا محمد بن عمرو الليثي قال ابن حجر في "التقريب"(ص: 499)(6188): وهو صدوق له أوهام.
(3)
[من] سقط من ب.
(4)
السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز، باب الأمر بالقيام للجنازة (4/ 45)(1920)، من طريق مروان، قال: حدثنا عثمان بن حكيم، قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت، عن عمه يزيد بن ثابت، وصححه الألباني.
(5)
مصنف ابن أبي شيبة، كتاب الجنائز، من قال: يقام للجنازة إذا مرت (3/ 39)(11909)، من طريق ليث، عن مجاهد، عن أبي معمر عبد الله بن سخبرة، أن أبا موسى أخبرهم، صحيح لغيره، وهذا إسناد ضعيف لضعف ليث- وهو ابن أبي سليم- وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، قال ابن حجر في "التقريب": صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك.
فاحتج قوم بهذه الأحاديث على أن الجنازة إذا مرت بأحد يقوم لها؛ وهم: المسور بن مخرمة، وقتادة، ومحمد بن سيرين، والشعبي، والنخعي، وإسحاق بن إبراهيم، وعمرو بن ميمون
(1)
.
وقال أبو عمر في التمهيد: جاءت آثار صحاح ثابتة توجب القيام للجنازة، وقال بها جماعة من السلف والخلف ورووها غير منسوخة. وقالوا: لا يجلس من اتبع الجنازة حتى توضع عن أعناق الرجال؛ منهم الحسن بن علي، وأبو هريرة، وابن عمر، وابن الزبير، وأبو سعيد الخدري، وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهم. وذهب إلى ذلك الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق. وبه قال محمد بن الحسن رحمهم الله
(2)
.
وقال الطحاوي: وخالفهم آخرون في ذلك فقالوا: ليس على من مرت به جنازة أن يقوم لها ولمن تبعها أن يجلس وإن لم توضع
(3)
.
[170 أ/س]
وأراد بالآخرين - على ما قال العيني - عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، ونافع بن جبير، /وأبا حنيفة، ومالكًا، والشافعي وأبا يوسف ومحمدًا. وهو قول عطاء بن أبي رباح ومجاهد وأبي إسحاق. ويروي ذلك عن علي بن أبي طالب، وابنه الحسن، وابن عباس، وأبي هريرة رضي الله عنهم، قاله الحازمي.
(4)
(1)
المحلى (3/ 380).
(2)
التمهيد (33/ 264).
(3)
شرح معاني الآثار، كتاب الجنائز، باب الجنازة تمر بالقوم أيقومون لها أم لا؟ (1/ 490)(2810).
(4)
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (1/ 120)، وعمدة القاري (8/ 107).
وقال القاضي عياض: ومنهم من ذهب إلى التوسعة والتخيير وليس بشيء؛ وهو قول أحمد، وإسحاق، وابن حبيب، وابن الماجشون من المالكية
(1)
.
وهؤلاء الذين قالوا: ليس على من مرت به جنازة أن يقوم لها، ذهبوا إلى أن الأمر بالقيام منسوخ وتمسكوا في ذلك بأحاديث؛ منها: ما أخرجه مسلم في صحيحه عن علي رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنازة ثم جلس بعد"
(2)
.
وعند ابن حبان في صحيحه: "كان يأمر بالقيام في الجنائز ثم جلس بعد ذلك وأمر بالجلوس"
(3)
قال الحازمي: قال أبو إسحاق إبراهيم بن عبدالرحمن، حدثنا أبو بكر الطبري، حدثنا يحيى بن محمد البصري، حدثنا أبو حذيفة، عن سفيان، عن ليث، عن مجاهد، عن أبي معمر قال:" مرت بنا جنازة فقمت، فقال علي: رضي الله عنه من أفتاك هذا؟ قلت: أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، فقال علي رضي الله عنه: ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة، فلما نسخ ذلك ونُهِىَ عنه" انتهى
(4)
.
ثم إنهم اختلفوا في الأمر المذكور في الحديث؛ فقيل: للوجوب وأن القيام للجنازة إذا مرت واجب، وقيل: للندب والاستحباب، وإليه ذهب ابن حزم
(5)
.
(1)
إكمال المعلم (3/ 422).
(2)
صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب نسخ القيام للجنازة (2/ 662)(962).
(3)
صحيح ابن حبان، كتاب الجنائز، فصل في القيام للجنازة، (7/ 326)(3056)، من طريق عبدة بن سليمان، عن محمد بن عمرو عن واقد بن عمرو بن سعد، عن نافع بن جبير، عن مسعود بن الحكم عن علي، إسناده حسن. محمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص الليثي قال ابن حجر في "التقريب"(ص: 499)(6188): وهو صدوق له أوهام، وأخرجه أحمد في مسنده، مسند علي رضي الله عنه (2/ 57)(623)، بهذا الإسناد.
(4)
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (1/ 121)، وأخرجه النسائي في سننه الصغرى (4/ 46)(1923)، من طريق سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن أبي معمر، إسناده متصل، رجاله ثقات.
(5)
المحلى (3/ 380).
وقيل: كان واجبًا ثم نسخ على ما ذكر، واختار النووي أنه للاستحباب، وإليه ذهب المتولي/ من الشافعية. وقال النووي: والحديث ليس بمنسوخ ولا يصح دعوى النسخ في مثل هذا؛ لأن النسخ إنما يكون إذا تعذر الجمع بين الأحاديث ولم يتعذر ههنا
(1)
.
[74 ب/ص]
وقال العيني
(2)
: ورد التصريح بالنسخ في حديث علي رضي الله عنه، المذكور آنفًا، وتكلم الشافعي، على حديث
(3)
عامر بن ربيعة باحتمالات حكاها عنه البيهقي والحازمي، فقال: وهذا لايعد في أن يكون منسوخًا، أو أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قام لها لعلة، وقد رواها بعض المحدثين أنها كانت جنازة يهودي، فقام لها كراهة أن تطوله
(4)
.
قال: وأيهما كان فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تركه بعد فعله، قال: والحجة في ذلك الآخر من أمره؛ إن كان الأول واجبًا فالآخر من أمره ناسخ، وإن كان مستحبًا فالآخر هو المستحب، وإن كان مباحًا فلا بأس بالقيام. قال: والقعود أحب إليّ؛ لأنه الآخر من فعله صلى الله عليه وسلم
(5)
.
[170 أ/ص]
/ثم الأمر بالقيام للجنازة - في حديث الباب وغيره- عام في جنازة المسلم وغيره من أهل الكتاب، وقد ورد في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه التصريح بذلك فيما رواه عبدالله بن أحمد في زياداته على المسند، والطحاوي من رواية ليث عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم
(1)
شرح النووي على مسلم (7/ 27).
(2)
عمدة القاري (8/ 108).
(3)
[حديث] سقط من ب.
(4)
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (1/ 119).
(5)
السنن الكبرى للبيهقي، جماع أبواب المشي بالجنازة، باب حجة من زعم أن القيام للجنازة منسوخ (4/ 43). والاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار (1/ 121).
قال: "إذا مرت بكم جنازة، فإن كان مسلمًا أو يهوديًا أو نصرانيًّا فقوموا لها، فإنه ليس يقوم لها ولكن يقوم لمن معها من الملائكة"
(1)
.
وقال الشيخ زين الدين، في حديث أبي موسى: هذا
(2)
التخصيص بجنازة المسلم وأهل الكتاب، والعلة المذكورة فيه تقتضي عدم تخصيصه بهم؛ بل تشمل جميع بني آدم وإن كانوا كفارًا غير أهل كتاب؛ لأن الملائكة مع كل نفس
(3)
.
واختلفت الأحاديث في تعليل القيام بجنازة اليهودية، ففي حديث جابر رضي الله عنه التعليل، بقوله:"إن الموت فزع" أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي
(4)
.
وفي حديث سهل بن حنيف وقيس رضي الله عنهما التعليل بكونها نفسًا، يعني نفسًا ماتت؛ فالقيام لها لأجل صعوبة الموت وتذكره، لا لذات الميت. أخرجه البخاري ومسلم والنسائي أيضًا
(5)
.
وفي حديث أنس رضي الله عنه: " إنما قمنا للملائكة" أخرجه النسائي من رواية حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس، رضي الله عنه:" أن جنازة مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقام، فقيل: إنها جنازة يهودي، فقال: إنما قمنا للملائكة "
(6)
، يعني ملائكة العذاب، ورجاله رجال الصحيح.
(1)
مسند أحمد بن حنبل، حديث أبي موسى الأشعري، (32/ 477)(19705)، حديث أبي موسى، وهو صحيح لغيره، ليث- وهو ابن أبي سليم- ضعيف، وبقية رجال الإسناد ثقات رجال الشيخين قال ابن حجر في "التقريب": صدوق اختلط جدا ولم يتميز حديثه فترك. وشرح معاني الآثار (1/ 489)(2807).
(2)
[هذا] سقط من ب.
(3)
عمدة القاري (8/ 108).
(4)
صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب من قام لجنازة يهودي (2/ 85)(1311) *صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (2/ 660)(960) * السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز القيام لجنازة أهل الشرك (4/ 45)(1922).
(5)
صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب من قام لجنازة يهودي (2/ 85)(1312) * صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (2/ 661)(961) * السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز القيام لجنازة أهل الشرك، (4/ 45)(1921).
(6)
السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز القيام لجنازة أهل الشرك، (4/ 47)(1929).
وفي حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه: " إنما تقومون إعظامًا للذي يقبض الأرواح" أخرجه ابن حبان في صحيحه من رواية ربيعة بن سيف المعافري، عن أبي عبدالرحمن الحبلي
(1)
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه، قال:"سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، تمر بنا جنازة الكافر أفنقوم لها؟ قال: نعم، فقوموا لها فإنكم لستم تقومون لها، إنما تقومون إعظامًا للذي يقبض الأرواح"
(2)
.
وفي حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما، أنه كره أن تعلو رأسَه، أخرجه النسائي، قال الحسن: مر بجنازة يهودي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريقها جالسًا، فكره أن تعلوَ رأسَهُ جنازةُ يهودي فقام"
(3)
[171 أ/س]
وفي حديث رواه الطحاوي بإسناده عن الحسن وابن عباس أو عن أحدهما رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم /مرت به جنازة يهودي فقام، فقال: "آذاني نتنها" ويروى: "أذاني ريحها"
(4)
.
(تكميل) وفي حديث علي رضي الله عنه عند مسلم "أنه صلى الله عليه وسلم قام ثم قعد" قال البيضاوي: يحتمل قول علي: "ثم قعد" أي: بعد أن جاوزت به وبعدت عنه قعد، ويحتمل أن يريد: كان يقوم في وقت، ثم ترك القيام أصلًا، وعلى هذا يحتمل أن يكون فعله الآخر قرينة على أن المراد بالأمر الوارد في ذلك
(1)
سقط من (ب).
(2)
صحيح ابن حبان، كتاب الجنائز، فصل في القيام للجنازة (7/ 324)(3053)، إسناده قوي رجاله ثقات رجال الصحيح غير بيعة بن سيف قال ابن حجر في "التقريب" (ص: 207) (1906): صدوق له مناكير.
(3)
السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز القيام لجنازة أهل الشرك، (4/ 47)(1927)، من طريق حاتم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن الحسن بن علي، وصححه الشيخ الألباني.
(4)
شرح معاني الآثار، كتاب الجنائز، باب الجنازة تمر بالقوم أيقومون لها أم لا؟ (1/ 488)(2797)، من طريق ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: سمعت محمد بن عمر يحدث عن الحسن، وابن عباس رضي الله عنهما، أو عن أحدهما. وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده ضعيف لانقطاعه، فإن محمد بن عمر- وهو ابن علي بن أبي طالب- لم يدرك الحسن وابن عباس.
الندبُ، ويحتمل أن يكون نسخًا للوجوب المستفاد من ظاهر الأمر، والأول أرجح؛ لأن احتمال المجاز أولى من دعوى النسخ. انتهى
(1)
.
وقال الحافظ العسقلاني: والاحتمال الأول يدفعه ما رواه البيهقي في حديث علي رضي الله عنه أنه أشار إلى قوم قاموا أن يجلسوا، ثم حدثهم بالحديث، ومن ثمَّ قال بكراهية القيام جمعٌ؛ منهم: سليم الرازي، وغيره من الشافعية. انتهى
(2)
.
وبالكراهية صرح النووي في الروضة،
(3)
لكن قال المتولي بالاستحباب، قال في المجموع: وهو المختار، فقد صحت الأحاديث بالأمر بالقيام ولم يثبت في القعود شيء إلا حديث علي رضي الله عنه، وليس صريحًا في النسخ؛ لاحتمال أن القعود فيه لبيان الجواز. وذكر مثله في شرح مسلم
(4)
.
وفي رواية للبيهقي "أن عليًّا رضي الله عنه رأى ناسًا قيامًا ينتظرون الجنازة أن توضع، فأشار إليهم بدرة معه أو سوط أن اجلسوا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جلس بعد ما كان يقوم"
(5)
.
قال [الأوزاعي]
(6)
: وفيما اختاره نظر؛ لأن الذي فهمه عليٌّ رضي الله عنه، التركُ مطلقًا، وهو الظاهر؛ ولهذا أمر بالقعود من رآه قائمًا، واحتج بالحديث. انتهى
(7)
ولذا ذهب إلى النسخ عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود
(8)
، وأبو حنيفة، ومالك، وأبو يوسف، ومحمد رحمهم الله
(9)
.
(1)
فتح الباري (3/ 181).
(2)
فتح الباري (3/ 181).
(3)
روضة الطالبين (2/ 116).
(4)
المجموع (5/ 280) وشرح النووي على مسلم (7/ 27).
(5)
السنن الكبرى للبيهقي، جماع أبواب المشي بالجنازة، باب حجة من زعم أن القيام للجنازة منسوخ (4/ 44)(6888)، من طريق: عبد الرزاق، أخبرني ابن جريج، أخبرني موسى بن عقبة، عن قيس بن مسعود، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه. وأخرجه مسلم في صحيحه (2/ 661)(962). من طريق مسعود بن الحكم، حدثني عن علي بن أبي طالب، أنه قال:«قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قعد»
(6)
الأذرعي، كما جاء في إرشاد الساري (2/ 417).
(7)
إرشاد الساري (2/ 417).
(8)
رواه عنهم عبد الرزاق في مصنفه (3/ 460 - 462)(6315 - 6320).
(9)
التمهيد (23/ 266)، وتبيين الحقائق (1/ 244).
وقد ورد النهي عن القيام في حديث عبادة رضي الله عنه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم للجنازة، فمر به حبر من اليهود، فقال: هكذا نفعل، فقال: اجلسوا وخالفوهم" أخرجه أحمد وأصحاب السنن
(1)
إلا النسائي. قال الحافظ العسقلاني: فلو لم يكن إسناده ضعيفًا لكان حجة في النسخ انتهى
(2)
ثم في حديث الباب رواية تابعي عن تابعي، وصحابي عن صحابي في نسق، وأن سفيان والحميدي مكيان، والزهري وسالم مدنيان.
وقد أخرج متنه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
(3)
.
(1)
سنن الترمذي، أبواب الجنائز، باب ما جاء في الجلوس قبل أن توضع (3/ 331)(1020) من طريق بشر بن رافع، عن عبد الله بن سليمان بن جنادة بن أبي أمية، عن أبيه، عن جده، عن عبادة بن الصامت. وقال: هذا حديث غريب، وبشر بن رافع ليس بالقوي في الحديث. * وسنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (3/ 204)(3176). بهذا الإسناد *وسنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في القيام للجنازة (1/ 493)(1545) بهذا الإسناد.
(2)
بنظر: فتح الباري (3/ 181).
(3)
صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (2/ 659)(958). * السنن الصغرى للنسائي، كتاب الجنائز، باب الأمر بالقيام للجنازة (4/ 44)(1916). * سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب القيام للجنازة (3/ 203)(3173). * سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في القيام للجنازة (1/ 492)(1543). *سنن الترمذي، باب ما جاء في القيام للجنازة، أبواب الجنائز (3/ 351)(1042).