الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ وِتْرًا
.
قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رحمه الله:
1254 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، عن أَيُّوبَ، عن مُحَمَّدٍ، عن أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ-؛ فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي» ، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ:«أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ» . فَقَالَ أَيُّوبُ وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ:«اغْسِلْنَهَا وِتْرًا» . وَكَانَ فِيهِ: «ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا، أَوْ سَبْعًا» ، وَكَانَ فِيهِ أَنَّهُ قَالَ:«ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا، وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا» ، وَكَانَ فِيهِ أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: وَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ.
قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله:
(باب مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُغْسَلَ وِتْرًا) كلمة ما مصدرية، وكذا كلمة أَنْ، أي:(باب: استحباب غسل الميت وترًا)،، وقال الزين ابن المنير: يحتمل أن يكون ما مصدرية، أو موصولة، والثاني أظهر، وتعقبه الحافظ العسقلاني بقوله: وفيه نظر؛ لأنَّه لو كان المراد ذلك لوقع التعبير بمن التي لمن يعقل
(1)
، واعترض عليه العيني: بأنه نظر يستحق العمى؛ لأنَّ المراد من الترجمة: بيان استحباب غسل الميت وترًا، لا بيان من يستحب ذلك؛ فإنَّ حديث الباب بطريقته في بيان الاستحباب لا في
(1)
فتح الباري (3/ 130).
بيان المستحب، وغيره
(1)
، أقولُ: ما قاله العيني في ذاته حق، ولكن لا يدفع النظر الذي أورده الحافظ العسقلاني على ابن المنبر كما لا يخفي على المتدبر.
(حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ
(2)
) ذكر بلا نسبة في أكثر الروايات، وفي رواية الأصيلي محمد بن المثني
(3)
، وقال ابن السكن: هو محمد بن سلام
(4)
، وأخرجه الإسماعيلي من رواية محمد بن الوليد، وهو التستري، ولقبه: حمدان، وهو من شيوخ البخاري أيضًا والله أعلم
(5)
.
(حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ) هو ابن عبد المجيد (الثَّقَفِي) بالمثلثة، والقاف المفتوحين، وبالفاء البصري
(6)
(عن أَيُّوبَ) السختياني (عن مُحَمَّدٍ) هو ابن سيرين (عن أُمِّ عَطِيَّةَ) نسيبة الأنصارية المذكورة آنفًا رضي الله عنها (قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ) زينب أم أمامة رضي الله عنها (فَقَالَ «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) بكسر الكاف، يعني: إن رأيتن ذلك كما صرح في الرواية السابقة (بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي) المرة (الآخِرَةِ كَافُورًا) وفي الرواية السابقة
(1)
عمدة القاري (8/ 42).
(2)
هو: محمد ابن المثنى ابن عبيد العنزي بفتح النون والزاي أبو موسى البصري المعروف بالزمن مشهور بكنيته وباسمه ثقة ثبت من العاشرة (توفي سنة اثنتين وخمسين) تهذيب الكمال (26/ 359)(5579) تقريب التهذيب (1/ 505)(6264).
(3)
إرشاد الساري (2/ 385).
(4)
تقييد المهمل وتمييز المشكل (شيوخ البخاري المهملون)، أبو علي الحسين بن محمد الغساني وكان يَكره أن يقال له الجياني (المتوفِي: 498 هـ)، المحقق: الأستاذ محمد أبو الفضل، وزارة الأوقاف - المملكة المغربية، 1418 هـ-1997 م، قال:(حدثنا محمد حدثنا عبد الوهاب) نسبه ابن السكن في بعضها ابن سلام وقد صرح البخاري باسمه في الأضاحي وفي غير موضع فقال حدثنا محمد بن سلام (ص 478).
(5)
فتح الباري (3/ 130)، عمدة القاري (8/ 42).
(6)
هو: عبد الوهاب ابن عبد المجيد ابن الصلت الثقفي أبو محمد البصري ثقة تغير قبل موته بثلاث سنين من الثامنة مات سنة أربع وتسعين عن نحو من ثمانين سنة. تهذيب الكمال (18/ 503)(3604)، وتقريب التهذيب (1/ 368)(4261).
كافورًا، أو شيئًا من كافور (فَإِذَا فَرَغْتُنَّ) من غسلها (فَآذِنَّنِي) بالمد، وكسر الذال، أي: أعلمنني (فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ) أي: أعلمناه (فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ) أي: إزاره (فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ) أي: اجعلنه شعارًا لها أي ثوبًا يلي جسدها (فَقَالَ) بالفاء، وفي رواية: وقال بالواو، وفي أخرى: قال بدونهما
(أَيُّوبُ) السختياني، وربما يظن أنه معلق، وليس كذلك، بل بالإسناد السابق، وقد رواه الإسماعيلي بالإسنادين معًا موصولًا
(1)
.
[111 أ/ص]
(وَحَدَّثَتْنِي حَفْصَةُ بِمِثْلِ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ، وَكَانَ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ) أي: بنت سيرين أخت محمد بن سيرين (اغْسِلْنَهَا وِتْرًا)؛ لأنَّ الله وتر يحب الوتر، وقال ابن بطال: معنى أمر بالوتر؛ ليستشعر المؤمن في جميع أعماله أن الله واحد لا شريك له
(2)
، وهذا هو موضع الترجمة كما لا يخفى، وأما في رواية محمد بن سيرين؛ /فيؤخذ المطابقة من قوله:"ثلاثًا أو خمسًا"؛ فإنه في معنى قوله: وترًا (وَكَانَ فِيهِ) أيضًا (ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا) فزاد هذه الأخيرة، ولم يقل أو أكثر من ذلك؛ إذ لم يجتمعا إلا عند أبي داود كما مَرَّ (وَكَانَ فِيهِ) أيضًا (أَنَّهُ) صلى الله عليه وسلم (قَالَ: ابدأوا) بجمع المذكر تغليبًا للذكور؛ لأنهن كن محتاجات إلى معاونة الرجال من حمل الماء إليهن ونحوه والخطاب
(3)
باعتبار الأشخاص، ويروى ابْدَأْنَ بلفظ خطاب جمع المؤنث وهو ظاهر
(4)
(بِمَيَامِنِهَا) جمع ميمنة، وكان النَّبي صلى الله عليه وسلم يحبُّ التيامن في شأنه كلِّه حتَّى في تنعله وترجله (وَ) ابدأن أيضًا (مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ) زاد أبو داود "منها"
(5)
(وَكَانَ فِيهِ) أيضًا (أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ) رضي الله عنها (قَالَتْ وَمَشَطْنَاهَا) بالتخفيف أي: سرَّحنا شعرها (ثَلَاثَةَ قُرُونٍ) انتصاب بنزع الخافض أي: بثلاثة قرون، أو على الظرفية أي: في ثلاثة
(1)
عمدة القاري (8/ 42).
(2)
شرح صحيح البخاري لابن بطال (3/ 253).
(3)
[كن محتاجات إلى معاونة الرجال من حمل الماء إليهن ونحوه والخطاب] سقط في ب.
(4)
عمدة القاري (8/ 42).
(5)
سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب كيف غسل الميت (3/ 197)، (3145).
قرون، والقرون: جمع القرن، وهو الخصلة من الشعر
(1)
، وحاصل المعنى جعلنا شعرها ثلاث ضفائر بعد أن حللناها بالمشط.
وفي رواية: "فصيرنا ناصيتها، وقرينها ثلاثة قرون، وألقينا خلفها"
(2)
، وهذا مذهب الشافعية
(3)
، وأحمد
(4)
، وعندنا معشر الحنفية يجعل ضفيرتين على صدرها فوق الدرع
(5)
.
قال العيني: ليس في الحديث إشارة من النَّبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، وإنما المذكور فيه هو الإخبار من أم عطية أنها مشطت شعرها ثلاثة قرون، وكونها فعلت ذلك بأمر النَّبي صلى الله عليه وسلم احتمال، والحكم لا يثبت به؛ لأنَّ ما ذكر زينة، والميت مستغن عنها.
فإنَّ قيل: جاء في حديث ابن حبان: "واجعلن لها ثلاثة قرون"
(6)
.
[50 ب/س]
فالجواب: أنَّ هذا أمر بالتضفير، ونحن لا ننكر التضفير، وإنما ننكر جعلها خلف ظهرها؛ لأنَّ هذا التصنيع زينة، والميت ممنوع عنها، ألا ترى إلى عائشة رضي الله عنها قالت:"علام تنصون ميتكم؟ "
(7)
. أخرجه عبد الرزاق في مصنفه، عن سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، عنها، /وتنصون: من نصوت
(1)
تهذيب اللغة، باب النون والفاء (15/ 335).
(2)
مسند الشافعي، الباب الثالث والعشرون في صلاة الجنائز وأحكامها (1/ 203)(561)، من طريق: هشام بن حسان، عن حفصة بنت سيرين، عن أم عطية.
(3)
الأم (1/ 302).
(4)
المغني (2/ 173).
(5)
المحيط البرهاني (2/ 173).
(6)
صحيح ابن حبان، كتاب الجنائز، ذكر البيان بأن أم عطية إنما مشطت قرونها بأمر المصطفِي صلى الله عليه وسلم، لا من تلقاء نفسها (7/ 304)، (3033).
(7)
مصنف عبد الرزاق، كتاب الجنائز، باب شعر الميت وأظفاره (3/ 437)(6232)، موقوفًا.
الرجل انصوه نصوا إذا مددت ناصيته
(1)
، وأرادت عائشة رضي الله عنها منه أن الميت لا يحتاج إلى التسريح ونحوه؛ لأنه للبلى والتراب، والله أعلم
(2)
.
(1)
تهذيب اللغة، باب الصّاد والنون (12/ 171).
(2)
عمدة القاري (8/ 42).